الانتخابات الفرعية تشوه العملية الديمقراطية في الكويت وتهدد بإنتاج نفس التوازنات النيابية

توجيهات عليا لوزارة الداخلية الكويتية بالتصدي للفرعيات.
الاثنين 2022/08/08
الشيخ مشعل الأحمد يريدها انتخابات استثنائية

تشكل الانتخابات الفرعية إحدى الظواهر السلبية التي شوهت العملية الديمقراطية في الكويت، ذلك أنها تمثل أداة تأثير غير مباشرة على خيارات الناخب الكويتي، إلى جانب كونها لعبت دورا رئيسيا في إنتاج نفس المنظومة النيابية، التي عكرت على مدار السنوات الماضية الحياة السياسية في البلاد.

الكويت- كشفت أوساط سياسية كويتية عن بدء بعض العائلات والتجمعات القبلية الاستعداد لإجراء انتخابات فرعية لاختيار مرشحيها للانتخابات التشريعية المرتقب إجراؤها في سبتمبر أو أكتوبر المقبلين.

وأوضحت الأوساط أنه مع إعلان قرار حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة، تحركت ماكينة الكتل القبلية لعقد اجتماعات تشاورية بشأن ممثليها للاستحقاق المقبل، والذي يخشى من أن ينتهي إلى ذات التوازنات النيابية، ما يعني إبقاء الكويت في ذات الحلقة المفرغة.

وأشارت الأوساط إلى أن مثل هذه الانتخابات التي تم الإقرار بعدم قانونيتها منذ نحو تسعة عشر عاما، تتناقض والخطاب السامي الذي توجه به ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح والذي شدد من خلاله على أهمية إجراء انتخابات نزيهة وشفافة تعيد تصويب المسار السياسي في البلاد.

◙ مع إعلان قرار حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة، تحركت ماكينة الكتل القبلية لعقد اجتماعات تشاورية بشأن ممثليها للاستحقاق المقبل
◙ مع إعلان قرار حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة، تحركت ماكينة الكتل القبلية لعقد اجتماعات تشاورية بشأن ممثليها للاستحقاق المقبل

وأعربت هذه الأوساط عن أملها في أن تتحرك السلطات الكويتية بجدية هذه المرة لوقف مثل هذه الممارسات التي تشوه العملية الديمقراطية في الكويت، وتتعارض ونص الدستور الكويتي ولاسيما الفصل ثمانون منه الذي ينص على أن يتم اختيار أعضاء مجلس الأمة عن طريق الانتخاب العام السري المباشر.

ونقلت صحيفة “قبس” المحلية عن مصادر مسؤولة قولها الأحد إن وزارة الداخلية قررت تشكيل قوة أمنية، تضم عناصر من الإدارة العامة للمباحث الجنائية وقطاعات ميدانية أخرى، تنحصر مهمتها في رصد ومراقبة “الفرعيات” و”التشاوريات” إلى حين انتهاء انتخابات مجلس الأمة، وتقديم التقارير والأدلة عليها، وتحديد أسماء منظميها والداعين إليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضحت المصادر أن توجيهات قيادية وردت إلى وزارة الداخلية للتعامل بحسم في مواجهة “الفرعيات”، ومحاسبة أي عنصر متقاعس عن رصدها والإبلاغ عنها، وردع هذه الظاهرة بشكل جدي وفق آلية مختلفة يتم من خلالها تقديم الأدلة الدامغة عليها، وإحالة المشاركين فيها والقائمين عليها والداعين إليها إلى أمن الدولة فورا.

ويعتقد متابعون للشأن الكويتي أن قرار تشديد الرقابة على عقد “الفرعيات” نابع من إدراك رسمي متأخر بخطورة هذه الممارسة، التي أدت إلى سيطرة كتل طائفية وفئوية بعينها على مجلس النواب طيلة السنوات الماضية.

ولطالما تعاطت السلطة الكويتية بمرونة مع  إجراء هذه الانتخابات على الرغم من أنه صدر في العام 1998 قانون يحظرها، إذ تقول المادة الخامسة والأربعون من قانون الانتخاب “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تتجاوز ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نظم أو اشترك في تنظيم انتخابات فرعية أو دعا إليها”.

وتتمثل الفرعيات في عملية انتخابات مصغرة متكاملة الأركان تجريها معظم القبائل الكويتية ويكون مقرها الدواوين. وتشهد هذه الانتخابات تنافسا كبيرا بين المرشحين، وتقدم فيها طعون على النتائج، يتم الحسم فيها من قبل لجنة مكلفة بالغرض أو شيخ القبيلة.

ويعود ظهور هذه الانتخابات إلى سبعينات القرن الماضي حينما قامت قبيلة العجمان بأول انتخابات فرعية في الدائرة الانتخابية العاشرة منطقة الأحمدي، قبل أن تنخرط قبائل أخرى وازنة مثل قبيلتي العوازم والمطير في هذه العملية.

وتم إعطاء هذه التجربة بعدا قانونيا في العام 1975، بداعي أنها تساهم في تشجيع القبائل الكويتية على الانخراط بشكل أكبر في العملية الديمقراطية لكونها تشكل الشريحة المجتمعية الأكبر في البلاد، فضلا عن كون أن هذه العملية تحول دون تشتت الأصوات.

◙ وزارة الداخلية قررت تشكيل قوة أمنية، مهمتها رصد ومراقبة "الفرعيات"
◙ وزارة الداخلية قررت تشكيل قوة أمنية، مهمتها رصد ومراقبة "الفرعيات"

لكن مع السنوات باتت تتعالى أصوات تعترض على هذه الممارسة باعتبارها تمثل تدخلا غير مباشر في اختيار ممثلي الشعب، إلى جانب أنها تتخذ من المعيار القبلي والفئوي محددا للوصول إلى مجلس الأمة.

ويقول المعترضون إن هذه العملية تكرس القبلية في المجتمع الكويتي بدل من أن تساهم في توحيد الصف الوطني وإدماج القبائل، هذا إلى جانب أنها تحول دون وصول العديد من الكفاءات إلى المجلس.

وأصبح تفعيل قانون تجريم هذه الفرعيات مطلبا ملحا في السنوات الأخيرة، حيث يعتبر المناوئون لها أنها شكلت السبب الرئيسي في الشلل السياسي الذي تعاني منه الكويت، في ظل تلاقي مصالح بعض القبائل مع أطراف من داخل الأسرة الحاكمة، تتصارع على السلطة.

وشهدت الكويت في السنوات الأخيرة سجالات بين الحكومة ونواب في مجلس الأمة أدت إلى تعطيل عمل المجلس وحالت دون صدور تشريعات ضرورة لاسيما في علاقة بالإصلاحات الاقتصادية.

وتقول الأوساط إن بعض أجنحة الأسرة الحاكمة نجحت في تطويع بعض النواب المحسوبين على قبائل معينة من أجل هز الاستقرار السياسي في الكويت، لطموحات سياسية لها.

وهذا يدفع القيادة الكويتية إلى ضرورة التحرك بفاعلية لإنهاء هذا الوضع الشاذ، وذلك من خلال وضع حد لانتخابات الفرعيات، وترك حرية الخيار للشعب لتقرير من سيمثله في البرلمان المقبل.

 وكان ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد أعلن في الثاني والعشرين من يونيو الماضي عن حل مجلس الأمة دستوريا، واللجوء إلى إجراء انتخابات.

وقال ولي العهد الكويتي في خطاب نقله التلفزيون الرسمي آنذاك “لن نتدخل في الانتخابات، ولا في اختيار رئيس مجلس الأمة القادم“.

وجاءت خطوة الحل بعد أن استعصت جهود حل الأزمة السياسية بين حكومة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح ونواب المعارضة في مجلس الأمة.

الفرعيات تتمثل في عملية انتخابات مصغرة متكاملة الأركان تجريها معظم القبائل الكويتية ويكون مقرها الدواوين

وأعلنت الكويت الاثنين الماضي تشكيل حكومة جديدة يرأسها الشيخ أحمد نواف الصباح ابن أمير البلاد، يقتصر هدفها على التحضير لانتخابات مجلس الأمة.

ويتألف مجلس الأمة الكويتي من خمسين نائبا، موزعين على الدوائر الانتخابية الخمس، عشرة في كل دائرة انتخابية، يتم انتخابهم من قبل المواطنين الذين يُسمح لكل ناخب باختيار مرشح واحد فقط في الدائرة المقيد بها، وأي صوت يمنحه لأكثر من مرشح يعد باطلا.

ويبلغ عمر كل مجلس أربعة أعوام، إلا أنه سبق أن انتهى عمر بعض المجالس في دورات سابقة قبل إكمال المدة القانونية، بعد حله من قبل أمير البلاد.

3