البحرين تخفض التوتر في سجونها قبيل زيارة ولي العهد إلى واشنطن

المئات من السجناء يعلقون إضرابهم عن الطعام بعد أن وعدت الحكومة بتحسين أوضاع السجون.
الخميس 2023/09/14
جمرة كامنة تهدّد بإعادة إشعال الشارع

المنامة - علق المئات من السجناء في البحرين إضرابا عن الطعام كانوا بدأوه في أوائل شهر أغسطس الماضي وذلك بعد تنازلات من سلطات المملكة ربطتها مصادر حقوقية بسعي المنامة لتفادي انتقادات أميركية محتملة خلال زيارة يعتزم ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة القيام بها إلى الولايات المتّحدة.

ورغم قوة الروابط بين الولايات المتحدة ومملكة البحرين المقر الإقليمي للأسطول الخامس الأميركي، فقد سبق وأن تعرضت المملكة لانتقادات وضغوط أميركية بشأن ملفها الحقوقي، بلغت مداها عندما صنّفت المنامة دبلوماسيا أميركيا شخصا غير مرغوب فيه وذلك في أوج اضطرابات بالشوارع كان قد فجّرها معارضون شيعة.

وقالت جماعات حقوقية إنّ السجناء الذين وصفتهم بالسياسيين في البحرين علقوا إضرابهم عن الطعام بعد أن وعدت الحكومة بتحسين أوضاع السجون.

وأوضع مصدر قريب من عوائل بعض السجناء أن الأمر يتعلّق بتعليق ظرفي للإضراب وليس قطعه بشكل نهائي، بهدف منح فرصة لاختبار جدّية السلطات في تنفيذ مطالب السجناء وتحسين أوضاعهم والتأكد من أنّ الأمر لا يتعلّق بخطوة تكتيكية مرتبطة بزيارة ولي العهد إلى واشنطن.

وجاء تعليق الإضراب في وقت يُتوقع أن يزور وفد من مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان البحرين هذا الأسبوع.

تعليق الإضراب لاختبار جدية السلطات في تنفيذ مطالب السجناء والتأكد من أنّ الأمر لا يتعلّق بخطوة تكتيكية

وأعلنت الولايات المتحدة في أغسطس الماضي أنها أعربت للبحرين عن قلقها بشأن الوضع في سجون المملكة بعد أن بدأ سجناء إضرابا عن الطعام. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيدانت باتل للصحافيين “نحن على علم ونشعر بالقلق إزاء التقارير المتعلقة بهذا الإضراب”.

وأضاف أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن “أعرب عن قلقه بشأن بعض هذه التقارير” خلال اجتماع عقده مع  نظيره البحريني عبداللطيف الزياني.

وتابع باتل “نحث البحرين على مواصلة إحراز تقدم في إصلاحات القضاء الجنائي وضمان احترام معايير حقوق الإنسان”.

وبدأ 800 على الأقل من السجناء، لاسيما في مركز الإصلاح والتأهيل المعروف باسم سجن جو، إضرابا عن الطعام في السابع من أغسطس الماضي احتجاجا على ظروف الاعتقال، وفق الناشطين الذين أكدوا تدهور صحة بعض السجناء نتيجة هذا الإضراب الذي يعدّ الأكبر من نوعه في تاريخ المملكة.

لكن السلطات تحصر عدد المضربين عن الطعام بـ121 سجينا فحسب.

رغم قوة الروابط بين واشنطن والمنامة، فقد سبق وأن تعرضت المملكة لانتقادات وضغوط أميركية بشأن ملفها الحقوقي

وخلال فترة الإضراب، شهدت مناطق في البحرين تحركات احتجاجية شبه يومية دعما للسجناء، في مشاهد أعادت التذكير باضطرابات العام 2011.

وأعلن معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، ومقره بريطانيا، أن السجناء علّقوا الإضراب ليل الاثنين بعد اجتماع ممثلين عنهم مع مسؤولين في وزارة الداخلية وإدارة السجون.

وأعرب المسؤول في المعهد أحمد الوداعي عن “الارتياح لأنّه تمّ تعليق الإضراب الطويل عن الطعام بعد مخاوف جدية بشأن تدهور صحة العديد من السجناء السياسيين”.

وأكد وجوب “أن تفي السلطات بتعهداتها وتتحرك سريعا لتحسين ظروف السجن عوضا عن إلزام السجناء باستئناف إضرابهم ووضع حياتهم في خطر لتحصيل حقوقهم الإنسانية الأساسية”.

وانفرد المعارض البارز عبدالهادي الخواجة، حتى الأربعاء، بمواصلة إضرابه عن الطعام بعدما منعته السلطات من موعد طبي، بحسب ما قالت ابنته زينب لوكالة رويترز.

ونفت الحكومة أن يكون الخواجة مضربا عن الطعام، وأضافت أنه “دأب على رفض حضور مواعيده الطبية الاعتيادية”. وتابعت أنّ حالته الصحية “مستقرة ولا توجد أي مخاوف خطرة”.

خلال فترة الإضراب، شهدت مناطق في البحرين تحركات احتجاجية شبه يومية دعما للسجناء، في مشاهد أعادت التذكير باضطرابات العام 2011

وقالت الوكالة إنّ الحكومة لم تردّ عما إذا كان الاتفاق الذي أبرم مرتبط بزيارة يقوم بها ولي العهد إلى الولايات المتحدة. لكنها قالت إن البحرين تتطلع إلى بناء العلاقات أثناء زيارة الأمير سلمان بن حمد الرسمية إلى واشنطن هذا الأسبوع.

ونفّذ السجناء إضرابهم احتجاجا على ظروف الاعتقال التي يصفونها بالقاسية بما في ذلك الحبس في زنزانة مدة 23 ساعة والقيود على ممارسة الشعائر الدينية، وفق ما أفاد الناشطون في حينه.

وقال المعهد المذكور إن السلطات تعهدت بأن توفر للسجناء المزيد من الزيارات العائلية والاتصالات الهاتفية، والإفراج عن بعض المعتقلين من الحبس الانفرادي، وتقييما للخدمات الصحية المقدّمة.

وسيطرت السلطات البحرينية إلى حد كبير على المعارضة منذ أن أرسلت الرياض قوات لمساعدتها في التصدّي لاضطرابات ثارت في شوارع المملكة سنة 2011 واعتُبرت امتدادا للربيع العربي.

ومثل الإضراب عن الطعام أكبر احتجاج منظم منذ أن تمكنت السلطات من إخماد تلك الاضطرابات والزج بالكثير من قادتها والمشاركين فيها في السجن.

ووُصف الموقف الأميركي من أحداث البحرين بالملتبس، حيث لم تستثن الدبلوماسية الأميركية آنذاك التواصل مع المعارضين الذين وقفوا وراء تسخين الشارع وتتهمهم المنامة بالطائفية والتبعية لإيران.

وإثر لقاء عقده الدبلوماسي الأميركي توماس مالينوسكي مع أعضاء بارزين في جمعية الوفاق المعارضة التي أعلنتها السلطات البحرينية في وقت لاحق جمعية محظورة، بادرت المنامة بإعلان مالينوسكي الذي كان يشغل آنذاك منصب مساعد لوزير الخارجية الأميركي لحقوق الإنسان شخصا غير مرغوب فيه، وذلك في خطوة وصفت بالاستثنائية والجريئة من قبل المملكة التي تجمعها ارتباطات واسعة بالولايات المتّحدة.

3