الانضباط المالي يعزز النظرة الإيجابية لمسار الاقتصاد العماني

مشكلة الديون وضبط التوازنات المالية تشكل محددين رئيسيين لنجاح مسقط في تجسيد خططها قصيرة وبعيدة المدى في جعل الاقتصاد أكثر تنوعا من حيث مصادر الدخل.
السبت 2024/08/31
مؤشرات إيجابية

مسقط - تمنح أحدث التقييمات الإيجابية الصادرة عن وكالات التصنيف الائتماني المزيد من الثقة في مواصلة الحكومة العمانية في تعزيز دفاعاتها المالية والاقتصادية، ويدفعها إلى استكمال تنفيذ الإصلاحات رغم استمرار التقلبات الخارجية بسبب كثرة الأزمات.

واكتسبت الجهود والإجراءات العمانية المتخذة لضبط الإنفاق العام وخفض الدين العام ونمو الإيرادات غير النفطية وتحسين مؤشرات أداء المالية العامة للدولة دعما جديدا من تعديل وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية النظرة المستقبلية للاقتصاد العماني.

وتشكل مشكلة الديون وضبط التوازنات المالية محددين رئيسيين لنجاح مسقط في تجسيد خططها قصيرة وبعيدة المدى في جعل الاقتصاد أكثر تنوعا من حيث مصادر الدخل بما يجعل بيئة التنمية أكثر تنافسية مع مرور الوقت أسوة ببعض دول الخليج الأخرى.

وعدّلت موديز في تقريرها الصادر في وقت متأخر الخميس الماضي، عبر منصتها الإلكترونية نظرتها المستقبلية للسلطنة من نظرة مستقرة إلى نظرة إيجابية مع تأكيد التصنيف الائتماني عند بي. أي 1.

وعزت الوكالة هذا التحسّنَ إلى استمرار تراجع مستويات الدين العام وتحسن إيرادات النفط، مشيرة إلى أن التزام الحكومة بإستراتيجية إدارة الدين العام أدى إلى تقليل مخاطر الديون الخارجية، وتعزيز قوة المركز المالي للدولة، وتحقيق نتائج إيجابية ومستويات مستقرة في الاحتياطيات الأجنبية.

16.1

مليار دولار إيرادات الدولة بنهاية الربع الثاني في 2024 منخفضة باثنين في المئة بمقارنة سنوية

وأشارت إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة عززت من قدرتها على مواجهة الصدمات، مثل تقلبات أسعار الطاقة، وارتفاع نسب الفائدة وغيرها من المتغيرات.

وقالت الوكالة إن “السلطنة تمكّنت من خفض الدين العام إلى 36.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2023″، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء العمانية الرسمية.

وبلغت الديون الخارجية منها نحو 24 في المئة مقارنة بما كانت عليه في عام 2020 البالغة أكثر من 50 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.

وأشار تقرير موديز إلى انخفاض معدل إجمالي الدين العام حتى نهاية يوليو الماضي إلى نحو 34 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض الدين العام للبلد الخليجي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 35.7 في المئة خلال العام الحالي من 37.7 في المئة في 2023.

وحققت الميزانية العمانية فائضا بأكثر من مليار دولار خلال النصف الأول من 2024 بحسب ما أظهرت نشرة الأداء المالي الصادرة عن وزارة المالية.

وأوضحت النشرة أن الإيرادات العامة حتى نهاية الربع الثاني من 2024 سجلت نحو 16.1 مليار دولار منخفضة بنسبة اثنين في المئة على أساس سنوي. ويعزى ذلك بشكل رئيس إلى انخفاض صافي إيرادات الغاز والإيرادات الجارية.

تعديل التصنيف جاء نتيجة استمرار تراجع مستويات الدين العام وتحسن عوائد النفط
تعديل التصنيف جاء نتيجة استمرار تراجع مستويات الدين العام وتحسن عوائد النفط

وبلغ الإنفاق العام أكثر من 15 مليار دولار، مرتفعا بمقدار اثنين في المئة عن الإنفاق الفعلي للفترة ذاتها من عام 2023.

كما أشارت نشرة الأداء المالي إلى ارتفاع صافي إيرادات النفط حتى نهاية الربع الثاني من هذا العام بنسبة 3 في المئة بمقارنة سنوية مسجلا نحو 8.73 مليار دولار.

وبلغ متوسط سعر النفط المحقق نحو 82 دولارا للبرميل ومتوسط كمية إنتاج النفط نحو مليون و3 آلاف برميل يوميا، ويعزى ذلك إلى منهجية تحصيل شركة طاقة عُمان لإيرادات النفط وإدارة السيولة النقدية.

وبينت النشرة أن صافي إيرادات الغاز انخفض بنهاية الربع الثاني بحوالي 15 في المئة مسجلًا نحو 2.45 مليار دولار بمقارنة سنوية، ويعزى ذلك إلى تغير منهجية تحصيل إيرادات الغاز.

أما الإيرادات الجارية المحصلة حتى نهاية الربع الثاني فقد انخفضت بمقدار 208 ملايين دولار، حيث بلغت 4.88 مليار دولار على أساس سنوي.

وفي أبريل الماضي، توقعت وكالة فيتش أن تعود سلطنة عمان إلى تسجيل عجز في الميزانية مع ارتفاع الدين الحكومي بشكل هامشي حال تراجع خام برنت إلى 70 دولارا للبرميل في 2025 و65 دولارا للبرميل في الأعوام التالية بحسب تقديراتها.

وقالت الوكالة حينها إن “التقديرات تأتي ضمن تصور أساسي لها بشأن السلطنة التي رفعت تصنيفها إلى بي.بي+ مع نظرة مستقبلية مستقرة في سبتمبر الماضي”.

وأوضحت أن ذلك يعكس تحسنا على الصعيد الهيكلي في سعر التعادل النفطي بسبب الإصلاحات المالية التي قامت بها البلاد، وتقليص قابليتها للتعرض إلى الصدمات المستقبلية واستخدام إيرادات النفط القوية لسداد الديون.

ومع ذلك، أوضحت فيتش أن هناك عددا من المخاطر المالية والاقتصادية والنقدية التي تحيط بالتصنيف الائتماني، من بينها تذبذب أسعار النفط والغاز العالمية المتأثرة بآفاق النمو الاقتصادي العالمي التي يمكن أن تؤثر في قدرة سلطنة عُمان على تحسين مؤشراتها.

ويرجح صندوق النقد أن تسهم الأنشطة غير النفطية في دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام، حيث سيتسارع بنحو 2.5 في المئة ارتفاعا من 1.3 في المئة مسجلة بنهاية العام الماضي.

11