البحرينيون ينتصرون للتغيير ويقطعون الطريق على الوجوه القديمة

المنامة - حملت نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت على مرحلتين في البحرين تغييرات مهمة على مستوى التركيبة النيابية، حيث خسر أغلب أعضاء مجلس النواب السابقين، الذين تقدموا للترشح مجددا، مقاعدهم بنسبة تجاوزت الثمانين في المئة، في ما يعكس رغبة الناخب البحريني في التغيير وضخ دماء جديدة على ضوء الحصيلة الهزيلة لمجلس نواب 2018.
وسجلت هذه الانتخابات هيمنة واضحة للمستقلين في مقابل تراجع دراماتيكي للجمعيات السياسية التي اكتفت بخمسة مقاعد فقط من أصل أربعين، لتبقى المفاجأة الأبرز في هذا الاستحقاق على مستوى النتائج نجاح المرأة البحرينية في الحصول على ثمانية مقاعد، وهو إنجاز كبير يحسب لها.
وأجرت البحرين في الثاني عشر من نوفمبر الجاري انتخابات تشريعية وبلدية شهدت مشاركة لافتة تجاوزت الثلاثة والسبعين في المئة من الناخبين، وفاجأت الجميع، قبل أن تضطر إلى جولة إعادة جديدة السبت الماضي مع عدم حسم معظم المقاعد.
ويرى متابعون للشأن البحريني أن فشل النواب السابقين كان متوقعا، حيث كان أداء هؤلاء النواب ضعيفا خلال الدورة النيابية السابقة، ولم يقدموا المرجو منهم، وهو ما دفع البحرينيين إلى اعتماد التصويت العقابي بحقهم.
وبحسب النتائج النهائية، فإن التغيير في المجلس النيابي الجديد بلغ 33 نائبا جديدا، فيما خرج عمار البناي وعمار عباس وعلي إسحاقي وإبراهيم النفيعي وكلثم الحايكي وفلاح هاشم وعبدالله الذوادي وأحمد العامر وأحمد الأنصاري وعلي زايد ومحمود البحراني وبدر الدوسري وعبدالله الدوسري من جولة الإعادة.
ويلفت المتابعون إلى أن وضع الجمعيات السياسية لم يكن أفضل، حيث فازت فقط جمعية المنبر التقدمي بثلاثة مقاعد، وحصل تجمع الوحدة الوطنية على مقعد واحد، في المقابل خرجت جمعية الأصالة الإسلامية خالية الوفاض، وخسرت مقاعدها التاريخية في المحافظة الجنوبية.
واكتفت جمعية الرابطة الإسلامية بوصول نائب محسوب عليها. ويشير المتابعون إلى أن هذا التراجع اللافت للجمعيات السياسية لم يكن مفاجئا خاصة وأن هذه الجمعيات كانت مشاركتها من حيث عدد الترشحات ضعيفة، فضلا عن أن المزاج العام لدى البحرينيين بات يميل أكثر إلى دعم المستقلين الذين حققوا فوزا ساحقا خلال هذا الاستحقاق.
ويرى المتابعون أن الجمعيات السياسية فقدت تأثيرها بشكل واضح حتى في داخل معاقلها التاريخية، وهذا يعود إلى عدة عوامل، من بينها انحسار ثقة الناخب البحريني في المكون السياسي داخل البلاد، إلى جانب حظر أبرز الجمعيات من المشاركة في العملية الانتخابية، الأمر الذي قاد الناخبين إلى تفضيل التصويت لصالح المستقلين.
وسجلت المرأة البحرينية تفوقا لافتا في الانتخابات بعد تمكن ثماني سيدات من الوصول إلى مجلس النواب، وهي نتيجة لم تتحقق منذ انتخابات 2012.
وقالت النائب باسمة مبارك إن “من أهم أسباب زيادة حصة المرأة في الدورة الانتخابية 2022 وجود وعي جديد عند المواطنين باختيار الأكفأ، من حيث الشهادات العلمية والتجارب العملية، بالإضافة إلى الرغبة في تغيير الوجوه السابقة وفي ضخ دماء جديدة تدخل البرلمان سواء من السيدات أو الرجال”.
ولفتت مبارك إلى أن الدائرة الحادية عشرة الشمالية التي ترشحت عنها “لم تمثلها امرأة في البرلمان منذ 20 سنة مضت، ما أدى إلى إقبال عدد كبير من الشباب والمتقاعدين على ترشيح النساء”.
فشل النواب السابقين كان متوقعا، حيث كان أداء هؤلاء النواب ضعيفا خلال الدورة النيابية السابقة
وقالت النائب إيمان شويطر الفائزة عن الدائرة العاشرة بمحافظة العاصمة المنامة إن المرأة البحرينية أثبتت نفسها خلال الدورة السابقة، ما جعل المواطنين يضعون آمالهم بالسيدات من أجل تحقيق طموحاتهم.
وأضافت شويطر في تصريحات لوسائل إعلام محلية “بالنسبة إليّ كان لي تاريخ اجتماعي وتطوعي في الدائرة منذ سنين بالإضافة إلى ترشحي في انتخابات 2018 وتواصلي مع الناس الذي قربني أكثر منهم، وربما ذلك أهلني للفوز”.
وأشارت إلى أن دخول ثماني سيدات إلى البرلمان “سيتيح الفرصة لمناقشة قضايا المرأة وحلها”.
وتأسس مجلس النواب البحريني بموجب دستور عام 2002، ويتألف من 40 عضواً يُنتخبون عن طريق الانتخاب العام السرّي المباشر.
ويملك مجلس النواب الصلاحية في تعديل التشريعات المقترحة أو تمريرها أو رفضها، لكن لمجلس الشورى (الغرفة العليا من البرلمان) المعين بالكامل من قبل الملك، صلاحية إيقافها بسهولة.
وكانت البحرين قد أجرت آخر انتخابات نيابية في أواخر 2018.
ويقاطع الانتخابات البحرينية أكثر من تيار محظور قانونيا في البلاد، بينها “تيار الوفاء الإسلامي” و”جمعية الوفاق الوطني”.