البرلمان التونسي يسير نحو تعديل قانون يثير انتقادات الصحافيين أو إلغائه

فصول في المرسوم 54 لا تحظى بقبول لدى المجتمع المدني.
الخميس 2024/02/22
تضخيم أصوات

تونس - قدمت كتل نيابية بالبرلمان التونسي الأربعاء مقترحا لتعديل المرسوم 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المرتبطة بأنظمة المعلومات والاتصال بسبب موجة الجدل بشأن الملاحقات القضائية ضد الصحافيين وحرية التعبير، بالإضافة إلى انضمام تونس مؤخرًا إلى اتفاقية مجلس أوروبا المتعلقة بالجريمة الإلكترونية المعتمدة ببودابست.

وذكرت الإذاعة الوطنية أن المقترح حمل توقيع 40 نائبا وهي مبادرة بقيادة كتلة الخط الوطني السيادي. وخلال مداخلة هاتفية مع الإذاعة قدم رئيس كتلة الخط الوطني السيادي ورئيس المجلس الوطني لحركة الشعب عبدالرزاق عويدات لمحة حول أهم المقترحات لتنقيح المرسوم 54، مبينا أنه مقترح تقدم به نواب من مختلف الكتل وكذلك من غير المنتمين للكتل.

وأفاد عويدات بأن التعديلات المقترحة اتجهت أولا للفصل 5 في فقرته الرابعة ثم الفصل 9 و10 و21 و22 و23، لافتا إلى أنه تم اقتراح إلغاء الفصل 24 نهائيا.

وأوضح أن الفصل 24 يتعلق بالثلب، مضيفا أن الثلب له نصوصه في المرسومين 115 و116 ويكفل حق كل من تعرض للاعتداء، مبينا أن هذا الفصل يتناقض مع الدستور التونسي والمرسومين آنفي الذكر.

عبدالرزاق عويدات: الغاية من تعديل المرسوم 54 أن يكون متناغما مع دستور 2022 ويضمن حرية التعبير
عبدالرزاق عويدات: الغاية من تعديل المرسوم 54 أن يكون متناغما مع دستور 2022 ويضمن حرية التعبير

وشدد عويدات على أن الغاية من تعديل المرسوم 54 أن يكون متناغما مع دستور 2022 ويضمن حرية التعبير. ورجحت مصادر مطلعة أن يكون طلب التعديل قد تلقى الضوء الأخضر بداية من الرئيس قيس سعيد، بعد الانتقادات المتزايدة له باعتبار أنه بات يستخدم بغير الهدف الذي وضع من أجله، واضطر في إحدى المرات إلى التدخل شخصيا وإدانة توقيف مراهق بسبب أغنية تنتقد عناصر الأمن.

وجاء المرسوم 54 أساسا استجابة لمطالب منظمات المجتمع المدني بتجريم العنف السيبراني والانتهاكات الرقمية ضد النساء، حيث لا تخضع الجرائم الإلكترونية والجرائم السيبرانية المسلّطة على النساء إلى أيّ قانون بسبب عدم تنظيم الجريمة الإلكترونية في المجلّة الجزائية. وتمّ الاكتفاء بإصدار قوانين ومراسيم متعدّدة ومتفرّقة جرّم من خلالها أفعالا وحدّد لها عقوبات خاصّة يقع اعتمادها من قبل السلطة القضائية.

وباعتبار أن تونس تأخرت في وضع قانون لمكافحة الجرائم الإلكترونية، أصدر الرئيس قيس سعيد بتاريخ 13 سبتمبر 2022 المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال.

وتم إعداد “مشروع قانون يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال”، في ظل حكومة رئيس الحكومة الأسبق الحبيب الصيد حيث طلبت تونس الانضمام إلى اتفاقية “بودابست” لمكافحة الجرائم الإلكترونية. وبناء على ذلك وفي مطلع مايو سنة 2018 صادقت حكومة رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد على مشروع القانون دون تشريك هياكل ومنظمات المجتمع المدني، ثم صدر المرسوم بعد قرابة ثلاثة أشهر من تاريخ تداوله في مجلس الوزراء المنعقد في 27 يونيو 2022.

لكن المرسوم 54 بات يستخدم لمحاسبة الصحافيين وكل منتج أو ناشر لمحتوى على شبكة الإنترنت لا يلتزم بالمحظورات القانونية. ويتضمن عقوبات قاسية في قضايا النشر والتعبير قد تصل إلى خمس سنوات سجنا.

المرسوم 54 بات يستخدم لملاحقة الصحافيين والمدونين ما جعله قيد التعديل أو الإلغاء في البرلمان

وقال زهير المغزاوي رئيس حزب “حركة الشعب” الممثل في البرلمان لوكالة الأنباء الألمانية “استخدم المرسوم في المدة الأخيرة ضد الصحافيين والنشطاء وضد حرية التعبير والحريات بشكل عام”.

وتابع المغزاوي ”هناك فصول في المرسوم لا نرى ضرورة لوجودها وهناك بالفعل قوانين منظمة للعقوبات خارج هذا المرسوم”.

ويواجه المرسوم بانتقادات واسعة من نقابة الصحافيين ومنظمات حقوقية بسبب تهديده لحرية التعبير والعقوبات السجنية التي يتضمنها لاسيما في الفصل 24.

ويفرض الفصل عقوبات يصل أقصاها إلى السجن خمس سنوات وخطايا مالية تصل إلى 50 ألف دينار ضد من ينشر أخبارا كاذبة أو إشاعات بهدف الإضرار بالأمن العام، وتضاعف العقوبات إذا كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو شبهه. واستخدم المرسوم بالفعل لتحريك دعاوى قضائية ضد صحافيين ونشطاء.

وقالت هالة جاب الله رئيسة لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان  هالة جاب الله في مداخلة لها على إذاعة “موزاييك” إنّ مكتب البرلمان سينظر في المقترح أولاً على أن يقوم بعد ذلك بإحالته على إحدى لجان البرلمان للنظر فيه.

وأكدت جاب الله أنّ التوجه العام للتنقيح يتمثل في أن تكون الجريمة تتناسب مع العقاب، مضيفة أنّ المرسوم يجب أن يتماشى مع التشريعات الدولية خصوصًا بعد انضمام تونس مؤخرًا إلى اتفاقية مجلس أوروبا المتعلقة بالجريمة الإلكترونية المعتمدة ببودابست في 2001.

وتم إيقاف ومحاكمة نشطاء وصحافيين ومدونين بمقتضى المرسوم 54 آخرهم عميد الأطباء البياطرة الذي تم الاحتفاظ به، الاثنين 19 فبراير 2024، لمدة 48 ساعة على ذمة التحقيق على خلفية قضية رفعها ضده وزير الفلاحة في تونس عبدالمنعم بلعاتي بسبب تصريحات إعلامية.

5