"الباب" فيلم يستعيد ذاكرة الألم في تشرنوبل

ما إن أعلن فوز الكاتبة البيلاروسية سفيتلانا الكسييفيتش بجائزة نوبل للآداب قبل أيام، حتى تناقلت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عددا من أعمالها مترجمة إلى اللغة العربية لتعريف القارئ العربي بما تعرضه من قضايا والذي اتضح أنه يجهلها تماما، وكان من بين ما تمّ تداوله، الفيلم السينمائي القصير “الباب” المستوحى من إحدى قصص كتابها “أصوات من تشرنوبل”، والذي سبق وأن ترشّح للأوسكار عام 2010.
الجمعة 2015/10/23
الفيلم يلخص مأساة كل الذين قضوا وتأثروا بسبب كارثة تشرنوبل

فيلم “الباب” مستوحى من إحدى قصص كتاب “أصوات من تشرنوبل” للكاتبة البيلاروسية سفيتلانا الكسييفيتش الحائزة على جائزة نوبل للآداب 2015. وهو من سيناريو وإخراج الأيرلندية جونيتا ويلسون، ويحكي قصة المواطن في الاتحاد السوفييتي سابقا، نيكولاي كالوغين وابنته الصغيرة.

ويلخّص من خلال 15 دقيقة تقريبا، مأساة كل الذين قضوا وتأثروا بسبب كارثة تشرنوبل التي وقعت بتاريخ 26 أبريل عام 1986 في إحدى مدن أوكرانيا اليوم، وهي أكبر كارثة نووية شهدها العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وقد راح ضحيتها حوالي 36 قتيلا و2000 مصاب.

ثمة بعد مؤلم يترصد بالمشاهد منذ اللقطة الأولى. فذاك الرجل/ الأب يتسلل إلى منزله الذي غادره مضطرا على هامش الحادثة، ليقتلع الباب ويسرقه عائدا به إلى مكان آخر يجتمع فيه أشخاص منكوبون تبدو الكآبة واضحة وجليّة على ملامحهم.

لقد سرق باب منزله المزيّن بنقوش من الذاكرة القديمة، مع احتمال أن تمسك به الشرطة المحيطة بالمنطقة، حتى يستطيع نقل ابنته إلى مثواها الأخير، محملة على هذا الباب كما سبق وفعل مع والده، وكأنه تقليد عائلي.

ونعود بالزمن إلى لحظات إعلان تشرنوبل منطقة منكوبة وإلى لحظات مغادرة ساكنيها دون رجعة. ونتوقف عند عائلة هذا المواطن وعند ابنته الصغيرة البالغة من العمر 7 سنوات تقريبا، والتي كانت مهتمة بأن يغادر معها جميع أشيائها وألعابها، ومع ذلك فهذه الصغيرة لم تنجُ من آثار مفاعل نووي نجح في القضاء على طفولتها.

كذلك فهمنا أن الكارثة الحقيقية لم تكن في مغادرة هؤلاء لأمكنتهم الأصلية، لكنها كانت في فقدانهم لأحبتهم. لذا فإن العبارة التي استقبلنا بها الأب في بداية الفيلم، كانت هي ذاتها التي ودّعنا بها، قائلا “ذلك اليوم لم نفقد بلدتنا فقط، إنما حدث وأن فقدنا عالمنا بأكمله”.

ويبدو أن المخرجة كانت وفية لما جاء في قصة هذا الرجل داخل كتاب “أصوات من تشرنوبل”، خاصة في تركيزها على سرقة الباب، حيث للتفاصيل ألمها الحقيقي والكبير أثناء روايته لما حصل معه وقت اقتحام المنزل محملا بوجع لا يطاق.

وقد استطاعت المخرجة جونيتا ويلسون كما استطاعت كاتبتنا سفيتلانا الكسييفيتش من قبلها، تحويل أنظار العالم إلى كارثة لم يسبق لكثيرين أن سمعوا عنها، بينما تجاهل آخرون وقوعها منذ البداية، وكأنها لم تكن ولم تترك أثرا لا يزال في الحقيقة مريرا حتى اللحظة.

16