الانفتاح على تركيا ينهك الأردن اقتصاديا

عمان – راهن الأردن في الأشهر الماضية على تنويع الشركاء الإقليميين لتخفيف الضغوط السياسية والاقتصادية عليه، بيد أن هذه السياسة لم تؤت أكلها بل كانت لها في بعض الأحيان ارتدادات عكسية، على غرار العلاقة مع الجانب التركي.
ويعاني الأردن من أزمة مركبة يتداخل معها السياسي بالاقتصادي في علاقة خاصة بتراجع موقعه في سلم أولويات الدول الرئيسية الداعمة له، ما اضطره إلى البحث عن خيارات بديلة بينها الانفتاح على تركيا، التي تلقفت هذه الإشارات بسرعة وهي التي تواجه حائط صد سميكا في المنطقة، وتأمل في أن تحدث بتقاربها مع عمان ثغرة به.
وقد شهدت العلاقة بين الجانبين منذ العام الماضي تطورا ملحوظا وهو ما ترجمته الحفاوة الكبيرة التي استقبل بها الرئيس رجب طيب أردوغان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وعقيلته رانيا العبدالله في فبراير الماضي تلتها زيارات متبادلة لمسؤولي البلدين.
وكان الأردن يأمل من خلال تعميق أواصر العلاقة مع أنقرة فتح متنفس جديد لاقتصاده المنهك بيد أن النتيجة كانت عكسية وفق المؤشرات الحالية.
وحذر مؤخرا نواب أردنيون من أن العديد من المصانع الأردنية مهددة بالإفلاس بسبب إغراق الأسواق المحلية بالمنتوجات والبضائع التركية.
ونشر النائب طارق خوري عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر بيانا لإحدى الشركات في محافظة الزرقاء (شمال شرقي المملكة) تعلن فيه تسريح موظفيها.
وكتب خوري عبر حسابه أن “هذه شركة من شركات محافظة الزرقاء لصناعة الأدوية فيها 45 موظفا مع عائلاتهم توقفت عن العمل بسبب ارتفاع التكاليف والتنافس غير العادل وهذا كتاب تصفية للموظفين”.
وعزا مجلس إدارة الشركة قرار الغلق إلى خسارة الشركة وعدم قدرتها على منافسة البضائع التركية التي تحظى بدعم كبير من الحكومة التركية، وإلى عدم وجود قوانين تحمي الصناعات الوطنية، وهو ما أدى إلى تكبيد الشركة خسائر متتالية وأصبحت غير قادرة على الاستمرار.
وقالت الشركة في بيانها إنها ليست الوحيدة بل هناك شركات ومصانع تعاني من الخسائر وتقدر قيمة استثمارها بـ7 ملايين دينار وفيها العشرات من الموظفين المهددين بخسارة عملهم.
ويعاني الاقتصاد الأردني من أزمة متفاقمة، نتيجة عوامل هيكلية، وأخرى خارجية في علاقة بالصراع الدائر في الجارة سوريا منذ العام 2011، والذي أدى إلى تراجع حاد في عملية التبادل التجاري، فضلا عن اضطرار المملكة إلى احتضان آلاف اللاجئين ما شكل عبئا إضافيا على مقدرات المملكة.
وسعت الحكومة الحالية برئاسة عمر الرزاز إلى تكثيف المبادرات الدبلوماسية صوب العراق وتركيا وحتى سوريا (قبل أن تعود العلاقات وتنتكس مجددا)، وعمل الرزاز خلال زيارتين لأنقرة منذ توليه المنصب على عقد إطار بديل عن اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا التي تم إلغاؤها بيد أن الأمور لا تزال تراوح مكانها.
ووقع الجانبان اتفاقية لإقامة منطقة تجارة حرة في ديسمبر 2009، لتدخل حيز التنفيذ في الأول من مارس من عام 2011. إلا أن الأردن قرر إلغاء الاتفاقية بصيغتها السابقة كونها لم تحقق النتائج المرجوة للاقتصاد الأردني من ناحية، ولم يكن هناك تناسب بين الصادرات الأردنية إلى تركيا مقارنة بحجم الواردات الكبير من تركيا من ناحية أخرى. ويقول الأردن إنه أعاد فرض الرسوم الجمركية على البضائع التركية بيد أن تدفقها على أسواق المملكة بشكل أضر بالمنتوجات المحلية يطرح أكثر من تساؤل.