الانقلاب أسهل تهمة لدى أردوغان لضباط متقاعدين انتقدوه

إسطنبول - وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بيانا أصدره كبار قادة البحرية التركية المتقاعدين بأنه "يتجاوز حرية التعبير ويعد انقلابا ضمنيا"، وذلك بعد حملة اعتقالات طالت عشرة أميرالات متقاعدين على الأقل وقّعوا على البيان الذي يؤكد أهمية اتفاقية مونترو البحرية الموقعة منذ 85 عاما.
وجاء تحذير الضباط المتقاعدين وسط مخاوف من خرق مشروع قناة إسطنبول لاتفاقية مونترو الموقعة عام 1936 لعبور البوسفور، والتي ترعى استخدام القنوات البحرية التركية.
وقال أردوغان، الذي ترأس اجتماعا خصص لتقييم بيان أصدره عدد من الضباط المتقاعدين، إن بلاده ليست لديها أي نية في الوقت الراهن للخروج من الاتفاقية الخاصة بحركة السفن عبر المضائق التركية.
وأضاف أن بيان الضباط المتقاعدين ناجم عن نيات سيئة، وأنه ليس من مهامهم نشر بيانات تتضمن تلميحات انقلابية.
واعتبر أن مثل هذه الخطوات وإن كانت صادرة عن ضباط متقاعدين تعد إساءة كبيرة للقوات المسلحة التركية.
وأوضح أن "جميع الهجمات التي استهدفت الديمقراطية في تركيا جاءت عقب مثل هذه البيانات"، في اتهام ضمني للمجموعة الموقعة على البيان بأنها تعمل على تنفيذ انقلاب ضد حكمه.
واستبق أردوغان تلك الاتهامات بحملة اعتقالات طالت عشرة ضباط من أصل أكثر من مئة ضابط سابق وقعوا على البيان، الذي يمثل تحديا لسلطة الرئيس التركي.
ويصف الضباط في كتابهم المفتوح عملية شق قناة إسطنبول، أحد أبرز مشاريع الرئيس التركي، بأنها مشاريع "جنونية" لإحداث تحوّل على صعيد البنى التحتية من مطارات وجسور وطرق وأنفاق خلال عهده المستمر منذ 18 عاما.
وقال مكتب المدعي العام في أنقرة إن الأدميرالات العشرة المتقاعدين وضعوا في الحبس على ذمة التحقيق. ولم يوقف أربعة ضباط سابقين آخرين بسبب سنهم، لكن طلب منهم المثول أمام شرطة أنقرة في الأيام الثلاثة المقبلة.
وبوشر تحقيق في حق العسكريين المتقاعدين الموقّعين على الرسالة بتهمة "الاجتماع للمساس بأمن الدولة والنظام الدستوري"، على ما أوضح مكتب المدعي العام.
وندد مسؤولون أتراك كبار الأحد بالرسالة التي وقعها أكثر من 103 أدميرالات متقاعدين، محذرين فيها من التهديد الذي قد يشكله برأيهم مشروع "قناة إسطنبول" الذي يدعمه أردوغان، على اتفاقية تضمن حرية المرور في مضيق البوسفور.
والشهر الماضي صادقت تركيا على مشاريع لتطوير قناة للشحن البحري في إسطنبول أسوة بمشاريع قنوات بنما والسويس، مما أدى إلى جدل حول اتفاقية مونترو الموقعة في العام 1936.
ويعتبر مسؤولون أتراك أن القناة الجديدة تكتسي أهمية حيوية لتخفيف الضغط عن مضيق البوسفور في إسطنبول، الذي يعد ممرا أساسيا للتجارة العالمية عبرته العام الماضي أكثر من 38 ألف سفينة، لكن معارضي المشروع يعتبرون أنه وبمعزل عن تأثيره البيئي، يمكن أن يقوّض اتفاقية مونترو.
وتضمن اتفاقية مونترو حرية عبور السفن المدنية عبر مضيقي البوسفور والدردنيل في السلم والحرب.
واستدعى الكتاب المفتوح ردا شديد اللهجة من حكومة العدالة والتنمية، فلم يتخلف أي مسؤول منها خلال الـ24 ساعة الماضية عن انتقاد بيان الأدميرالات، محذرين من وجود انقلاب على الأبواب.
وكان آخر المروجين لـ"فوبيا الانقلاب" وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي قال "إن بيان الضباط المتقاعدين أسلوب يستحضر انقلابا كما كان في السابق".
وأضاف أوغلو أن الذين يقفون وراء البيان لا يعنون منه اتفاقية مونترو، وإنما يستهدفون الرئيس أردوغان وحكومته وتحالف الشعب (يضم حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية).
وتحذيرات جاويش أوغلو من شبح الانقلاب ردّدها أيضا زملاؤه من طاقم الحزب الحاكم من بينهم رئيس البرلمان مصطفى شنطوب، ونائب رئيس الجمهورية فؤاد أوقطاي، والمتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، وعدد من الوزراء.
وقال إبراهيم قالن المتحدث باسم الرئاسة إن البيان يحمل سمات مؤامرة عسكرية للإطاحة بالحكومة.
وأضاف "مجموعة من الجنود المتقاعدين يضعون أنفسهم في وضع مضحك وبائس ببيانهم الذي يردد أصداء زمن الانقلابات".
وجاء في تغريدة لرئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخرالدين ألتون أنه "ليس فقط من وقّعوا، بل أيضا من شجّعوهم على ذلك سيمثلون أمام القضاء".
وتكشف حالة الهلع التي انتابت أردوغان وقيادات حزبه والخوف من شبح الانقلاب هشاشة أركان النظام التركي، الذي لطالما اتهم بالدكتاتورية وبالتدخل في شؤون القضاء.