الانتخابات البحرينية تكشف مبالغات المعارضة في تقدير ثقلها في الداخل

شكلت نسبة التصويت التاريخية في الانتخابات التشريعية والبلدية رسالة واضحة من البحرينيين عنوانها الأساسي الرغبة في الاستقرار، ورفض أي تدخلات خارجية في الشأن الداخلي، ويمثل ما تحقق مصدر ارتياح كبير للقيادة البحرينية، التي توجهت بالشكر للشعب على هذا “الإنجاز المشهود”.
المنامة - قالت أوساط سياسية بحرينية إن نسبة التصويت المرتفعة التي شهدتها الانتخابات التشريعية والبلدية في المملكة، والتي تجاوزت حاجز السبعين في المئة، شكلت ردا قويا على دعوات المقاطعة، التي أطلقها عدد من الجمعيات السياسية المعارضة في الخارج، وعلى الحملة الكبيرة التي قادتها منظمات حقوقية دولية ومحلية للتشكيك في العملية الانتخابية.
وأضافت الأوساط نفسها أن نسبة المشاركة كشفت عن مبالغات للجمعيات السياسية المعارضة لاسيما المحظورة منها، في تقدير ثقلها الشعبي في الداخل، والذي اضمحل بشكل كبير خصوصا بعد انكشاف تورط معظمها في أجندات خارجية تعمل على الإضرار باستقرار المملكة وضرب وحدتها من الداخل.
وأعلن وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف رئيس اللجنة العليا للانتخابات نواف بن محمد المعاودة أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت ثلاثة وسبعين في المئة، مؤكدا أن هذه النسبة هي الأعلى في تاريخ الانتخابات النيابية والبلدية منذ استحقاقي 2002.
وأكد المعاودة خلال مؤتمر صحافي عقده مساء السبت بحضور المستشار نواف عبدالله حمزة رئيس هيئة التشريع والرأي القانوني المدير التنفيذي للانتخابات النيابية والبلدية 2022 نجاح تنظيم الانتخابات.
وشدد على أنه لم يتم رصد أي مخالفات تمس العملية الانتخابية وتمت العملية بسلاسة وانتظام في ظل وعي الناخب البحريني والتزامه وصبره على الانتظار في الطوابير الانتخابية الطويلة ما يعكس مدى ثقافة المواطن البحريني.
وأجرت البحرين السبت انتخابات تشريعية وبلدية، وخاض السباق ما يزيد قليلا عن 500 مرشح بينهم 334 تنافسوا على 40 مقعدا برلمانيا. وقالت السلطات إن إجمالي عدد المرشحات هو 94 امرأة، أي أكثر من ضعف العدد في العام 2018.
وشهدت مكاتب الاقتراع نسبة إقبال لافتة، منذ ساعات الصباح، وهو ما يدحض التكهنات التي رجحت عزوف الناخبين خاصة في ما يتعلق بالانتخابات التشريعية، على ضوء الحصيلة الهزيلة لمجلس النواب السابق.
وتقول الأوساط البحرينية إن نسبة الإقبال في الاستحقاقين لا تعكس بالضرورة وجود رضا شعبي، لكنها تعود بالأساس إلى رغبة البحرينيين في الحفاظ على استقرار المملكة، وقطع الطريق أمام الحملات المتأتية من الخارج والتي تروج لوضع كارثي و”مناخ قمعي” يعيشه البحرينيون.
وهنأ الملك حمد بن عيسى آل خليفة البحرينيين بما تحقق من نجاح مشهود في التصويت في الانتخابات النيابية والمجالس البلدية، وقال: نهنئ أنفسنا ونهنئ شعبنا الوفي على هذا الإنجاز العظيم لمملكتنا العزيزة.
وأشاد الملك حمد بالإقبال الكبير والمشاركة الواسعة التي شهد لها الجميع في هذه الانتخابات من أهل البحرين من مختلف الأعمار رجالا ونساء، والذي أسهم في تحقيق نسبة عالية بكل المقاييس، وهو إنجاز مشهود يعد من إنجازات المشاركة الشعبية البحرينية التي سوف يسجلها التاريخ لأجيال البحرين القادمة.
وأعرب العاهل البحريني عن شكره لأبناء المملكة على موقفهم الوطني المخلص وهذا الانتصار لخيار المشاركة بإرادتهم الحرة المستقلة وحرصهم على أداء مسؤولياتهم الوطنية، منوها بما يتمتعون به من وعي وإدراك لواجباتهم، واهتمامهم ببناء مستقبلهم ومستقبل وطنهم في الاستحقاقات الانتخابية وعبر المؤسسات الدستورية.
كما أشاد الملك حمد بالجهود الموفقة التي بذلتها اللجنة العليا للانتخابات واللجان الفرعية المساندة وكافة الجهات المعنية وجميع العاملين والعاملات في مراكز الاقتراع والفرز والمتطوعون الذين أكدوا الصورة المشرفة والمستوى الحضاري الراقي للشعب البحريني، مثنيا على ما تميزوا به من دقة وأمانة وكفاءة عالية، منوها كذلك بدور القضاء البحريني في الإشراف على سير العملية الانتخابية.
وأضاف أن شعب البحرين بكل فئاته أكد بإصرار الخيار الصحيح في تعزيز مسيرة المشروع الإصلاحي، مستمدا من تاريخ البحرين ونهجها الذي يقوم على التعايش والتعدد والتنوع بين مختلف الاتجاهات في مجتمع العيش الكريم وفي الدولة المدنية الحديثة التي يعيش المواطنون فيها سواسية.

وتعرضت البحرين قبيل إجراء الاستحقاقين لحملة واسعة تدعو للمقاطعة قادتها بعض الجمعيات السياسية وفي مقدمتها جمعية الوفاق المحظورة، وجمعية العمل الديمقراطي (وعد).
بالتوازي مع ذلك شنت منظمات حقوقية دولية ومحلية هجوما على السلطات في المملكة، على غرار منظمة العفو الدولية، التي انتقدت ما أسمته بالإجراءات المقيدة للغاية التي تمنع مشاركة أعضاء جماعات المعارضة المحظورة وكذلك الذين قضوا فترات سجن تزيد عن ستة أشهر. وقالت منظمة العفو في بيان الخميس الماضي إن “عقد الانتخابات العامة لن يعالج مناخ القمع وحرمان الأفراد من حقوقهم الإنسانية الذي خيم على البحرين لأعوام”.
ويرى مراقبون أن تصويت البحرينيين في الاستحقاقين كان بالأساس تصويتا على الاستقرار، وعلى رفض التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية، بغض النظر عما ستفرزه صناديق الاقتراع. ووفق وكالة الأنباء البحرينية فقد أسفرت النتائج الرسمية للانتخابات النيابية والبلدية عن إعادة على أغلب المقاعد.
وأعلنت الوكالة الأحد إعادة على 34 مقعدا وفوز 6 أعضاء بينهم امرأة. كما شهدت الانتخابات البلدية إعادة على 23 مقعدا وفوز 7 أعضاء بينهم امرأة. والإعادة وفق النظام الانتخابي البحريني تكون بين أعلى مرشحين بالدائرة الانتخابية لم يتجاوز أحدهما نسبة الفوز المقررة.
وبحسب أمر ملكي صدر في سبتمبر الماضي، ستجرى جولة الإعادة في التاسع عشر من نوفمبر الجاري بالداخل، على أن تجرى خارج البلاد في السفارات والبعثات التابعة منتصف الشهر ذاته بعد أن أجريت في اليوم الثامن منه.
وأدلى البحرينيون المقيمون في الخارج في الثامن من نوفمبر الجاري بأصواتهم في 37 مقرا دبلوماسيا حول العالم، من بينهم لجنة انتخابية في تل أبيب الإسرائيلية، وهي الأولى من نوعها منذ إقامة علاقات بين الجانبين في 2020.
وتأسس مجلس النواب البحريني (الغرفة التشريعية الثانية) بموجب دستور عام 2002، ويتألف من 40 عضوا يُنتخبون عن طريق الانتخاب العام السرّي المباشر. وكانت البحرين قد أجرت آخر انتخابات نيابية في أواخر 2018.
