البحرين تتحرك لحل معضلة السجون تفاديا لصداع في الداخل وإحراج مع الخارج

السلطات البحرينية تعلن عن منح السجناء حقوقا إضافية.
الأربعاء 2023/08/30
وزير الداخلية يتخذ من معالجة ملف السجناء أولوية

أعلنت وزارة الداخلية البحرينية عن جملة من الإجراءات التي تستهدف تحسين أوضاع السجناء بعد إضراب عن الطعام شهدته سجون المملكة ولاسيما سجن “جو” المعروف، منذ مطلع أغسطس الجاري، ولئن ذكرت معلومات أن الإضراب مستمر فإن نشطاء يتوقعون إنهاءه بمجرد تفعيل تلك القرارات على أرض الواقع.

المنامة - أبدت الحكومة البحرينية استعدادها للتحرك من أجل معالجة أوضاع السجون، التي تحولت إلى صداع لها في الداخل ومصدر إحراج مع الخارج، لاسيما وأن بعض القوى المعادية للمملكة تعمل بشكل حثيث على توظيف هذا الملف للنيل من صورة المملكة.

وتعهّدت الحكومة التي يقودها ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بمنح السجناء المزيد من الحقوق، أبرزها زيادة ساعات الزيارات، في خضمّ إضراب عن الطعام ينفّذه نزلاء ويقول ناشطون إنّه الأكبر على الإطلاق في تاريخ السجون في البلاد.

واتخذت المملكة على مدار السنوات الماضية جملة من الإجراءات والتدابير من أجل تحسين أوضاع السجناء كما أقرت عقوبات بديلة لتخفيف الاكتظاظ في السجون، لكن تلك الخطوات تصفها منظمات حقوقية بغير الكافية.

وأعلنت وزارة الداخلية البحرينية في بيان مساء الإثنين أنّها ستقوم بـ”مراجعة نظام الزيارات للنزلاء وتطويره ليشمل زيادة التوقيت وتعديل قائمة الزوار”. وأضافت أنّها تعتزم كذلك النظر في إمكانية “زيادة وقت الاستراحة اليومية (التشمّس)”.

وزارة الداخلية البحرينية قررت مراجعة نظام الزيارات للنزلاء وتطويره ليشمل زيادة التوقيت وتعديل قائمة الزوار

وجاء البيان بعد اجتماع وزير الداخلية البحريني الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة برئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان علي الدرازي ورئيسة مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين والأمينة العامة للتظلمات غادة حبيب.

وتمت خلال الاجتماع مناقشة الخدمات الصحية المقدمة للسجناء من قبل المستشفيات الحكومية، ومراجعة نظام الزيارات وتطويره، وزيادة تعرفة الاتصال حيث هناك تنسيق جار مع شركة الاتصالات لمراجعة هذا الأمر.

وأشاد الشيخ راشد بن عبدالله خلال اللقاء بالتعاون بين وزارة الداخلية ووزارة التربية والتعليم بشأن تقديم البرامج والخدمات التعليمية للسجناء، وتسهيل استكمال النزلاء لدراساتهم في كافة المراحل التعليمية، حيث تم التنسيق مع مجلس التعليم العالي لتسجيل 180 نزيلا في برامج الدراسات العليا في مختلف التخصصات لهذا العام.

وأكد وزير الداخلية البحريني أن نجاح برامج العقوبات البديلة والسجون المفتوحة أمر يساعد على زيادة النزلاء المستفيدين من تلك البرامج في المرحلة القادمة، وفقا لما يقدم من توصيات من الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل.

ولم تهدّئ الإجراءات الجديدة على ما يبدو غضب السجناء في مركز الإصلاح والتأهيل المعروف باسم “سجن جو” والذين قرّروا مواصلة الإضراب عن الطعام الذي بدأوه مطلع أغسطس الجاري، لكن نشطاء يتوقعون تعليقه بمجرد تفعيل تلك القرارات، في ظل غياب الثقة.

وبحسب معهد البحرين للحقوق والديمقراطية ومقرّه بريطانيا، فإنّ ما لا يقلّ عن 800 سجين يشاركون في الإضراب، عدد كبير منهم نشطاء معتقلون منذ العام 2011 خلال تحركات احتجاجية عنيفة، اتهمت المنامة طهران بالعمل على تأجيجها.

الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل تؤكد أنه يحقّ لجميع النزلاء الاحتجاج اللاعنفي، وقد وفرت لهم الرعاية والمشورة الإضافية

لكنّ السلطات البحرينية تقول إنّ 121 سجينًا فقط يشاركون في الإضراب. وقال المسؤول في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية سيد الوداعي إنّ “ما تقدّمه (السلطات) قليل جدًا، ويأتي بعد 22 يومًا من أكبر إضراب في تاريخ السجون في البحرين”.

وأضاف في تصريح لوكالة فرانس برس “من الواضح أنّ الإضراب عن الطعام سيستمرّ حتى تعالج الحكومة مخاوفهم بجدّيّة وبنيّة حسنة”.

وأثار الإضراب مؤخرًا احتجاجات في الشوارع نظّمها أقرباء سجناء للمطالبة بالإفراج عنهم فورا. وفي نهاية الأسبوع الماضي التقى مدير المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين نزلاء في سجن جو للاستماع إلى شكاويهم، بحسب الوداعي.

وقالت الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل التابعة للحكومة البحرينية الثلاثاء إنّه “يحقّ لجميع النزلاء الاحتجاج اللاعنفي، وقد تمّ توفير الرعاية والمشورة الإضافية لهم”.

وأوضحت في بيان تلقّته فرانس برس أنّ البحرين “لا تزال تركّز على إيجاد حلّ يحمي صحّة النزلاء المعنيين ورفاههم”، مؤكّدة أنّ “الحقوق الكاملة لجميع النزلاء مكفولة” بما في ذلك الخدمات الطبية وثلاث وجبات يوميًا.

وذكرت أنّ “أيًّا من السجناء الذين يشاركون في الاحتجاج لم يحتج إلى رعاية دقيقة”.

وفي بيان نُشر في أغسطس الجاري، قال السجناء إنّهم يبقون في زنزاناتهم لمدة 23 ساعة في اليوم وطالبوا بحقّهم في رعاية صحية مناسبة وبالتعلّم وبالسماح لهم بأداء الصلاة جماعة في مسجد السجن.

المملكة نفّذت في السنوات الأخيرة إصلاحات واسعة النطاق في مجال العدالة الجنائية

وقالت الباحثة المتخصصة في شؤون البحرين لدى منظمة هيومن رايتس ووتش نيكو جعفرنيا إنّه “يتعيّن على المجتمع الدولي تكثيف دعمه فورًا للسجناء المضربين عن الطعام في البحرين”.

ومن بين هؤلاء عبدالهادي الخواجة، وهو ناشط حقوقي بحريني – دنماركي يبلغ من العمر 62 عامًا ومسجون منذ 12 عامًا، وفق ابنته ومنظمات حقوقية. وتنفي السلطات البحرينية مشاركة الخواجة في الإضراب.

في المقابل أكّدت ابنته ومنظمات أنّه عانى من مشاكل خطيرة في القلب أدّت إلى نقله إلى العناية المركّزة في مستشفى عسكري بحريني في 11 أغسطس بعد أيام قليلة من بدئه إضراباً عن الطعام.

وجاء في رسالة بعثتها منظمات غير حكومية، بينها منظمة العفو الدولية، في أغسطس إلى الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ الخواجة “لا يزال يحتاج إلى رعاية صحية مناسبة وعاجلة، تعجز سلطات السجن عن تأمينها”.

والبحرين حليف إستراتيجي للولايات المتحدة وتستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأميركية.

وعام 2011 شهدت المملكة الخليجية، وهي أصغر دولة من حيث المساحة في الشرق الأوسط، احتجاجات صاخبة ضمن ما يعرف بالربيع العربي. وقد نجحت القيادة البحرينية في استيعابها.

وفي السنوات الأخيرة نفّذت المملكة “إصلاحات واسعة النطاق في مجال العدالة الجنائية، بما في ذلك برنامج الأحكام البديلة وأحكام جديدة لقضاء الأحداث ومبادرة السجون المفتوحة”، بحسب الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل.

3