البابا يوجه نداء من البحرين لاحترام حقوق الإنسان وتحسين ظروف العمال

المنامة - دعا البابا فرنسيس الخميس بعيد وصوله إلى البحرين في أول زيارة للمملكة الخليجية الصغيرة، إلى احترام حقوق الإنسان والحرية الدينية وتحسين ظروف عيش الملايين من العمال في المنطقة الثرية.
وتحدّث البابا في خطاب أمام العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة وكبار المسؤولين ودبلوماسيين، عن قضايا الاحترام والتسامح والحرية الدينية التي أقرّها دستور البحرين.
وقال إنها التزامات “يجب ترجمتها باستمرار إلى عمل، حتى تصبح الحرية الدينية كاملة ولا تقتصر على حرية العبادة، وحتى يتم الاعتراف، لكل جماعة ولكل شخص، بكرامة متساوية، وفرص متكافئة وحتى لا يكون تمييز ولا تُنتهك حقوق الإنسان الأساسية، بل يتم تعزيزها”.
وأضاف “أفكر قبل كل شيء في الحق في الحياة، ضرورة ضمانه دائما، حتى عند فرض العقوبات على البعض، حتى هؤلاء لا يمكن القضاء على حياتهم”.
وكان البابا فرنسيس قد وصل البحرين، في زيارة تستمر أربعة أيام وهي الأولى لحبر أعظم إلى المملكة الخليجية الصغيرة، يخصص الجزء الأكبر منها للتأكيد على أهمية الحوار بين الأديان.
وحطت الطائرة البابوية في قاعدة الصخير الجوية في منطقة العوالي جنوب البحرين قرابة الساعة 16:40 بالتوقيت المحلي (13:40 ت غ). وللمرة الأولى منذ انتخابه عام 2013، لم يجر البابا البالغ من العمر 85 عاما جولته الاعتيادية على الصحافيين الذين رافقوه على متن الطائرة، بسبب آلام الركبة التي يعاني منها مؤخرا.
موقف البابا جاء في وقت تواجه فيه قطر المجاورة للبحرين انتقادات متزايدة بشأن أوضاع العمال الأجانب وظروف عملهم
وقال للصحافيين بينما جلس على مقعده “كنت أود أن أحييكم واحدا تلو الآخر، لكن المشكلة أنني أشعر بألم شديد، ولا رغبة لي بالتجول”. وتابع “إنها رحلة مثيرة للاهتمام ستجعلنا نفكّر ونقدّم أخبارا جيدة”.
واستُقبل البابا في القاعدة الجوية على وقع الموسيقى التقليدية بينما كان أطفال في محيط القصر الملكي المجاور يطلقون التحية والهتافات المرحّبة.
وبدت تصريحات البابا بشأن حقوق الإنسان وقضايا العمال استجابة لضغوط عدد من المنظمات الدولية التي قالت في بيان مشترك الثلاثاء إنه ينبغي للبابا دعوة السلطات البحرينية إلى “فرض وقف على إصدار أحكام الإعدام وتنفيذها”. كما حثّته على المطالبة بـ”الإفراج عن كل من سُجن جرّاء ممارسة حقه في حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي والتعبير”.
ونفّذت البحرين وهي مقر الأسطول الخامس الأميركي، في العام 2017 أول عملية إعدام بعد سبع سنوات من إعدام آخر شخص. ومنذ ذلك الحين، أعدمت سلطات المملكة الخليجية ستة أشخاص، بعضهم على خلفية قضايا ترتبط بالاضطرابات التي شهدتها البلاد في 2011. وهناك 26 شخصا محكوم عليهم بالإعدام.
وقبيل وصول البابا، وجّهت عائلات 12 محكوما بالإعدام رسالة للبابا فرنسيس لحثه على طلب تخفيف الأحكام.
وجاء في الرسالة “خلال زيارتك للبحرين، نأمل أن تتمكن من تكرار دعوتك لإلغاء عقوبة الإعدام ولتخفيف الأحكام الصادرة عن أفراد عائلاتنا. نعتقد أنّ تدخلكم يمكن أن يساعد في إنقاذ حياة أحبائنا الأبرياء”.
وفي بيانها، طالبت المنظمات الحقوقية التسع كذلك البابا فرنسيس بـ”حثّ السلطات البحرينية على إنهاء الانتهاكات ضد العمال الوافدين”.
ودعا البابا في كلمته إلى “ضمان ظروف عمل آمنة ولائقة بالإنسان في كل مكان”، منددا بـ”العمل اللاإنساني”، قبل ثلاثة أسابيع من انطلاق منافسات كأس العالم في قطر وتزايد الانتقادات بحقها إزاء حقوق العمّال المهاجرين.
وقال “لا يزال هناك نقص كثير في العمل وعمل لاإنساني كثير. هذا لا ينطوي على مخاطر جسيمة من حيث عدم الاستقرار الاجتماعي بل يمثل انتهاكا لكرامة الإنسان”. وأضاف “العمل، الثمين مثل الخبز، ينقص غالبا. وفي كثير من الأحيان، هو خبز مسموم لأن فيه عبودية”.
وجاء موقف البابا في وقت تواجه فيه قطر المجاورة للبحرين انتقادات بشأن معاملة العمال الأجانب الذين قاموا ببناء معظم الملاعب الجديدة والبنية التحتية للنقل من أجل كأس العالم.
وأقامت البحرين التي يبلغ تعداد سكانها 1.4 مليون نسمة، علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان في العام 2000. ويقطنها نحو ثمانين ألف مسيحي كاثوليكي، وفق الفاتيكان، يتحدرون بشكل رئيسي من جنوب شرق آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط ومن دول غربية.
وهذه الزيارة التاسعة والثلاثون للبابا إلى الخارج منذ انتخابه، والثانية إلى منطقة الخليج، بعد زيارة تاريخية إلى الإمارات عام 2019. وسيتصدّر الحوار بين الأديان، الذي يدافع عنه بشراسة، مضمون لقاءاته في البحرين، إضافة إلى إثارته قضايا تتعلق بحقوق الإنسان والعمال المهاجرين والبيئة.
وتأتي زيارة البابا في إطار ملتقى البحرين للحوار “الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني” الذي افتتح أعماله صباح الخميس، بحضور مسؤولين وقادة دينيين من دول عدة.
ويلقي البابا الجمعة كلمة أمام أعضاء “مجلس حكماء المسلمين” في جامع قصر الصخير. ويلتقي كذلك شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب الذي وقع معه في أبوظبي وثيقة تاريخية حول الأخوة الإنسانية.
وقال عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في البحرين الشيخ عبداللطيف المحمود لوكالة فرانس برس في المنامة “التقاء هاتين القامتين الدينيتين للمسلمين والمسيحيين، أعتقد أنه شرف للبحرين”.
ومنذ انتخابه على سدّة الكرسي الرسولي عام 2013، زار البابا فرنسيس الأرجنتيني الجنسية أكثر من عشر دول ذات غالبية مسلمة، بينها الأردن وتركيا والبوسنة والهرسك ومصر وبنغلاديش والمغرب والعراق.