الانتخابات الكويتية: أصوات للبيع قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع

الكويت- أعلنت السلطات الأمنية في الكويت ضبط شبكة وسطاء وسماسرة تضم عشرة أشخاص سعت لشراء أصوات الناخبين لصالح اثنين من المرشحين.
إلا أن التوقعات تشير إلى أن هناك عددا أكبر بكثير من المرشحين الذين يعتمدون، بطريقة أو بأخرى، على استمالة الناخبين بطرق غير مشروعة تشمل تقديم مساعدات مادية ودعوات خاصة لكبار ممثلي الأسر ووعودا بمنافع بعد الفوز بالمقعد.
ولم تكشف السلطات عن أسماء النواب المتورّطين، كما أن جهة الإشراف الرقابي على الانتخابات لم تحدّد ما إذا كانت سوف تُبطل ترشيحاتهم، خشية من تداعيات أوسع إذا اتضح أن القائمة طويلة. ولكن بعض المرشحين الآخرين يثيرون تساؤلات حول شرعية بقاء المرشحين في القوائم الانتخابية إذا ثبت أنهم يقومون بأعمال مخالفة للقانون، أو أنهم يشترون رضا الناخبين بوسائل غير مشروعة.
وتقول مصادر مطلعة إن الشبكة كانت تعمل لصالح مرشحين في الدائرة الخامسة. وذلك بينما تم رصد عدة منازل تشارك في إدارة عمليات شراء الأصوات في الدوائر الأخرى. إلا أن السلطات الأمنية لم تنفذ حتى الآن عمليات مداهمة لتلك المنازل سعيا للحصول على أدلة تُثبت التهم. ويخشى المراقبون من أن يؤدي الإعلان عن ضبط الشبكة الأولى إلى دفع الشبكات الأخرى إلى طمس الأدلة، والتحرك بحذر، من دون أن تتخلى عن مقاصدها.
◙ الكويت تحظر الأحزاب السياسية، إلا أن الولاءات العقائدية ملموسة، لاسيما بين وجهي الإسلام السياسي الشيعي التابع لإيران، والسني التابع لتنظيم الإخوان المسلمين
وقال مسؤولون في قطاع الأمن الجنائي بوزارة الداخلية الكويتية في بيان “إنه تم العثور بحوزة (أحد أعضاء الشبكة) على مبالغ نقدية وكشوفات بأسماء وبيانات ناخبين يرغبون في بيع أصواتهم ومصحف، والعثور على طلقات نارية غير مرخصة بحوزة أحدهم، وهو يعمل لصالح أحد المرشحين”.
كما ضُبطت بحوزة باقي المتهمين مبالغ نقدية وكشوفات بأسماء وبيانات ناخبين، ومواد مخدرة بحوزة أحدهم بقصد التعاطي، يعملون لصالح مرشح آخر.
وأكدت الداخلية الكويتية استمرار جهود إدارات مكافحة جرائم الانتخاب، وخاصة ظاهرة شراء الأصوات، في التصدي لها وكشف وسائلها ومواجهة تطور أساليب تلك الجريمة، والعمل على فرض نزاهة الانتخابات القادمة.
كما شددت على عزمها تطبيق القانون على الجميع وبالمرصاد لكل من تسوّل له نفسه الخروج على القانون. وطالبت الجميع بالتعاون مع رجال الأمن، من خلال الإبلاغ عن أي معلومات تتعلق بشراء الأصوات، وأيّ حالات مخالفة للقانون والإبلاغ عنها عبر خط ساخن لملاحقة المتورطين.
ومما يدل على أن الإجراءات الأمنية محدودة الأثر، أن وزارة الداخلية أعلنت في انتخابات 29 سبتمبر الماضي أنها ضبطت مجموعة من عمليات شراء الأصوات، وأحالت المتورطين -بمن فيهم المرشحون وهم نوّاب سابقون- إلى القضاء، لكن قضاياهم مازالت أمام المحاكم ولم تُحسم بعد. وهو ما قد يشمل الشبكة الجديدة المعلن عنها.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات لعضوية “مجلس الأمة” في 6 يونيو المقبل، حيث يتنافس نحو 250 مرشحا على 50 مقعدا في المجلس.
ويقول مراقبون إن منظمي عمليات شراء الأصوات هم في العادة من بين النواب الأثرياء أو المحسوبين على أطراف نافذة في البلاد، ما يجعل ملاحقتهم أمرا عسيرا. ويشكل هؤلاء النواب مصدر دعم رئيسي لتلك “الأطراف النافذة”، لأن أصواتهم هم أنفسهم مشتراة في الأصل.
وكان من اللافت أن بعض المصادر الإعلامية المحلية ركزت اهتمامها على ضلوع وافد باكستاني واحد قالت إنه يعمل كـ”مفتاح انتخابي”، بينما تجاهلت الكويتيين التسعة الآخرين، رغم أنهم يحملون “المفاتيح” و”الأقفال”، أي الأموال وكشوفات الأسماء. ووصفت تلك المصادر ذلك “المفتاح” بأنه “قوي ولديه علاقات متجذرة بنواب سابقين”.
◙ اقرأ أيضا:
وكانت المحكمة الدستورية بالكويت رفضت الدعوة التي طالبت بإلغاء حكمها السابق، الصادر في مارس، والقاضي ببطلان الانتخابات البرلمانية التي جرت في سبتمبر الماضي وعودة مجلس الأمة السابق المنتخب في 2020.
وقال رئيس المحكمة فؤاد الزويد “حكمت المحكمة برفض الطعن” الذي تقدم به نواب سابقون في البرلمان المنتخب في 2022 ومواطنون مطالبين بإلغاء حكم المحكمة الصادر في 19 مارس.
وفي أول مايو، تم حل برلمان عام 2020، الذي كانت قد أعادته المحكمة الدستورية، بمرسوم أميري والعودة إلى الشعب لاختيار ممثليه من جديد.
وأصدر ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر، الذي يتولى معظم صلاحيات الأمير، بعدها مرسوما آخر بإجراء الانتخابات البرلمانية يوم السادس من يونيو.
وتحظر الكويت الأحزاب السياسية، إلا أن الولاءات العقائدية ملموسة، لاسيما بين وجهي الإسلام السياسي الشيعي التابع لإيران، والسني التابع لتنظيم الإخوان المسلمين.
وكانت وزارة الداخلية أعلنت مؤخرا أنها ضبطت أول “انتخابات فرعية” في الدائرة الرابعة وأحالتها إلى النيابة العامة التي قررت حجز تسعة مواطنين على ذمة القضية بينهم نائب سابق في مجلس 2022 المبطل.
والانتخابات “الفرعية” هي نوع من عملية اختيار داخلية للمرشحين الذين يتقدمون للانتخابات لتمثيل قبائلهم أو طائفتهم، لكي يبقى مرشح أو أكثر يكسبون أصواتا مضمونة. وهي انتخابات يُجرّمها القانون.
ولكن التجريم لم يمنع من إجرائها بوسائل أخرى من خلال نشاطات تقتصر على أفرد القبيلة، من قبيل سباقات الإبل أو الخيول، فيفوز فيها المرشح الذي تريد رئاسة القبيلة فوزه.
ووفقا لنص المادة 55 من القانون رقم 35 لسنة 1962، فإنه يُعاقب بالحبس لمدة لا تزيد على 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار كلّ من نظم أو اشترك في تنظيم انتخابات فرعية أو دعا إليها، إلا أن أشكالا متعددة من “الفرعيات” ظلت تُمارس منذ ذلك الوقت إلى اليوم.