البرلمان التونسي يدرس مقترح قانون يجرّم التطبيع مع إسرائيل

تونس - بدأت لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان التونسي في دراسة مقترح قانون يطالب بـ"تجريم" التطبيع مع إسرائيل، وهو مقترح يتناغم مع الشعارات التي رفعها الرئيس قيس سعيد في حملته الانتخابية عام 2019.
وقدمت اللجنة "قراءة أولية بخصوص أهمية مشروع القانون بالنسبة للشعب التونسي، ومساندته غير المشروطة للقضية الفلسطينية العادلة"، وفق بيان نشره البرلمان عبر صفحته الرسمية على فيسبوك.
ووفق البيان "تقدّم أعضاء اللجنة بملاحظات بخصوص صياغة مشروع القانون، مؤكّدين الحاجة إلى مراجعتها، لمزيد الدقة والوضوح".
وأضاف "وأبرزوا (أعضاء اللجنة) ضرورة التثبت في محتوى بعض الفصول المقترحة لتكون في تلاؤم وتناغم مع القوانين، خاصة منها المجلة الجنائية".
وأشار البيان إلى أنه "في الختام ثمّن أعضاء اللجنة المبادرة التشريعية لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني باعتبارها تتناغم مع وجدان أغلب التونسيين".
وقررت اللجنة –وفق البيان- عقد جلسة استماع لجهة المبادرة "يتم على أثرها ضبط رزنامة استماعات إلى مختلف الأطراف المتدخلة للاستنارة برأيها حتى يكون مقترح القانون جاهزاً شكلاً ومضموناً".
وعلى المدى السنوات السابقة، رفضت حركة النهضة الإسلامية (الحزب الحاكم سابقا) في ثلاث مناسبات تجريم التطبيع مع إسرائيل، وقامت بتعطيل مشاريع القوانين التي عرضت على البرلمان خلال ثلاثة دورات نيابية، آخرها مشروع القانون الذي أودعته الكتلة الديمقراطية لدى مكتب رئاسة المجلس سنة 2020، ولم يقم رئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي بعرضه في جلسة علنية للبرلمان من أجل مناقشته والتصويت عليه.
ويعكس رفض الغنوشي تجريم التطبيع حالة من التناقض والانتهازية وازدواجية الخطاب، فقد اعتبر رفض التطبيع إثر سقوط نظام بن علي وصعود الحركة إلى الحكم مسألة بديهية، وأكد أنه يرفض دولة الاحتلال ولن يتعامل معها، لكنه في الآن نفسه رفض ترجمة مواقفه إلى أفعال عبر تفعيلها في قوانين، إذ اعتبر مطلب تجريم التطبيع، مطلبا "لا معنى له".
وكان سعيّد قد وصف خلال مناظرة تلفزيونية في الانتخابات الرئاسية 2019، التطبيع بـ"الخيانة العظمى"، وهو ما عزز رصيده في مواجهة منافسه رئيس "قلب تونس" نبيل القروي خصوصا مع تأكيد العديد من الأحزاب القومية والناصرية والبعثية دعمها له.
وقال الرئيس سعيد في حملته الانتخابية إن تونس لا تزال في "حرب" مع إسرائيل على خلفية قصف سلاح الجو الإسرائيلي لمدينة حمام الشط التونسية في عام 1985 مستهدفا مقرا لمنظمة التحرير الفلسطينية، ما تسبب في مقتل العشرات من الفلسطينيين والتونسيين في هجوم لقي إدانة نادرة من مجلس الأمن الدولي.
ورغم الشعارات المنتقدة لسياسات إسرائيل التي اعتمدها الرئيس التونسي خلال حملته الانتخابية إلا أنه لم يتم إدراج تجريم التطبيع في دستور الجمهورية الثالثة في 2022، وأكد رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة في تصريح صحافي أن "تجريم التطبيع هو بصورة عكسية اعتراف بوجود الكيان الصهيوني، وهذا الكيان هو أكبر مظلمة دولية لا بدّ أن تقوم بإصلاحها المؤسسات الدولية، إذ وقع اغتصاب حق شعب، وبالتالي فإنّ القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للشعب العربي".
والمقترح التشريعي الجديد يتزامن مع جدل متصاعد في تونس بشأن تورّط عديد الشخصيات الأكاديمية والفنية في التطبيع، كان أحدثها الضجّة المثارة قبل أسابيع قليلة حول مشاركة الفنانة التونسية آمال المثلوثي في حفلة موسيقية بمدينة حيفا، فضلا عن مشاركة عدد من الأساتذة الجامعيين، يتقدّمهم الحبيب الكزدغلي في مؤتمر علمي وأكاديمي في باريس، إلى جانب باحثين من إسرائيل قبل بضعة أشهر.
ومن المرتقب أن يتم إقرار القانون خصوصا وأن البرلمان الحالي يسيطر عليه القوى القومية واليسارية التي كانت تنادي بدورها إلى سن قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل.
وفي أغسطس 2022، شددت وزارة التجارة وتنمية الصادرات التونسية على التزامها بأحكام "المقاطعة" العربية لإسرائيل وفق مبادئ جامعة الدول العربية، وذلك ردا على ما تتداوله تقارير ومواقع إخبارية عن إجرائها مبادلات تجارية مع إسرائيل.
وبدأت تونس المقاطعة الرّسمية المنظمة لإسرائيل عن طريق جامعة الدول العربية بعد حرب 1948، فيما اختلف تنفيذ هذه المقاطعة من دولة لأخرى.
وتسارعت وتيرة تطبيع عدد من الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بموجب "اتفاقيات إبراهيم".
وفي 15 سبتمبر 2020، وقعت إسرائيل والإمارات والبحرين اتفاقيات تطبيع العلاقات المعروفة بـ"اتفاقيات إبراهيم"، ثم انضم إليها المغرب والسودان.