البحرين في مهمة صعبة لتنظيف صناعة الألومنيوم

شركة ألبا تسعى لتخفيض الانبعاثات بإقامة المزيد من مشاريع الطاقة المستدامة في عمليات الإنتاج.
السبت 2023/01/14
الاجتهاد وحده لا يكفي!

تواجه البحرين مهمة صعبة في طريق تنظيف صناعة الألومنيوم التي تعد أحد أبرز قاطرات الاقتصاد، إذ يبدو أنها تحتاج إلى تطوير رؤيتها المستقبلية للقطاع بما يواكب إستراتيجيتها بمسح بصمتها الكربونية في غضون 4 عقود من حيث التشريعات والاستثمارات.

المنامة - أقرت شركة ألومنيوم البحرين (ألبا) بصعوبة الوصول إلى هدفها المتعلق بتحقيق الحياد الكربوني في هذه الصناعة على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة لمواكبة خطط جيرانها في منطقة الخليج لتنظيف صناعاتها.

والشركة من أول الكيانات المملوكة للدولة التي يتوقع أن تترجم مساعي المنامة ضمن خطوة إستراتيجية لتعزيز جهود أكبر منتج في هذه الصناعة خارج الصين في تطبيق أفضل الممارسات في الجوانب البيئية والاجتماعية والحوكمة.

وتعول الحكومة على خطط الشركة لإزالة الكربون، حيث سيكون لها دور رئيسي في تحقيق أهداف الحياد الصفري الكربوني والطاقة المتجددة في البلد بعدما أعلن المسؤولون العام الماضي عن خطة لإنجاح هذا المسعى.

وكانت ألبا قد وقعت مطلع 2022 شراكة مع شركة ميتسوبيشي اليابانية تهدف إلى التعاون في مجال الإنتاج معدوم الكربون في ترجمة صريحة لتوجهات البحرين في هذا المضمار.

ولكن في تحول مفاجئ، قال الرئيس التنفيذي للشركة علي البقالي الجمعة على هامش مؤتمر التعدين الدولي، الذي تحتضنه العاصمة السعودية الرياض، إن “ألبا تواجه صعوبات كبيرة في الوصول إلى هدفها بحلول عام 2060”.

وأوضح في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ الشرق أن الوصول إلى الحياد الكربوني، لا يعني أنَ الشركة لن تكون لديها انبعاثات كربونية، إذ إنَه يتمثل في كيفية استخدام الموارد بكفاءة أعلى ومن مصادر طاقة نظيفة.

وأنهت ألبا العام الماضي بتحقيق نمو في الإنتاج بمقدار 2.5 في المئة على أساس سنوي ليتجاوز حوالي 1.6 مليون طن.

وتشير التقديرات إلى أنَّ عملية إنتاج الطن الواحد من الألومنيوم باستخدام الطاقة الكهربائية المولّدة باستخدام الغاز، ينجم عنها انبعاثات تعادل 8 أطنان من الكربون.

وتحاول الشركة التي تعد من كبرى الشركات الصناعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الاستحواذ على حصة في سوق عالمية آخذة في النمو ومستفيدة من ارتفاع الأسعار بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا.

وتظهر إحصائيات دولية صادرة من جهات تعمل في قطاع الألومنيوم أن الزيادة السنوية للطلب على هذا الخام على مستوى العالم تبلغ حوالي 5 في المئة على الرغم من التداعيات التي خلفتها الجائحة والحرب على سلاسل الإمدادات العالمية.

وأكد البقالي أنَّ خطة الانبعاثات الصفرية التي أقرتها البحرين العام الماضي “تحتوي على عناصر مختلفة، من بينها تقليل الانبعاثات الكربونية عبر محاور ومشاريع عدة تجري دراستها حاليا”.

ووفق البيانات المنشورة على الموقع الإلكتروني للشركة، فإن صندوق الثروة السيادي البحريني “ممتلكات” يحوز حصة فيها تبلغ نحو 69 في المئة.

علي البقالي: علينا استخدام الموارد بكفاءة أعلى ومن مصادر مستدامة
علي البقالي: علينا استخدام الموارد بكفاءة أعلى ومن مصادر مستدامة

وتسهم صناعة الألومنيوم بنحو 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لأصغر اقتصادات بلدان الخليج العربي، بحسب الإحصائيات الرسمية.

ويبدو سن تشريعات قانونية تواكب طفرة استخدام التكنولوجيا في عمليات الإنتاج الصناعي بما ينسجم مع المناخ أحد النقاط الرئيسية لكسب رهان التحول النظيف في قطاع الألومنيوم.

وتشكل إعادة تدوير خردة الألومنيوم أحد هذه المحاور المهمة لمسح البصمة الكربونية، بحسب البقالي، نظرا إلى أن الانبعاثات الناجمة عن استهلاك الطاقة في هذه العملية، تكون أقل مما هي في عملية إنتاج الألومنيوم الأولي.

وقال “يصل معدل خفض الانبعاثات في هذه الحالة إلى ما يتراوح بين 50 و60 في المئة”.

ومن هذا المنطلق، دعا البقالي إلى سن قوانين تخدم القطاع الصناعي في البحرين، أسوة بالقوانين المعمول بها في بعض الدول الأخرى في مجال الألومنيوم أو الحديد أو غيرهما.

وأكد أن تلك القوانين تمنع خروج خردة الألومنيوم أو أي مواد يمكن إعادة تدويرها من البلاد إلا “بعد موافقة المستخدم الكبير في السوق، وهو في هذه الحالة شركة ألبا في البحرين”.

وقال إذا “قمنا بذلك فلن تخرج أي خردة ألومنيوم من البحرين إلا بعد مناقشة الأمر معنا لبحث القدرة على إعادة تدويرها داخل البلاد”.

وكانت ألبا قد أبرمت في 2019 اتفاقية مع ريغن الأسترالية كشريك في التقنية لمصنعها الخاص بمعالجة بقايا بطانة خلايا الصهر بقيمة 44 مليون دولار.

وبدأ تشغيل المصنع في الربع الأول من عام 2021، حيث يعالج حوالي 35 ألف طن من مخلفات صهر الألومنيوم سنويا، وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة ودون أيّ مخلفات.

60

في المئة نسبة انخفاض الانبعاثات من إعادة تدوير خردة الألومنيوم الذي تعتمده الشركة

ويتمثل التحدي الآخر الكبير، الذي يواجه شركة الألومنيوم الحكومية في زيادة حجم الإنتاج عبر استخدام الطاقة النظيفة.

وأرست الشركة الأربعاء الماضي مناقصة على شركة أدفانسد يونايتد سيستم لتطوير مشروع “حديقة الطاقة الشمسية” بقدرة إنتاجية تبلغ أكثر من 6 ميغاواط سنويا، بتكلفة أقل من مليون دولار لكل واحد ميغاواط.

وقال البقالي “لقد حصلنا على أسعار منافسة وأقل من الكلفة التي وضعناها. وهناك منافسة في السوق، وأسعار جيدة ستحفز الشركات على استخدام الطاقة الشمسية. وهذا يساعدنا على تحقيق خطتنا في مجال استخدام الطاقة النظيفة”.

وأضاف “خطتنا دائما هي أن نزيد إنتاجنا من الألومنيوم. وعندما سنبدأ تشغيل خط الصهر السابع في المستقبل سيزيد الإنتاج، لكن علينا أن نضمن أولا وجود الطاقة الكهربائية”.

وأغلقت ألبا مؤخرا تمويل مشروع مجمّع الطاقة الرابع بمحطة الطاقة الخامسة، والذي سيضيف قدرة إنتاجية تصل إلى نحو 680.9 ميغاواط.

ومن المتوقع أن يعزز المشروع القدرة الإنتاجية الإجمالية لمحطة الطاقة الخامسة من 1.8 غيغاواط إلى أكثر من 2.4 غيغاواط. وقال البقالي “سننجز هذا المشروع في غضون عامين”.

ومن ضمن خطط الشركة أيضا المرتبطة بهدف البحرين المتمثل في تحقيق صافي انبعاثات صفرية، ثمة توجه لشراء شهادات كربون.

لكن ذلك، بحسب ما ذكر البقالي، يبقى الخيار الأخير. وقال “يجب أولا أن تكون كفاءتنا عالية، وأن تكون لدينا مشاريع تساعد على خفض الكربون فعليا”.

ويعتبر مشروع تايتن الذي تنفذه الشركة جزءا من إستراتيجية ألبا من أجل زيادة القيمة المضافة وتحقيق العمليات التشغيلية المستدامة.

10