البرلمان الأردني يستفز النقابات بإقرار تعديلات مثيرة للجدل على قانون العمل

يجري مجلس النواب الأردني نقاشات هذه الأيام حول بنود مشروع قانون العمل المعدل الذي كانت قد تقدمت به الحكومة في وقت سابق، وأقر المجلس عددا من البنود التي أثارت غضب النقابات لاسيما في علاقة بالبند الذي يسمح لصاحب العمل بفصل الموظفين من دون العودة إلى الجهات المعنية.
عمان - لاقت التعديلات التي أقرها مجلس النواب الأردني بشأن قانون العمل انتقادات واسعة من قبل النقابات، التي عدتها تراجعا عما جرى الاتفاق بشأنه مع الحكومة ولجنة العمل والتنمية النيابية. وبدأ مجلس النواب الأردني جلسات لمناقشة التعديلات المطروحة على قانون العمل لعام 2024، وأقر خلالها الأربعاء خمس مواد من أصل 18 مادة ضمن مشروع القانون، من بينها مادة تتعلق بالسماح لصاحب العمل بفصل العاملين من دون أي ضوابط أو قيود.
وأعرب الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن عن تفاجئه بمخالفة مجلس النواب قرارَ لجنة العمل والتنمية النيابية، حيث وافق المجلس على تعديل المادة 31 من قانون العمل، بمنح صاحب العمل صلاحية إنهاء خدمات 5 في المئة من العاملين لديه عند الهيكلة، دون الرجوع إلى وزارة العمل أو الحصول على موافقة منها، الأمر الذي يتناقض، وفق الاتحاد، مع التوافق التي حصل، بعد مشاركة الاتحاد والنقابات العمالية المنضوية تحت مظلته، بنقاشات اللجنة والحكومة، وذلك قبل أن يعرض مشروع القانون على المجلس للتصويت عليه وإقراره.
واعتبر الاتحاد أن هذا التعديل مخيب للآمال، لما له من تداعيات خطيرة على مصالح العمال وإلحاق الضرر بهم، كما أنه يهدد الأمن والاستقرار الوظيفي للعاملين، ويترك آثارا سلبية على الأمن الاجتماعي في ظل معدلات البطالة المرتفعة، وحالات تسريح العمال التي تقع بسبب ثغرات موجودة في القانون الحالي. وأكد اتحاد العمال أن تمرير هذه المادة يمنح أصحاب العمل غطاءً قانونيًا لتسريح الموظفين دون قيود، ما يفاقم مشكلة البطالة ويفتح الباب أمام حالات تسريح العمال بشكل واسع.
وطالب مجلس النواب بإعادة النظر في قراره، والأخذ بقرارات لجنة العمل، بعدم إجراء أي تعديل على المادة 31 والإبقاء عليها كما وردت في القانون الأصلي، مع ضرورة الأخذ بقرارات اللجنة في المواد الأخرى حيث جرت مناقشتها وبيان موقف الحركة العمالية والنقابية منها، داعيا في الوقت ذاته مجلس الأعيان إلى عدم الموافقة على التعديلات المطروحة في حال أقرها مجلس النواب، نظرا لخطورتها على مصالح العمال.
وسبق أن انتقد المرصد العمالي مشروع قانون العمل الجديد، وشدد على ضرورة أن تتضمن التعديلات بنودا أكثر تعزيزا لحقوق العمال وحمايتهم وخاصة في مواجهة حالات الفصل التعسفي التي يقوم بها بعض أصحاب العمل ودون مبررات، فقط لتحقيق عائدات مالية وزيادة الأرباح. وقال المرصد إن أصحاب العمل يتذرعون عادة بحجج واهية لفصل العمال أو عدد منهم وربما تخفيض أجورهم المتدنية أصلا رغم رفع حدها الأدنى إلى 290 دينارا باستثناء العاملين في قطاع المنسوجات.
ويأتي إقرار قانون العمل المعدل في وقت تعاني فيه المملكة من معدلات بطالة مرتفعة تجاوزت سقف العشرين في المئة خلال عام 2024، ويرى منتقدو المشروع أنه بدل العمل على تعزيز أوضاع العمال وخلق شبكة أمان وظيفي تمعن الحكومة ومجلس النواب في استهداف هذه الطبقة المنتجة.
في المقابل ترى الحكومة أن مشروع قانون العمل المعدل حقق عدة مكاسب للعمال، وقال وزير العمل خالد البكار إن المشروع لا يهدف إلى التحيز لأي طرف، بل يسعى لتحسين التشريع وتجويده. وعدّد البكار بعض المكاسب في المشروع الذي تجري مناقشته في مجلس النواب، ومن ضمنها أنه لم تعد هُناك إشكالية مع صاحب العمل حول المرأة الحامل، مؤكدا أنه لا يجوز تحت أي ظرف فصلها عن العمل.
وأضاف أن المادة 35 من القانون تتحدث عن العامل المُثبت في عمله، وليس العامل غير المُثبت، مشيرا إلى أن صاحب العمل يستطيع خلال فترة التجربة إنهاء خدمات العامل غير المُثبت وليس المُثبت. ولم تقتصر الانتقادات لقانون العمل المعدل على النقابات والهيئات الداخلية، حيث عبرت منظمة العمل الدولية في وقت سابق عن بعض الاحترازات، مطالبة بإلغاء المادة 98 من القانون.
وتمنح المادة 98 (د) من قانون العمل وزير العمل صلاحيات لإصدار قائمة مغلقة من الصناعات والأنشطة الاقتصادية، بحيث يُسمح بتأسيس نقابة واحدة فقط في كل قطاع، وهو ما يؤدي إلى استبعاد فئات كاملة من العمال من الحق في تأسيس النقابات والانضمام إلى المنظمات النقابية، وبالتالي حرمانهم من ممارسة المفاوضة الجماعية.
وقالت منظمة العمل الدولية إن مثل هذا التقييد يتعارض مع مبادئ الاتفاقيات الدولية لحقوق العمال، ويؤدي إلى احتكار نقابي قائم على 17 نقابة قطاعية تابعة لاتحاد واحد. وأكدت اللجنة، وفقًا لما أورده المرصد العمالي، أن إنشاء قائمة محددة من المهن للاعتراف بالحق في التجمع بحرية يعد انتهاكًا للحقوق الأساسية للعمال، الذين ينبغي أن يتمتعوا بحرية تأسيس النقابات التي تعبر عن مصالحهم والانضمام إليها.
ودعت المنظمة الحكومة الأردنية إلى اتخاذ تدابير فورية لإلغاء المادة 98 (د)، واتخاذ إجراءات فعالة لضمان تمتع جميع العمال، في جميع القطاعات، بحقهم في التنظيم والمفاوضة الجماعية من خلال النقابة التي يختارونها دون أي تمييز. وقالت إن هذا النص يتعارض مع الحق الدولي في تأسيس النقابات والانضمام إليها بحرية، بحيث تكون مستقلة عن أي قيود تتعلق بالقطاع أو الوظيفة، ما يحرم العديد من العمال من هذا الحق الأساسي.