الانشقاقات تضرب الجيش السوداني مع انضمام 337 للدعم السريع

الخرطوم – تتواصل الإنجازات الميدانية لقوات الدعم السريع في السودان، بعد إعلانها إسقاط طائرة حربية تابعة للجيش بنيران مضاداتها الأرضية، وانضمام 337 عنصرا من شرفاء القوات المسلحة إلى صفوفها.
ويأتي ذلك فيما شهدت الخرطوم قصفا واشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة مع استمرار النزاع بين القوتين العسكريتين، وسط أنباء عن قرب التوصل إلى هدنة إنسانية جديدة، في وقت تدفع أعمال العنف في إقليم دارفور مئات من سكانه لعبور الحدود نحو تشاد.
وقالت قوات الدعم السريع بقيادة الفريق الأول محمد حمدان دقلو "حميدتي" اليوم السبت في بيان مرفقا بمقطع فيديو نشرته عبر صفحاتها على فيسبوك وتويتر "أسقط أشاوس قوات الدعم السريع، صباح اليوم السبت، طائرة حربية من طراز (ميغ) تابعة لميليشيا الانقلابيين وفلول النظام البائد". في إشارة إلى الجيش بقيادة الفريق الأول عبدالفتاح البرهان.
ولم يذكر بيان الدعم السريع تفاصيل بشأن مصير طاقم الطائرة، لكنه اتهم طيران الجيش باستهداف أحياء سكنية جنوب العاصمة (مايو، اليرموك، مانديلا) مما تسبب في مقتل وإصابة العشرات وسط المدنيين نترحم على القتلى وندعو بعاجل الشفاء للجرحى".
وهذا الإنجاز الميداني الذي ينضاف إلى رصيد قوات الدعم السريع يأتي بعد ساعات قليلة من انضمام 337 عنصرا من الجيش إلى صفوفها، وهو ما يؤشر على انشقاق كبير يضرب قوات البرهان التي لم تنجح حتى الآن في تحقيق أي تقدم يذكر على الأرض رغم استخدامها "القوة المميتة" بقصف المناطق السكنية وتسليحها الميليشيات.
واستقبلت رئاسة قطاع جنوب دارفور بقوات الدعم السريع على دفعتين مساء الخميس 120 فرداً وضابطاً، وبينما استقبلت الجمعة 217 فرداً وضابطاً. وفق بيان نشرته عبر صفحاتها الرسمية على فيسبوك تويتر.
ورحبت قوات الدعم السريع بانحياز عدد 337 فرداً من وصفتهم بـ"شرفاء القوات المسلحة"، إلى صفوفها بعد انشقاقهم من الفرقة الـ16 نيالا.
وبحسب البيان "شمل المنضمين رتب رفيعة أحدهم برتبة عقيد واثنين برتبتي رائد ونقيب، إضافة إلى رتب أخرى من ضباط الصف وسط فرحة كبيرة من قبل المنضمين".
وأضافت أن "عدد من أفراد القوة المنسلخة من صفوف الانقلابيين، أكدوا أنهم انحازوا إلى الجانب الصحيح من التاريخ وبقناعة راسخة بأن قوات الدعم السريع تخوض حرباً بالنيابة عن الشعب السوداني".
وأوضحت أن المنضمين إلى قواتها "أشاروا إلى أن الانقلابيين دمروا القوات المسلحة برهن قرارها إلى فئة قليلة من الانتهازيين الذين يدينون بالولاء والطاعة للنظام البائد المتطرف الذي يريد العودة للسلطة لتكرار سنوات حكمه البغيضة، وأعلنوا انهم سيقاتلون متحدين كشرفاء من القوات المسلحة مع الدعم السريع ضد فلول النظام البائد الذين اعتبروهم أعداء للشعب السوداني".
وأكدت قوات الدعم السريع، أن "انحياز شرفاء القوات المسلحة إلى صفوفها يعد مؤشراً إيجابياً لتنامي الوعي الوطني لدى الكثير من الجنود الشرفاء".
وأشارت إلى أنه تستقبل "كل الشرفاء الذين يريدون الوقوف يداً واحدة ضد الظلم والفساد والمحسوبية والتصدي لمخططات تحويل القوات المسلحة إلى حاضنة عسكرية للنظام البائد الإرهابي (نظام الرئيس السابق حسن البشير)".
وكان الجيش السوداني قد دعا في وقت سابق اليوم السبت المواطنين لمغادرة منازلهم القريبة من مواقع تمركز قوات الدعم السريع، في وقت تحدثت معلومات عن إمكانية الاتفاق على هدنة جديدة.
وزاد النزاع من حدة الأزمات التي يعانيها السودان، إحدى أكثر دول العالم فقرا حتى قبل المعارك، وأثّر على مجمل مناحي الحياة لسكانه الذين يقدّر عددهم بأكثر من 45 مليون نسمة.
والسبت، أفاد شهود و"لجان المقاومة" في جنوب الخرطوم عن تعرّض منطقة اليرموك الى "قصف جوي سقط على إثره عدد من الضحايا المدنيين".
وأكد شهود وقوع "اشتباكات بكل أنواع الأسلحة" في جنوب العاصمة، و"قصف صاروخي وبالمدفعية الثقيلة" مصدره ضاحية أم درمان بشمال الخرطوم.
وتأتي أعمال العنف هذه غداة تأكيد شهود تعرض وسط أم درمان لقصف جوي من سلاح الطيران التابع للجيش، طال خصوصا حي بيت المال.
وتحدثت "لجان المقاومة" المحلية الجمعة عن وقوع "ثلاث وفيات" وأضرار في "عدة منازل بالحي" جراء القصف.
من جهتها، اتهمت قوات الدعم الجيش باستخدام الطيران لقصف "عدد من الأحياء المأهولة بالسكان" منها حي بيت المال "الذي استشهد فيه أكثر من 20 مدنياً بعضهم داخل مسجد".
وأفادت معلومات متداولة "لم تصرح بها جهات رسمية" عن طرح مشروع هدنة جديدة بين الجيش والدعم السريع لمدة 72 ساعة.
وأشارت المعلومات إلى ممارسة الوسيطين السعودي والأميركي ضغوطا على الطرفين للمضي قدماً في وقف الحرب وفق ترتيبات مرحلية تبدأ بالهدن القصيرة، ثم وقف إطلاق نار شامل، والاتفاق على الترتيبات الأمنية، ثم الحل السياسي بمشاركة القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري.
ومنذ 15 أبريل، تشهد الخرطوم ومناطق سودانية عدة معارك بين الجيش وقوّات الدعم السريع، فشلت معها كل مساعي الحلّ والغالبية العظمى من اتفاقات وقف إطلاق النار.
ومنذ أكثر من شهرين، تتواصل أعمال العنف بشكل شبه يومي في الخرطوم التي كان عدد سكانها يتجاوز خمسة ملايين نسمة، الا أن مئات الآلاف غادروها منذ بدء النزاع، في ظل نقص المواد الغذائية وتراجع الخدمات الأساسية خصوصا الكهرباء والعناية الصحية.
وتسبب النزاع بمقتل أكثر من 2000 شخص وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعليّة قد تكون أعلى بكثير، حسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.
كذلك، تسببت المعارك بنزوح أكثر من 2.2 مليون شخص، لجأ أكثر من 528 ألفا منهم الى دول الجوار، وفق أحدث بيانات المنظمة الدولية للهجرة.
وعبر أكثر من 149 ألف شخص نحو تشاد الحدودية مع إقليم دارفور حيث تتخوف الأمم المتحدة من وقوع انتهاكات قد ترقى الى "جرائم ضد الإنسانية"، خصوصا في مدينة الجنينة مركز ولاية غرب دارفور، إحدى الولايات الخمس للإقليم.
وأشارت منظمة "أطباء بلا حدود" الى أن زهاء ستة آلاف شخص فرّوا من الجنينة خلال الأيام القليلة الماضية فقط، مع "تصاعد أعمال العنف" في دارفور.
وأوضحت في بيان السبت أن "ما لا يقل عن 622 جريحا" أدخلوا مستشفى مدينة أدري التشادية الحدودية مع السودان "على مدى الأيام الثلاثة الماضية".
وأشارت الى أن 430 من هؤلاء يحتاجون الى "عناية جراحية"، وأن غالبية الإصابات كانت "جراء إطلاق النار".
وتثير الأوضاع في دارفور قلقا متزايدا، اذ حذّرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع من أن ما يشهده الإقليم قد يرقى إلى "جرائم ضد الإنسانية".