البحرين تتعافى من تبعات الجائحة وتحجز مكانها على خارطة المواسم الثقافية

المنامة - بعد قرابة عامين من الإجراءات الاحترازية للتصدي لجائحة كوفيد – 19 تعود مملكة البحرين إلى استئناف رُزنامتها الثقافية لتتنفس الثقافة من جديد على مدار العام بباقة من الفعاليات والبرامج والأنشطة التي نجحت في حجز مكانها بجدارة على خارطة المواسم الثقافية المحلية والعربية والدولية، وتطل علينا المنامة بفعالياتها المتنوعة.
ومع انتصاف عام 2022 تحتفي هيئة البحرين للثقافة والآثار بالإنتاج الحضاري والثقافي لمملكة البحرين متعدد المستويات والأوجه من خلال الإضاءة على المنجزات التي أثرت الحراك الثقافي في المملكة والبنية الأساسية المستدامة، وعبر إعادة قراءة المشروعات والمواقع البارزة التي تحتضنها المملكة اليوم، ما بين متاحف ومراكز زوار ومعلومات وقلاع وبيوت تاريخية ومواقع مسجلة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو وهي قلعة البحرين ومسار اللؤلؤ وتلال مدافن دلمون.
ومن بين ما سيتم الاحتفاء به أيضا 50 كتابًا أنتجها مشروع نقل المعارف، وهي كتب من أهم ما أنتجته الحضارة الإنسانية وتمت ترجمتها إلى العربية.
وعبر مشاركتها الثرية في معرض إكسبو دبي 2020 الذي استضافته مدينة دبي من أكتوبر 2021 حتى نهاية مارس 2022 نجحت البحرين من خلال جناحها الوطني المتميز الذي حمل عنوان “الكثافة تنسج الفرص” في الترويج لكافة المقومات الحضارية والإنسانية التي تؤهل البحرين كمركز للثقافة والأعمال، وقدّم الجناح للعالم نموذجًا معماريًّا قلّ نظيره ووصلت أصداؤه إلى كبرى الوسائل الإعلامية والمجلات المعمارية، حيث قدم منجزا إنسانيًّا جديدًا اعتبر تتويجًا لسنوات من العمل المتواصل لاستكمال المشاركة الأضخم في محفل دولي خارجي.
الرسالة التي تحملها البحرين إلى العالم هي أن الثقافة تحقق التغيير وتروّج للأوطان وهي الأمل في عالم يتعافى
هذا ما أبرزته الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار في افتتاح جناح البحرين في إكسبو دبي بتأكيدها على أن الرسالة التي تحملها البحرين إلى العالم هي أن الثقافة تحقق التغيير وتروّج للأوطان وهي الأمل في عالم يتعافى من أزمة امتدت إلى كافة مناحي الحياة.
وقد استطاع جناح البحرين على مدار ستة أشهر أن يستقطب نحو مليون وست مئة ألف زائر من مختلف أنحاء العالم، وسوف يتم العمل على نقله إلى المنامة ليكون أيقونة ثقافية جديدة تضاف إلى ما لدى المملكة من مقومات عمرانية وحضارية وثقافية.
وأثبتت البحرين على الدوام أنها حاضرة بكل ما تمتلكه من إرث وتاريخ عريق يعكس جمال وتميز عمارتها ونهضتها وتاريخها وموروثها التراثي والشعبي ويترجم إبداعاتها الحضارية الماضية والحديثة، وهذا يستدل عليه من عودة الحياة الثقافية بكامل وهجها شاملة الاحتفاء بمختلف المناسبات والأيام الدولية والمهرجانات والمواسم وسط حضور ومشاركة جماهيرية فعلية واسعة عكست مدى الشغف والتعطش إلى استئناف الحياة الثقافية.
وبدأت المواسم بتنظيم مهرجان البحرين الدولي الـثلاثين للموسيقى في الثاني من أكتوبر 2021 برنامجًا موسيقيًّا صدح بأنماط موسيقية غنائية تنوعت بين الفنّ الشرقي والموسيقى الكلاسيكيّة والأنغام اللاتينيّة والفنون الشعبيّة البحرينية التراثية الأصيلة، إضافة إلى الاحتفاء بنجوم الطرب والموسيقى في الوطن العربي والغربي في ليالٍ فنية بديعة تشدو بكل اللغات.
هيئة البحرين للثقافة والآثار دشنت برنامجها الخاص على منصات الـ"البودكاست" الصوتية لتواكب تقنيات الاتصال الرقمي
وكعادته السنوية انطلق مهرجان ربيع الثقافة السادس عشر رسميًّا يوم الخامس والعشرين من فبراير 2022، ولكن هذا العام كان وجها لوجه مع جماهيره الوفية حيث دُشنت فعالياته بعرضٍ مميز للرقص التعبيري المسرحي المعاصر بعنوان “أخناتون.. غبار النور” بالتعاون مع سفارة جمهورية مصر العربية الشقيقة لدى المملكة، فيما تنوعت فعاليات المهرجان على مدار شهر كامل بين الحفلات الغنائية لنجوم الغناء الخليجي والعربي على خشبة مسرح الدانة الحديث، والعروض الفنية الشعبية والمسرحية والندوات الشعرية والمعارض العالمية بالتعاون مع عدة سفارات عربية وأجنبية.
وبالتزامن مع احتفاء البحرين بعامٍ ذهبي للتراث الثقافي نظم مهرجان البحرين السنوي للتراث في نسخته الثامنة والعشرين بعنوان “تراثنا ذهبي” يوم السابع من أبريل 2022، حيث يعد هذا المهرجان إضافة نوعية للمشهد الثقافي في المملكة ودعمًا للتنمية الثقافية وحدثًا وطنيًّا حيويًّا يهدف إلى المحافظة على الهوية الثقافية والوطنية من خلال برامجه المتنوعة وفعاليّاته المبتكرة والقادرة على إبراز تميز التّراث البحريني والتّعريف بثقافته والحفاظ على موروثاته وتناقلها جيلا بعد جيل.
وبمناسبة إحيائها لليوم العالمي للآثار والمواقع الذي يصادف الثامن عشر من أبريل من كل عام أكدت هيئة البحرين للثقافة والآثار على أن التراث الأثري البحريني ليس بمنأى عن التأثيرات السلبية للمتغيرات المناخية في العالم عطفا على شعار احتفالية هذا العام “التراث والمناخ”.
البحرين نجحت من خلال جناحها الوطني المتميز في معرض إكسبو دبي 2020 في الترويج لكافة المقومات الحضارية والإنسانية التي تؤهل البحرين كمركز للثقافة والأعمال
ووضحت الهيئة أن الارتفاع في درجات الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح ونسبة هطول الأمطار والارتفاع المحتمل في منسوب مياه البحر من الممكن أن تؤثر سلبا على حالة حفظ وصون مكونات المواقع الأثرية والمباني التاريخية والمناطق الزراعية التاريخية.
واحتفت هيئة البحرين للثقافة والآثار في التاسع عشر من مايو 2022 باستعادة الهوية الأصلية لمنارة جامع الفاضل بعد ترميمها، وبهذه المناسبة قالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة الهيئة “لأربع سنوات عملنا من دون توقف من أجل إنجاز مشروع معماري ثقافي لاستعادة واحد من أهم الصروح التي شكلت هوية مدينة المنامة، منارة جامع الفاضل، نقف اليوم أمامها حيث نضيئها لكي تعود إلى المدينة التي نسعى إلى تعريف العالم بها كمركز للتلاقي الحضاري والإنساني وكمنارة للإنتاج الثقافي”.
وفي الثامن عشر من مايو 2022 شهد متحف البحرين الوطني باقة من الفعاليات بمناسبة احتفاء هيئة البحرين للثقافة والآثار باليوم العالمي للمتاحف الذي يحمل هذا العام شعار “قوة المتاحف”، حيث وضحت رئيسة الهيئة أن المؤسسات المتحفية لمملكة البحرين هي منارات تروّج للمكتسبات الوطنية الحضارية وأماكن لصناعة اللقاء الثقافي الذي يعزز الهوية الوطنية، وشهدت الاحتفالية تدشين كتاب “50 قطعة من مقتنيات متحف البحرين الوطني”.
وفي إطار استراتيجيتها لتعزيز التواصل مع الجمهور داخل البحرين وخارجها بشكل أقرب وبطريقة أكثر عصرية وتفاعلية دشنت هيئة البحرين للثقافة والآثار برنامجها الخاص على منصات الـ”البودكاست” الصوتية لتواكب تقنيات الاتصال الرقمي باعتباره من أهم سبل التخاطب والتفاعل الناجحة والمؤثرة.