البراميل العالقة في الصين تعكس تحديات بيع النفط الإيراني

تزايد الحاجة إلى استرداد الخام مع احتمال تشديد ترامب للعقوبات.
الخميس 2025/01/09
التخزين في المستودعات أيضا مكلف

يعطي الضغط الإيراني على الصين لاسترداد الملايين من براميل النفط العالقة منذ ست سنوات تأكيدا على مدى الصعوبات التي تواجه طهران في بيع خامها حتى لأقرب حلفائها، خاصة مع العقوبات الأميركية المحتملة التي سيفرضها دونالد ترامب مع عودته إلى الرئاسة هذا الشهر، لأنها ستزيد من خنق اقتصادها.

لندن – كشفت مصادر مطلعة، ثلاثة منها إيرانية وأحدها صيني، الأربعاء، أن طهران تسعى لاستعادة 25 مليون برميل من النفط عالقة في ميناءين بالصين منذ ست سنوات بسبب العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب.

ويعود ترامب إلى السلطة في العشرين من يناير الجاري، ويتوقع محللون أن يشدد العقوبات مجددا على صادرات النفط الإيرانية للحد من الإيرادات التي تحصل عليها طهران، كما فعل خلال ولايته الأولى.

واشترت الصين، التي لا تعترف بالعقوبات أحادية الجانب، نحو 90 في المئة من صادرات إيران خلال السنوات القليلة الماضية بخصومات وفرت على مصافي التكرير لديها المليارات من الدولارات.

لكن النفط العالق، والذي تبلغ قيمته 1.75 مليار دولار بأسعار اليوم، يسلط الضوء على التحديات التي تواجهها إيران في بيع النفط حتى بالصين.

وفيما لم تعلق وزارة النفط الإيرانية على الأمر، ذكرت وزارة الخارجية الصينية لرويترز أن تعاون بكين مع طهران “مشروع”، لكنها أحجمت عن الإدلاء بالمزيد من التعليقات.

ويقول خبراء إن إيران التي يعاني اقتصادها من إجهاد كبير بسبب الحظر الأميركي باتت مجبرة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا مطلع 2022 على خفض أكبر لسعر بيع نفطها الرخيص أصلا، حيث تكتسب حليفتها روسيا موطئ قدم أكبر في السوق الصينية المهمة.

مصافي التكرير الصينية تشتري 90 في المئة من الصادرات الإيرانية بخصومات، ما وفر عليها إنفاق مليارات الدولارات

وأضحت الصين وجهة ذات أهمية بالنسبة إلى النفط الروسي، حيث عملت موسكو على الحفاظ على التدفقات النقدية عقب تداعيات غزوها لأوكرانيا، وما نتج عنه من تضييق الخناق على صادرات خامها إلى الأسواق الأوروبية.

وهذا الوضع أسفر عن اشتعال المنافسة مع إيران في أحد الأسواق القليلة المتبقية لشحنات النفط الخام، والتي جرى الحد منها بطريقة هائلة نتيجة العقوبات الأميركية.

وتعافى إنتاج النفط الإيراني بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مدفوعا بمشتريات المصافي في الصين، أكبر زبائن طهران، للبراميل منخفضة الأسعار، كما أن تخفيف إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن من فرض العقوبات ساهم في كبح ارتفاع تكاليف البنزين.

ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كان تعافي الإنتاج سيثبت مرونته في مواجهة ولاية ترامب الثانية، حتى مع الشبكة اللوجستية الهائلة التي بنتها إيران للالتفاف على العقوبات.

ويقول محللون إن على الرغم من خضوعها للبعض من أكثر العقوبات الغربية صرامة، أسست طهران تجارة عالمية مزدهرة لنفطها بالاعتماد على أسطول ظل من الناقلات التي تخفي أنشطتها.

وتشير التقديرات إلى أن ثالث منتجي منظمة أوبك بعد السعودية والعراق، يجني أكثر من 50 مليار دولار سنويا كإيرادات من تجارة الخام، وهي أكبر مصدر لها على الإطلاق للعملة الأجنبية، وسبيلها الرئيسي للاتصال بالاقتصاد العالمي.

وبلغت عائدات إيران من بيع النفط 53 مليار دولار في عام 2023 مقارنة مع 54 مليار دولار قبل عام، و37 مليار دولار في 2021، و16 مليار دولار في 2020، وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

ولكن شأنها شأن المنتجين الآخرين، وخاصة في تحالف أوبك+، تواجه إيران انخفاضا بنسبة 15 في المئة بأسعار الخام منذ أواخر يونيو الماضي، وسط احتمال أن تؤدي تخمة المعروض العالمي الوشيكة إلى إحداث المزيد من تراجعات الأسعار خلال 2025.

وبالنسبة للعلاقة مع الصين، تتم إعادة تسجيل معظم النفط الإيراني المبيع إلى بكين على أنه غير إيراني عندما يكون في طريقه إلى الموانئ الصينية.

لكن اثنين من المصادر الأربعة المطلعة على الشحنات أوضحا أن النفط العالق تم تسجيله على أنه إيراني عندما سلمته شركة النفط الوطنية الإيرانية (نيوك) إلى ميناءين بالصين في أكتوبر 2018 تقريبا، بموجب إعفاءات منحها ترامب.

وذكرت المصادر أن نيوك خزنت النفط في ميناءي داليان وتشوشان في شرق الصين، حيث استأجرت صهاريج. وأتاح ذلك للشركة الإيرانية المرونة لبيع النفط في الصين أو شحنه إلى مشترين آخرين في المنطقة.

1.7

مليار دولار قيمة 25 مليون برميل مخزنة في مينائي داليان وتشوشان منذ أكتوبر 2018

وأكدت ثلاثة مصادر أن في أوائل عام 2019، ألغى ترامب الإعفاءات ولم تجد براميل النفط مشترين أو تتجاوز الجمارك الصينية، لتظل عالقة في المستودعات.

ووفق مصدر إيراني، تدير خزانات النفط في داليان شركة بي.دي.أي إنيرجي، التي تطالب طهران بدفع أكثر من 450 مليون دولار عبارة عن رسوم تخزين متراكمة منذ عام 2018. وفي تشوشان، تدير شركة سي.جي.بي.سي الخاصة المستودعات.

ولم تستجب شركة ميناء لياونينغ، التي تسيطر على بي.دي.أي إنيرجي في داليان، لطلب التعليق. ولم تتمكن رويترز من التواصل مع شركة سي.جي.بي.سي للحصول على تعقيب إذ لم تتلق الوكالة ردا على مكالماتها الهاتفية.

وأوضحت مصادر إيرانية أخرى أن المحادثات بين المسؤولين الإيرانيين ومشغلي المستوعات الصينيين بشأن دفع رسوم التخزين وغيرها من شروط استرداد النفط باتت أكثر إلحاحا خلال الأسابيع القليلة الماضية بسبب مخاوف طهران من أن يشدد ترامب العقوبات مجددا.

وبحسب مصدر إيراني ثان، فإن وزير الخارجية عباس عراقجي زار بكين في ديسمبر الماضي، وأحرز بعض التقدم بشأن مسألة النفط العالق، لكنه لم يذكر المزيد من التفاصيل.

وقال أحد المصادر الإيرانية إن “طهران ستضطر إلى إعادة تحميل النفط من المستودعات إلى السفن ونقله من سفينة إلى أخرى في البحر وإعادة تسجيله حتى تتمكن من بيعه.” واستند في توقعه إلى خبرته بشأن صادرات النفط الإيرانية وإجراءات الجمارك الصينية.

وفي مايو 2024، أقرت إيران خطة لرفع إنتاجها من الخام إلى 4 ملايين برميل يوميا من متوسط يومي يبلغ حاليا 3.6 مليون برميل، في وقت تواجه فيه أزمة في صيانة مرافقها الصناعية بسبب العقوبات الغربية.

وسيتم تنفيذ الخطة من قبل شركة نيوك بتمويل قدره 3 مليارات دولار، وفق ما أشارت إليه وكالة إرنا الإيرانية آنذاك، لكن مصادر الأموال تظل محل جدل، لاسيما وأن البلد أساسا لا يزال يعاني من مشاكل في السيولة.

11