الانقسام الكويتي فرصة ذهبية لعودة مسلم البراك إلى السياسة

الكويت – يبني المعارض الكويتي مسلم البراك شعبية وزخما بينما تعيش البلاد على وقع أزمة سياسية كان من آخر تداعيتها حل البرلمان.
ويقول مراقبون إن العفو الأميري الذي صدر في نوفمبر 2021 والذي أعاد البراك إلى المشهد السياسي يمكن أن يثبت أنه سوء تقدير سياسي خطير لشخصيات سياسية نافذة في الكويت خصوصا وزير الدفاع الشيخ طلال خالد الصباح والشيخ ناصر المحمد اللذين دفعا نحو استصدار العفو الأميري.
وأشار الخبير في شؤون الخليج كريستوفر ديفيدسون إلى أنه من الواضح أن البراك يتمتع بوضع جيد وخبرة كافية لاستغلال الأوضاع المتأزمة التي تشهدها البلاد والمضي قدما في مطالبه المعلنة منذ فترة طويلة من أجل تشكيل برلمان أكثر ديمقراطية والمزيد من الضوابط والتوازنات على المؤسسة.
وكتب ديفيدسون يقول “مسلم البراك يعود إلى المستقبل”، وأشار إلى أن البراك يحرّض المعارضين الذين يشتركون معه في الأفكار وشغلوا مقاعد في البرلمان المنحل الآن، ومنهم عبيد الوسمي وبدر الداهوم ومحمد براك المطيري.
البراك يحرض المعارضين الذين يشتركون معه في الأفكار وشغلوا مقاعد في البرلمان المنحل، ومنهم عبيد الوسمي وبدر الداهوم
وعاد البراك إلى كتلة العمل الشعبي في البرلمان وأعيد انتخابه أمينا عاما لتحالف يمين الوسط الشهر الماضي. وغادر البراك الكويت نحو تركيا في 2018 قبل صدور حكم في حقه، بعد سنوات من التصعيد والتوتر مع السلطة.
وعند عودته بعد ما يقارب أربع سنوات من النفي الذاتي، قال البراك “نتوق إلى الشعب الكويتي شوق العطشان إلى المياه العذبة”، ووعد قائلا “سنمضي في بناء الكويت ونحقق كل ما هو مطلوب. أمنيات أهلها المخلصين… ها هي الكويت التي تعرفني وأنا أعرفها”.
ثم صرّح في مؤتمر في يناير 2022 أنه كانت هناك حاجة “لتجميع الكلمة وتوحيد الصفوف، ولن نتراجع عن مشروعنا الإصلاحي”.
وصرّح في فبراير 2022 أن الكويت “لن تصلح إلا بحكومة منتخبة يأتي رئيسها من رحم صناديق الاقتراع”.
وفي مارس 2022، تعهد بالاستمرار في المعارضة رغم العفو وقال في تصريحات إعلامية “على الرغم من ثروة الكويت، إلا أن المعاناة في كل مكان… فالكويتيون يعيشون حالة من القلق، والشعور بأن الحكومة والبرلمان عاجزان عن حل مشاكلهم، وهذا هو أخطر شيء يمكن أن يحدث للتجربة الديمقراطية”.
لكن البراك لا يزال غير مؤهل للترشح في انتخابات مجلس الأمة، حيث أن عفو الأمير لا يمنحه سوى حريته. كما من الواضح أنه فقد داعمه السابق من الأسرة الحاكمة، الشيخ أحمد الفهد الصباح (وزير النفط ورئيس المجلس الأولمبي الآسيوي السابق الذي أدانته المحاكم السويسرية بالفعل بتهمة التزوير، وتجري وزارة العدل الأميركية الآن التحقيق معه بتهمة الفساد الرياضي).
ورغم ذلك يبدو أن المشهد السياسي الحالي في الكويت بات أكثر انقساما من أيّ وقت مضى، وهو ما يمثل فرصة ذهبية للبراك.
وعلى الرغم من تشكيل حكومة جديدة بعد إصدار العفو في ديسمبر 2021 (الذي شمل أربعة نواب من بينهم ثلاثة من المعارضة، ويعد الأوسع منذ منتصف التسعينات)، قدم نواب معارضون في يناير 2022 مشروع حجب الثقة عن وزير الدفاع حمد جابر الصباح.

ورغم نجاته بصعوبة (بفارق خمسة أصوات)، فقد أدلى عدة نواب بتصريحات شديدة اللهجة أثناء الجلسة، وادعى أحدهم أن هناك “فسادا واضحا ومفضوحا… وأن إدارة الوزير سيئة واستمرار هذا الأداء السلبي غير مقبول”.
وفي فبراير 2022، فشل نواب المعارضة في سحب الثقة من وزير الخارجية الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح (ابن رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد)، الذي اتهمت وزارته بخرق المعاهدات الدولية والاتفاقيات وأن الأموال العامة قد أهدرت في بناء مجمع لبعثة الكويت في بروناي وأن اختفاء مواطن كويتي في رومانيا لم يُجر التحقيق فيه بشكل سليم.
وفيما يشير إلى المزيد من الشلل، استقالت الحكومة في أوائل أبريل 2022 مرة أخرى.
وأصدر ولي العهد الأمير مشعل الأحمد الصباح مرسوما بقبول استقالة الحكومة في العاشر من مايو 2022، لكنه أوضح أنه من المقرر أن تستمر في مهامها بصفة تصريف الأعمال، مع عدم تقديم جدول زمني بشأن تشكيل حكومة جديدة.
وفي الثاني والعشرين من يونيو الجاري حل ولي العهد البرلمان قائلا في خطاب متلفز إن النسيج السياسي للبلاد “ممزق بسبب الخلاف والمصالح الشخصية” وأعلن عن نيته إجراء انتخابات جديدة قريبا.