الباحث العراقي سيّار الجميل: الجامعات العربية مدارس ابتدائية تسيء لمجتمعاتها

لا خلاف على أن مشروع النهضة العربية قد انتهى زمنيا وحتى في آثاره البسيطة التي ظلت هنا وهناك إلى أن تلاشت، بينما أظهرت الصراعات والثورات وجوها أكثر انغلاقا للعرب، ما ينبئ بانتكاسة حضارية تجهل الأغلبية سبل الخروج منها. “العرب” كان لها هذا الحوار مع الباحث والأكاديمي العراقي سيّار الجميل حول العديد من القضايا الفكرية الراهنة.
العرب: الخطاب السياسي العربي الحالي يوظف خطاب الماضي أو ما حدث في الماضي لقمع الأسئلة وفرض نفسه كأمر واقع، هل يمكن أن يوجد خطاب مضاد لهذا الخطاب القمعي؟
سيّار الجميل: هذا الخطاب ينحصر عند الإسلاميين السياسيين منذ العام 1979، ولكن كل القوميين يوظفون أمجاد الماضي أيضا ولكن ليس كما هو حال الساسة من الإسلاميين سواء كانوا من الأصوليين أو التقليديين أو السلفيين أو الولائيين الشيعة والملل الملحقة بها. هذا “الخطاب” يقمع أسئلة العصر كونه ليس باستطاعته الإجابة عليها أبدا، فهو يعيش بعيدا عن روح العصر تماما كونه يعيش في إطار الماضي ويلوكه ليس ليصبح جزءا منه، فالماضي قد ولى وذهب، ولكن يعيش سجينا في ذاكرته فتجده ميتا واقعيا، يعني بأنه لا يعيش الواقع.
فإن كان جسمه وملذاته وغرائزه موظفا أدوات هذا العصر لها، لكن فكره وأحلامه وتصوراته هناك بعيدا في الماضي. وعليه، فهو يحتشد بالتناقضات التي لا حصر لها وهو لا يشعر بها، إذ أن بباله قضية واحدة تتمثل بكيفية استعادة الماضي وهذا محال! سألتني إن كان هناك خطاب مضاد لذلك الخطاب، فأقول: مهما حاول الإنسان إيجاد بدائل مضادة لما تقدّم ذكره، فسوف يفشل لأن الأغلبية تصفق وتغني للخطاب الأول الذي تشبعت به منذ الصغر وتشرّبت بأوهامه وتصوراته الخاطئة.
فشل النهضة
العرب: إخفاق قيام مشروع نهضة عربية إلام تعود أسبابه وهل يمكننا اليوم إعادة المحاولة أم أن زمن المحاولة والحلم قد ولى؟
سيّار الجميل: هذا سؤال كبير جدا وبحاجة إلى جواب كبير، ولكنني سأختصر ما استطعت ذلك. إن مشروع النهضة العربية ومنذ ولادته كان يحمل بذور انتكاسته كونه لم يأخذ بعين الاعتبار كم العرب بحاجة إلى أزمنة تنوير، وكم هم بحاجة إلى أن تكون بيئاتهم الاجتماعية متوازية في إحياء مشروع النهضة وتطوره. وكم كان العرب بحاجة إلى تحولات جذرية في التربية والوعي والتفكير. ولكن هذا لم يحدث.
لقد كانت الانطلاقات قوية في مصر ولبنان بشكل خاص، ولكن النهضة لم تستمر بفعل انعدام الاستفاقة وانشغال الناس بالتناقضات الحاصلة وانقسام المجتمعات بين مندهش بالغرب وبين معجب بالتراث، لكي يبدأ صراع القديم والجديد، واستمرت هذه الإسطوانة المشروخة حتى منتصف القرن العشرين وتبلور ظاهرة القومية العربية التي ولدّت أحزابا وجماعات سحبت البساط باسم التراث والأصالة من تحت أرجل التقدميين والماركسيين واليساريين الذين هكذا أسموا أنفسهم.
مشروع النهضة غاب في خضم الصراعات السياسية والأيديولوجية، ولا ننسى الانقلابات العسكرية التي فرضت إرادتها ضد المدنيين والفكر المتمدن. وعلى مدى أكثر من ثلاثين سنة من الدكتاتوريات وانتهاء بالإسلاميين الذين نشروا الأقفال وأغلقوا التفكير ولم يؤمنوا بالاستنارة ولا التجديد.
إبان النصف الثاني من القرن العشرين غاب التفكير الواقعي عن الحياة العربية وانشغل الناس بالزعماء وهذيانهم وأعمالهم وضعفت المعرفة العربية وغدت التربويات المدرسية كسيحة وغاب عن المسرح عمالقة الأمس، إذ ظهر عمالقة في اللغة العربية وكتابة التاريخ مع عباقرة في الطب والهندسة والعمارة والفنون التشكيلية ورجال القانون والشعراء وغيرهم. اليوم، انتكست الحياة العربية انتكاسات مريرة مقارنة بالأمس ولم يعد من السهولة إعادة المحاولة ومن يقوم بذلك إن لم تتوفر هناك المناخات الملائمة كي يتسابق ويتنافس النسوة والرجال من البناة. صحيح أننا نحلم في بعض الأحيان، ولكن الواقع شيء آخر. وعليه، متى تجد الأجيال القادمة ظروفا أفضل مما هي عليه اليوم كي تبدأ خطواتها من جديد. إن ذلك سيأخذ زمنا ليس بالقصير أبدا.
العرب: “لم ينتبه أبدا إلى سقوط بعض الأنظمة السياسية في المنطقة العربية. ولم يتعلم من تجارب بعضه بعضا، ومثلما خدع الناس، فالناس خدعوه وأوهموه أيضا بأن من سقط كان بفعل غزو خارجي وقد عميت العيون عن رؤية الحقائق أو الإبصار في ليل معتم. لم ينتبه إلى خدعته للناس وخداعهم له باسم المؤامرات الخارجية والغزوات القادمة من وراء البحار. وكأنه يجمع ملائكة لا تشوبهم أية شائبة”. هذا ما قلته في مقالك “ولادة تاريخ عربي جديد”، فهل هو راهن الهزيمة عبر التاريخ العربي؟
سيّار الجميل: لا أبدا، مجتمعاتنا ليست خائبة إلى هذا الحد، ولكنها بقيت لأكثر من خمسين عاما تتشبع بخطاب الأوهام وتتربى على الشعارات والخطابات الكاذبة وتترنم بالأغاني والأناشيد الحماسية ليل نهار. بل وتصفق لهذا القادم الجديد وتلعن ذاك الراحل القديم. تشرّبت بالأحلام والوعود إذ زرعت الحكومات والزعماء في عقولها الأخيلة كونها حقائق. فماذا سيكون عليه الحال؟ وكم ستغدو المجتمعات رخوة أمام الأقوياء. بطبيعة الحال عندما يجد الغزاة كل الارتخاء والضعف سيفعلون الأفاعيل وهذا ما حدث.
سنوات طوال مضت والمخلصون ينادون الزعماء بتحقيق الإصلاحات وتوفير الحريات وخلق بدائل من أجل كرامة الشعوب وعيشها الكريم، ولم يحصل الحد الأدنى من ذلك. اليوم، مجتمعاتنا تمجد بأسماء بعضهم كونهم رموز الحياة العربية ونضال الشعوب ولم يدركوا أن المستبدين أضعفوا شعوبهم وامتهنوا كرامتها وأذلوا رجالها وأشعلوا الحروب وبذروا أموال البلاد والعباد.
أبدا ليست الهزيمة رهان التاريخ العربي، بل إن الهزيمة التي مني بها العرب على امتداد القرن العشرين ولم يتداركوا أسباب الفشل، ولم يعقلوا أو يتعلموا من ممارسة الأخطاء والخطايا والجنايات. إن التاريخ العربي ليس كله مليئا بالسلبيات والهزائم، بل يتمتع بصفحات ناصعة يحترمها العالم ويتعلم منها. وعليه، فإن مجتمعاتنا بحاجة إلى الإدراك المتبادل أي الاعتراف بالأخطاء التي مورست في دواخلنا إلى جانب دور المؤامرات الخارجية. فإن بقينا نجتر الأمجاد ولا نعترف بالأخطاء وبقينا في أطوار الإدانة والعيش في هذا الوهم، فسوف تبقى الأحوال كما هي أو تنتقل من السيئ إلى الأسوأ.
العرب: هل نحن فعلا في حاجة إلى صناعة حدث تاريخي جديد ؟
سيّار الجميل: مرّت أحداث تاريخية عاصفة ومصيرية في حياتنا، ولكن لم يكن لها تأثيرها إلا ذلك العاطفي والإنشائي واستعراض العضلات السياسية، إذ لم يكن لها تأثيرها في العقول والإدراك ولم يعترف العرب بهزائمهم أبدا ولم يحاولوا التنازل إلى آخرين للقيادة بأسلوب جديد. فكيف يمكن بالله عليك أن يتمّ التغيير الحقيقي لا الزائف؟ منذ هزيمة 1967 والعرب يعيشون على الأوهام والشعارات ومرت أحداث تاريخية مزلزلة لم تنتج عقولا يمكنها بدء تحولات حقيقية، كما حدث لدى شعوب أخرى. وهذا تساؤل خطير لا بد من البحث عن إجابات حقيقية عليه.
الهزيمة والصراعات
مشروع النهضة العربية ومنذ ولادته كان يحمل بذور انتكاسته كونه لم يأخذ بعين الاعتبار حاجة العرب إلى أزمنة تنوير
العرب: هل تعتبر نفسك من جيل الهزيمة.. إلى أي حد كان لهزيمة 67 تأثير في شخصيتك وتفكيرك؟
سيّار الجميل: كنت في الخامسة عشرة من العمر في العام 1967، كنت واعيا وقد هزّت كيان مجتمعاتنا وضمائر الجماهير قاطبة على الساحة العربية، خصوصا وكان المد الطاغي قوميا. نعم كان تأثير ذلك الحدث كبيرا جدا في العقل والوجدان، ولكن الدرس الأول الذي تعلمته بأن العرب عاشوا أكذوبة كبيرة جدا إذ نفخوا أنفسهم كونهم لم يقهروا أبدا وكنا نستمع إلى الخطابات والبيانات في الإذاعات وهي تكيل الأكاذيب والتزييف على الناس وأنها سترمي إسرائيل في البحر.
وفجأة ندرك حقائق مهولة على الأرض بتسجيل هزيمة منكرة للعرب أمام إسرائيل وحتى الهزيمة لم يعترف بها العرب فأسموها “نكسة” حفظا لماء الوجه. منذ تلك اللحظة التاريخية المريرة، تشكلت عندي قناعة راسخة من خلال وعي عميق بأن العرب بعيدون عن واقعهم، فهم ميتا واقعيين (أي يعيشون فوق الواقع) يؤمنون بالشعارات ويهولون الأمور، ويزيفون الحقائق، ولا يتقبلون النقد ولم يعترفوا بأخطائهم وتجمعهم المصالح الخاصة وتفرقهم المصالح العامة.
العرب: ما يحدث حاليا في العالم العربي من انتكاسات وهزائم هل يمكن وصفه بأن المأساة تعاود نفسها؟
سيّار الجميل: لا أؤمن مطلقا بأن التاريخ يعيد نفسه، ولكنه سلسلة أو منوال من التموجات الحلزونية. وربما تتشابه الأحداث مع اختلاف الظروف والشخوص والأبطال. وإن ما حدث في عالمنا العربي بعد العام 1949 على مدى ثلاثين سنة من تأسيس كيان صهيوني ومعارك التحرير والاستقلالات الوطنية هو غير ما حدث في عالمنا العربي بعد العام 1979 من حروب أهلية وإقليمية ومذابح في لبنان والعراق والكويت واليمن والجزائر والسودان وصولا إلى العام 2009 وما حدث بعد ذلك بدءا بما سمي بالربيع العربي أو ما عاشته تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن أو ما يحدث في العراق ولبنان والسودان.
هناك عوامل أساسية في كل ما حاق بالعرب، إذ فشلوا في أن يتوحدوا أو يتحالفوا أو يتعاهدوا بعيدا عن منافساتهم ونزاعاتهم، إضافة إلى أن حصونهم كانت ولا تزال مهددة من دواخلها بسبب وجود الطوابير الخامسة في مجتمعاتنا العربية والتي تسهل اختراقات الآخرين لمنظومتنا العربية.
العرب: ألا ترى معي دكتور أن الهزيمة مستمرة في كل ما نشهده من أعمال واقعية وإبداعية كالمرض الذي ينهش الجسد؟
سيّار الجميل: نعم، وقد أصبحت جزءا من الشخصية الاجتماعية والسياسية (وحتى الثقافية) العربية، لأن المهزومين لا يعاقبون بل يعتبرون أنفسهم من المنتصرين، ولأنهم الزعماء الطغاة لم يعترفوا بأخطائهم أبدا، ولم يحاسبهم أحد على الجنايات التي ارتكبوها بحق أمتهم وبلدانهم وأساليبهم المتوحشة والغبية التي مارسوها في الحكم. إن الأجيال القادمة ستدين الأجيال التي سبقتها على ما ارتكبته بعد نيل استقلالاتها الوطنية. مع ضعف كبير في بناء الإنسان وترقية المجتمع.
العرب: كيف تفسر الصراعات الدائرة في بلدان عربية مختلفة التي ما إن تهدأ في مكان حتى تبدأ في مكان آخر؟
سيّار الجميل: هذه الصراعات الداخلية عند العرب عواملها المباشرة خارجية، ولكن عواملها غير المباشرة هي داخلية وكامنة في العمق أذكتها المؤثرات بهذا البلد أو ذاك النظام. علينا أن نتساءل عدة أسئلة حول هذا “الموضوع” الخطير: نحن نعرف بأن هناك مشكلات مزمنة منذ منتصف القرن العشرين كالمشكلة الكردية في العراق، ومشكلة جنوب السودان، والمشكلة الطائفية في لبنان، ولكن لماذا تفاقمت اليوم الصراعات الداخلية في بلدان عربية عديدة؟ من هو المستفيد الحقيقي من وراء إشعالها؟ ما السمات التي اتخذتها لتضرب بها كل الأعراف والقانون الدولي؟
صحيح أن إسرائيل هي المستفيدة الحقيقية من هذا التردي، ولكن من يقوم بالدور على أفضل ما يكون؟ من هو المخترق الأكبر لمجتمعاتنا العربية؟ من قال بتصدير ثورته وأفكاره ومبادئه إلى عالمنا العربي؟ من استغل الانقسامات المذهبية في مجتمعاتنا ليلعب على أوتارها الحساسة؟ من زرع التنظيمات الخاصة بأنشطته الماكرة في لبنان وسوريا والعراق واليمن ويخترق مجتمعات أخرى خفية؟
مواجهة المستقبل
العرب: ما هي التغيرات التي طرأت على الثقافة العربية منذ تسعينات القرن الماضي وحتى الآن؟
سيّار الجميل: الثقافة العربية انتقلت من سجون الأنظمة الحاكمة، إذ كانت معتقلة أو ممولة أو تعيش ارتزاقات هذا النظام أو تلك المنظمة. انتقلت إلى فضاءات افتراضية بلا قيود ولا أعراف ولا مبادئ ولا تقاليد. الثقافة العربية التي كانت محاصرة ضمن أسيجة وتعليمات وأيديولوجيات وقد كانت السيطرة عليها كبيرة إلى حد كبير بالرغم من كونها مجزأة بين هذا البلد العربي أو ذاك بحكم قوته المالية أو نفوذه السياسي. اليوم تبدو أمامي مهترئة بالرغم من بعض الإبداعات في حقول معينة، كونها لم تعش مناخ الحريات، بل ولم تنتقل ككائن حي أي طور انتقالي بل إنها تتشظى من خلال الفوضى الرقمية والافتراضية والتي كنت قد نبهت إلى ذلك منذ العام 1997 في كتابي عن “العولمة”.
اليوم لم يبق أي شيء من توحدها وقوة مضامينها أو من موروث عروبتها، بل غدت بعيدة عن هويتها ممزقة في أوطانها ضعيفة على المستوى العام. اللغة المستخدمة مليئة بالأخطاء مع ضياع المبدعين وازدياد الكم على النوع. الثقافة العربية في محنة شديدة جراء الاحترابات السياسية والانقسامات الاجتماعية والتأثر بالنزعات الماضوية. وينبغي أن يبحث العرب أنفسهم عن مشروعات جديدة في التنوير والكفاءة والاعتناء بالإبداع.
العرب: باعتبارك أستاذا جامعيا ماذا تنتج الجامعات العربية كل نهاية موسم دراسي (4 سنوات) أو ماذا تدفع إلى المجتمع وهل تشارك في الإنتاج والتنمية؟
سيّار الجميل: هذه مشكلة أخرى، بل أعتبرها معضلة شديدة التعقيد. وهي تتفاقم بمخاطرها إذ تتعلق ليس بضعف المناهج، بل بهزال السياسات المتبعة والجامعات العربية اليوم غدت أشبه بمدارس ابتدائية. جامعات لم تجدد نفسها وبقيت تستنسخ تقاليدها وكأنها مفاقس للتدجين لا دور علم ومعرفة. ليس من مهمتها قبول هذه الأعداد المليونية العربية الغفيرة بين أروقتها لتخرجهم بعد 4 سنوات إلى الشوارع، بل مهمتها أن تختار من هو المؤهل الحقيقي الذي يتخرج من مدارس تربوية رصينة بيداغوجيا ليقرأ في جامعة. أما من لم يقبل فيجد مستقبله في معاهد تقنية أو زراعية أو فنية كما هو معمول به في العالم ليجد عمله في الحقل والمعمل والميدان.
الثقافة العربية انتقلت من سجون الأنظمة الحاكمة إلى فضاءات افتراضية بلا قيود ولا أعراف ولا مبادئ ولا تقاليد
جامعاتنا العربية بحاجة إلى ثورة بيداغوجية حقيقية تنسف كل التعليمات الجارية. ثم أسأل: ما هذه الشهادات العليا التي تمنح كالحلوى للأطفال؟ لا يمكن أبدا أن يبقى الأمر هكذا ليغدو الآلاف من غير المؤهلين علميا وأكاديميا حملة دكتوراه وهم لا يميزون الظاء من الضاد. ثم إن الأستاذ والكادر الأكاديمي في الجامعات العربية يستوجب أن يكون على درجة عليا من المعرفة والخبرة والإبداع، فقد ازدحمت الجامعات العربية بكل من هب ودب وهم يتبادلون الأدوار في الترقيات العلمية لتجد ركاما من ذوي الأستاذية وهم لا يستحقون أن يكونوا في مثل هذه الدرجات. وعليه، فإن الجامعات العربية تسيء للمجتمعات ولا تشارك أبدا في الإنتاج والتنمية بل تسيء إليهما معا.
العرب: وأخيرا ما الذي يتعيّن علينا أن نتذكّره؟
سيّار الجميل: إنني أنصح الحكومات العربية قاطبة بأن تعتمد ركائز أساسية حديثة للعمل من أجل إرساء دعائم جديدة للحياة العربية القادمة وبناء الأجيال بعيدا عن مواريث القرن العشرين واعتماد مشروع نهضوي حقيقي أو أكثر لمواجهة المستقبل.
إن بقينا نجتر الأمجاد ولا نعترف بالأخطاء واكتفينا بالإدانة والعيش في هذا الوهم فسوف تبقى الأحوال كما هي
فما هي هذه الركائز التي بالإمكان أن تضطلع بها حكومات قديرة ووطنية ونبيلة؟
- أولا، التجديد في القوانين والتعليمات لكل المرافق والمؤسسات.
- ثانيا، المدنية والانفتاح على حياة العصر بعيدا عن الماضويات وتناقضاتها التاريخية والمذهبية وتحريم الصراعات من أجلها.
- ثالثا، تجديد المناهج في التدريسات وإعادة التفكير في مفهوم التمدن والوعي بالمصير.
- رابعا، إرساء مفهوم الأمن الوطني والضوابط والتدقيق والإشراف والتفتيش في كل المرافق.
- خامسا، حرية الثقافة وضبط الإعلاميات والاهتمام بالمبدعين منذ صغرهم.
- سادسا، وضع الإنسان المناسب في مكانه المناسب في كل المؤسسات.
- سابعا، توفير الحياة الكريمة للناس والاعتناء بالبيئات الطبيعية مع توفير الماء والغذاء والطاقة.
- ثامنا، تشجيع النخب الفكرية والمثقفة والمهنية والفنية للعمل من أجل خدمة المجتمع وتطوره.
حالفكم التوفيق مع الشكر.