البحرين تعيد فتح أسرار صاحب "الأطلال" إبراهيم ناجي

المنامة- ينظم مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث مساء الإثنين في مقره بالمنامة محاضرة افتراضية مع الأديبة المصرية سامية محرز عن طريق تقنية الاتصال المرئي عن بعد بعنوان “ما بعد الكتابة: قراءة في نص إبراهيم ناجي: زيارة حميمة تأخرت كثيراً”، وذلك في إطار الموسم الثقافي “وقدر المرء ما هو رائم”.
وفي هذه المحاضرة تختصر سامية محرز رحلة طويلة قطعتها منذ الطفولة في المدارس الأجنبية بالقاهرة، حيث نفّرتها المناهج الحكوميّة المقرّرة على جميع طلبة الجمهورية من الأدب العربي، ثم في جامعات الولايات المتحدة حيث بدأ تصالحها مع جذورها، إلى أن استقرت أخيرًا في الجامعة الأميركية بالقاهرة لتقوم بتدريس الأدب العربي ذاته.
وتركز على إحدى المحطات الهامة في رحلتها والتي كانت الشاعر الرومانسي المصري إبراهيم ناجي، وهو جدّها لأمها. ولدت بعد وفاته بعامين ودرست شعره على مضض في المدرسة ولم تعره اهتماما إلى أن ورثت من خالتها أوراقًا له بعضها خطابات ومذكّرات شخصية ومسودات لبعض أهم قصائده من بينها قصيدة “الأطلال” الشهيرة التي تغنّت بها أم كلثوم في واحدة من أشهر أغانيها، والبعض الآخر ترجمات أدبية ومشاريع كتب غير مكتملة في الطب كلها لم يطّلع عليها أحد قبلها.

مؤلف تعيد من خلاله سامية محرز اكتشاف شخصية الشاعر الرومانسي
وألقت محرز الضوء على جوانب مجهولة ومطموسة من حياة جدها الشاعر ومعاناته الماديّة وصراعاته مع البيروقراطية وعلاقاته العاطفيّة التي طالما حرصت عائلته على إبقائها طي الكتمان. وكانت النتيجة هذه الزيارة الحميمة بين الحفيدة الناقدة وجدّها الطبيب الشاعر تنبئ في طياتها عن تشكّل علاقة جديدة بينهما.
وألفت محرز كتابا بعنوان “إبراهيم ناجي.. زيارة حميمة تأخرت كثيرا” وهو مؤلف تعيد من خلاله اكتشاف شخصية الشاعر الرومانسي المولود عام 1897، والراحل في مارس 1953 من خلال أرشيفه الشخصي، أوراقه غير المنشورة ومفكرته الصغيرة وصوره الفوتوغرافية وخطاباته وحكايات العائلة.
وتميز الكتاب بسمتين فارقتين تجعلانه يختلف عن الكتب السابقة التي تناولت سيرة الشاعر الطبيب. الأولى هي عاطفة العلاقة بين الكاتب وصاحب السيرة، فسامية محرز هي حفيدة الشاعر مباشرة عن طريق الأم. والسمة الثانية تتمثل في ما تضمنته الأوراق غير المنشورة من مفاجآت، أبرزها توثيق حكاية البطلة الحقيقية لقصيدة الأطلال التي غنتها المطربة أم كلثوم بعد تكهنات متباينة عبر الأزمنة دارت بين الفنانة زوزو حمدي الحكيم وأخريات.
وخلال المحاضرة ستحكي الباحثة جوانب جديدة غير مطروقة من شخصية ناجي الذي عرفته من خلال الحكايات والحواديت داخل الأسرة عن طريق أمها وخالتها قبل أن تتعرف عليه داخل الأسرة الكبيرة في المجتمع الثقافي، وقبل أن تنقب في ما تركه من مخطوطات ووثائق وغيرها.
ولا تقدم محرز سيرة عادية للشاعر، وإنما تؤسس لزيارة جديدة إلى سيرته، بمعنى إعادة اكتشاف تعتمد على مادة جديدة هي الأوراق الخاصة.
وتطرح محرز من خلال هذه السيرة كذلك جانبا من معاناة المثقف المصري في الأربعينات من القرن الماضي في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، وكان ناجي يعمل طبيبا في وزارة الأوقاف، إذ نجد في مدوناته شكوى دائمة من أعباء الحياة في ظل الحرب العالمية الثانية وما تركته من آثار اجتماعية سيئة، ففي مايو 1944 كتب في مفكرته “لم أحصل على شيء. لا علاوة هذا العام. قسمنا مظلوم”.
◙ سامية محرز ستحاول في محاضرتها الافتراضية تقديم جوانب جديدة في سيرة جدها الشاعر ككاتب وإنسان ومثقف
كما تطرح الأوراق اعترافات نفسية للشاعر قال في إحداها “إن خدمة الحكومة علمتني الجبن”، وفي أخرى اتهم نفسه بالإسراف الأحمق، وفي الكثير منها نعى ضعف عوائد عمله ككاتب قصة أو مقالات نقدية أو ترجمات للصحف في ظل قسوة الحياة.
وأحد التساؤلات المهمة التي تطرحها تخص أسباب عدم التفات الدارسين إلى مسيرة إبراهيم ناجي لكتاباته النثرية، رغم أنها أكثر غزارة من كتاباته الشعرية.
ويشار إلى أنه حرصاً على سلامة الحضور واتباعاً للإجراءات الاحترازية، سيقتصر الحضور على 50 في المئة من الطاقة الاستيعابية للمتطعّمين والمتعافين الحاصلين على الدرع الأخضر فقط، مع الالتزام والتقيد بقواعد التباعد الاجتماعي ولبس الكمامات، كما سيتم أيضاً بث المحاضرة على رابط صفحة المركز على يوتيوب.
جدير بالذكر أن الأديبة سامية محرز أستاذة جامعية وناقدة وباحثة، وهي رئيسة مركز دراسات الترجمة في الجامعة الأميركية بالقاهرة. حصلت على ليسانس في الأدب الإنجليزي والماجستير في الأدب المقارن من الجامعة الأميركية بالقاهرة، وعلى الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا لوس أنجلس (1985). وعملت كأستاذ مساعد في اللغة والأدب العربي بجامعة كورنيل من 1984 إلى 1990.
وتدرس محرز حاليا الأدب العربي الحديث بالإضافة إلى محاضرات في دراسات الترجمة ونظرياتها في قسم الحضارات العربية والإسلامية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، صدر لها العديد من الدراسات والمقالات في مجالات الأدب والنقد الثقافي ودراسات الترجمة، إلى جانب عدة كتب باللغة الإنجليزية.