البرلمان التركي يمنح وزير الداخلية صلاحية فرض الوصاية على المنظمات المدنية

المعارضة التركية تتخوف من استخدام الإرهاب كورقة ضغط لتقييد أنشطة المجتمع المدني.
الأحد 2020/12/20
القوة لكبت الحرية

أنقرة – لم يتوان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن مساعيه في الحدّ من الحريات ولجم الأصوات المعارضة له فقط، بل عمد أيضا إلى منح وزير الداخلية سليمان صويلو، الوصاية على المنظمات المدنية.

وصوت البرلمان التركي، الذي يتمتع فيه حزب العدالة والتنمية الحاكم وحلفاؤه القوميون بالأغلبية، على مشروع قانون جديد يمنح وزير الداخلية صلاحية وقف أنشطة منظمات المجتمع المدني وعزل أعضاء مجالس إدارتها ووضعها تحت الوصاية.

وجاء ذلك رغم انتقادات الأحزاب المعارضة للقانون الذي يمنح وزير الداخلية صلاحية كبرى، لتخوفها من استخدام معضلة الإرهاب للمزيد من التضييق على الحريات وتقييد أنشطة المجتمع المدني.

وبموجب القانون الجديد أصبح باستطاعة وزير الداخلية إقالة أعضاء المجالس الإدارية للجمعيات والقائم بحقها تحقيقات في إطار الإرهاب وإيقاف أنشطة تلك الجمعيات بشكل مؤقت وتعيين وصاة عليها إن استدعت الحاجة إلى ذلك.

وتوضح المادة الخامسة عشرة من القانون أنه بالإمكان إيقاف منظمات المجتمع المدني النشطة في المجالات المختلفة بشكل مؤقت وعزل القائمة بحقهم تحقيقات في إطار الإرهاب من مجالس الإدارة الخاصة بتلك الجمعيات بشكل مؤقت كإجراء احترازي بجانب مصادرة وزير الداخلية للجمعيات بشكل مؤقت في حال ما لم تكن الإجراءات الاحترازية المتخذة كافية أو إن كان التأخير سيشكل مشكلة، لتتولى المحكمة متابعة هذا القرار في غضون 48 ساعة.

ويشدّد خبراء الأمم المتحدة في تقارير عدة على قلقهم من توظيف تهم الإرهاب بغرض استهداف الممارسة المشروعة لحرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات في تركيا، ويحذّرون من أن الحيّز المتاح للتعددية السياسية في البلاد ما فتئ يضيق وأحزاب المعارضة والمنظمات المدنية أصبحت عرضة لتوجيه اتهامات إليها ذات صلة بالإرهاب.

وتواجه تركيا منذ سنوات انتقادات متنامية في ما يتعلق بسجلها المتدهور بشأن الحقوق المدنية، وقد عبر حلفاء أنقرة الأوروبيون مرارا عن قلقهم من أن الدولة العضو بحلف شمال الأطلسي تنزلق أكثر نحو الحكم السلطوي تحت قيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.

ويقول مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن أنقرة ألقت القبض منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 على 160 ألف شخص وفصلت نفس العدد تقريبا من الوظائف العامة، فيما وجهت أيضا اتهامات رسمية لأكثر من 50 ألف شخص وظلوا في السجون على ذمة محاكماتهم.

وشهدت تركيا محاولة انقلاب فاشلة في يوليو 2016، وهي عملية أعلنت على إثرها الحكومة التركية حالة الطوارئ للسيطرة على الوضع، بعد أن زعمت بأنها مدبرة من قبل أتباع الداعية الإسلامي في المنفى بالولايات المتحدة فتح الله غولن.

ومنذ تلك الحادثة شن نظام أردوغان حملة شرسة على منظمات مدنية ووسائل إعلام محلية معارضة وحتى دولية وتم سجن عشرات الآلاف من المعارضين والعشرات من الصحافيين والموظفين حيث يُتهم هؤلاء بالتورط في عملية الانقلاب الفاشلة.

وكان البرلمان التركي منح في يونيو الماضي حراس الأحياء الذين يقومون بدوريات ليلية للإبلاغ عن سرقات وحالات إخلال بالنظام العام، الصلاحيات نفسها التي يتمتع بها رجال الشرطة، وأصبح بإمكانهم حيازة واستخدام أسلحة نارية في حال الضرورة واعتراض أفراد للتدقيق في هوياتهم أو تفتيشهم.

وأدت دراسة مشروع القانون في البرلمان إلى نقاشات حادة بلغت حدّ العراك بالأيدي، إذ ترى المعارضة التركية أن أردوغان يسعى عبر تعزيز الحراس، لزيادة الضغط على المجتمع والإبقاء على سلطته وإضعاف دولة القانون بشكل أكبر.

وكان أردوغان قد تحدث عن رغبته في “سماع صفارات الحراس مرة أخرى في الليل” بعد وقت قصير من نجاة حكومته من محاولة الانقلاب في 2016.

وبعد أشهر، وضعت وزارة الداخلية خططا لإعادة إحياء هذه الفرقة، وقررت توظيف الآلاف من المجندين في 2017 ليزداد هذا العدد بحوالي 10 آلاف في كل سنة تلت هذا القرار.

وتتهم المعارضة التركية أردوغان بمحاولة تشكيل "ميليشيات" خاصة به تأتمر بأوامر وزير الداخلية الذي منح صلاحيات واسعة لتطويع معضلة الإرهاب في الحد من الأصوات المعارضة والمنظمات المنددة بسياسة الرئيس التركي.