الاهتمام المفاجئ للدبيبة بالشباب يثير جدلا في ليبيا

طرابلس- يثير الاهتمام المفاجئ لعبدالحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، بفئة الشباب من خلال ترسيخ فكرة الزواج لديهم وإشراكهم في الحياة السياسية جدلا واسعا في الأوساط الليبية، في حين يعتبره مراقبون خطوة من الدبيبة لتحقيق مصالح انتخابية وسياسية.
والتقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي وفداً من منسقي منتدى حوار الشباب السياسي، بديوان المجلس الرئاسي في طرابلس. وبحث اللقاء القضايا المتعلقة بالشباب وأهمية مشاركتهم في الحياة السياسية ودورهم في تعزيز عملية المصالحة الوطنية.
ونقل المكتب الإعلامي بالمجلس الرئاسي عن المنفي تأكيده على دعمه للشباب واهتمامه البالغ بهذه الشريحة التي يُنتظر منها الكثير ويُعوّل عليها في عملية التنمية وإرساء المصالحة الوطنية.
وتأمل الحكومة الليبية في أن تنعش مبادرة صندوق دعم الزواج آمال الشباب في البلاد، من أجل تجاوز أحد تداعيات الآثار الاقتصادية للحرب الدائرة في البلاد على مدار عقد كامل، والمرتبط بعزوف الشباب عن الزواج في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وتشهد عملية التسجيل للحصول على المنحة المقدمة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة إقبالا متناميا من قبل الشباب في ليبيا، وذلك منذ إطلاقها عمليا في الخامس من سبتمبر الجاري.
وتستهدف المنحة خمسين ألف شاب وشابة، ممن يعقدون قرانهم في الفترة الممتدة من الثاني عشر من أغسطس حتى الحادي والثلاثين من ديسمبر المقبل، بقيمة أربعين ألف دينار (8.85 ألف دولار) لكل زيجة (مناصفة بين الشاب والفتاة).
وسبق أن أعلن الدبيبة في فعالية احتفالية أُقيمت بمدينة الخمس غربي ليبيا، بمناسبة اليوم العالمي للشباب، تخصيص مليار دينار (222 مليون دولار) كـ”منحة زواج”، بالإضافة إلى مليار و700 مليون دينار (377 مليون دولار) قروضا سكنية لمساعدة الشباب على الاستقرار والتقليل من عزوفهم عن الزواج.
وقال حينها مخاطبا جمهورا من الشباب “ابتداء من شهر سبتمبر (…)، سيحصل خمسون ألف شاب وشابة على دعم منحة الزواج بشرط أن يقدم الشاب ما يثبت إقباله على الزواج”.

أسماء الخوجة: كان من الأجدر صرف هذه المبالغ في مشاريع صغرى للشباب
وترى أوساط سياسية أن مبادرة الدبيبة تهدف إلى كسب تعاطف الشباب واعتمادهم كخزان انتخابي في الاستحقاقات المقبلة.
وأكدت أسماء الخوجة -عضو مجلس النواب- أن مجلس النواب أصدر قانونا رقم (5) لسنة 2019 بشأن إنشاء صندوق دعم الزواج، وأنها كانت من ضمن أعضاء المجلس الذين دعموا هذا القرار ورحبوا به، مشيرة إلى أن اعتراضها كان على آلية تنفيذ القرار من قبل الدبيبة.
واستغربت في تصريحات صحافية “منح مثل هذا المبلغ للشاب المقبل على الزواج دون وجود مسكن ودون توفير مصدر دخل ثابت، ما يجعل الأسرة تواجه صعوبات، خصوصًا في ظل غلاء أسعار إيجارات المساكن في المدن الرئيسية وغيرها من المدن الليبية”.
وأضافت “كان من الأجدر صرف هذه المبالغ في مشروعات صغرى للشباب لتأمين الحياة الكريمة، أو صرفها كدفعة أولى لمشاريع إسكانية في المدن الليبية أسوة بالدول المجاورة”، مشددة على أن شباب ليبيا الذين أنهكتهم الحروب يستحقون أكثر من ذلك.
ورأت أن “الأولى من الزواج حاليا هو المشاريع التي توفر للشباب حياة كريمة وبناء شاب ليبي واع ويملك العلم والحرفة التي تضمن له حياة مستقرة، وبعدها تكون خطوة الزواج”، معتبرة أن “قرار الدبيبة لم يكن مدروسا أبدا، وهدفه كسب أصواتهم وتعاطفهم؛ خاصة أنه جاء ارتجاليا ومفاجئا ولم يخضع للدراسة من قبل مؤسسات الدولة كوزارة التخطيط مثلا”.
وحدد صندوق دعم الزواج الاشتراطات الخاصة بالحصول على المنحة، وأهمها أن يكون عقد القران مسجلا بمنظومة السجل المدني، مع الحصول على رقم قيد جديد. ولا تغطي المبادرة عقد قران الليبي من مواطنة أجنبية أو العكس. كما اشترطت أن يكون الزواج هو الأول للزوج.
ومنذ الإعلان عن الشروط وفتح باب التقديم تسابق شباب ليبيون من أجل استيفاء المستندات المطلوبة للتسجيل.
وجعلت الحرب الأهلية وغياب الأمن والأزمات الاقتصادية الآلاف من الفتيات العازبات في ليبيا يواجهن خطر العنوسة، وأصبحت هذه العوامل عائقا أمام زواجهن.
وفي عام 2015 حصد الاقتتال الداخلي في ليبيا الذي دام حوالي ثمانية أشهر الآلاف من الأرواح وتسبب في فقدان الكثيرين لأفراد من عائلاتهم وذويهم، كما تشير التقديرات إلى قتل قرابة عشرة آلاف ليبي أغلبهم من الشباب غير المتزوجين بنسبة خمس وستين في المئة.