الاقتصاد المصري يزداد قوة في 2018 رغم ارتفاع الديون

حصاد مالي مريح بعد عامين على قرار تحرير أسعار الصرف، وتعافي معظم القطاعات الاستراتيجية يكرس نجاح الإصلاحات.
السبت 2018/12/29
بلوغ نقطة التوازن مهمة مضنية

يتفق محللون على أن الاقتصاد المصري ازداد صلابة طيلة العام الجاري رغم ارتفاع الدين العام للدولة، وذلك بفضل الإصلاحات الاقتصادية، التي تنفذها الحكومة لتصحيح مسار الأوضاع سريعا والابتعاد عن شبح الأزمات الجاثمة على كاهل المواطنين منذ ثماني سنوات.

القاهرة - يودع المصريون بعد أيام عام 2018، بينما سترافقهم عديد التطورات الاقتصادية الإيجابية والسلبية منها إلى العام المقبل، والتي يرى محللون أن الحكومة بمقدورها التغلب عليها وفق برنامجها الإصلاحي القاسي.

وشهدت البلاد طيلة هذا العام، العديد من الإيجابيات الاقتصادية، أبرزها ارتفاع معدل النمو الاقتصادي وزيادة الاحتياطي من العملة الصعبة، وتصاعد أرقام السياحة الوافدة وانخفاض معدل التضخم.

ويظل ارتفاع نسب الاستدانة داخليا وخارجيا النقطة السوداء الأبرز للدولة، لكن المسؤولين يعتقدون أن باستطاعتهم التغلب على ذلك مع مرور الوقت.

وارتفع الدين الداخلي لمصر بنحو 16.8 بالمئة على أساس سنوي في يونيو الماضي، ليبلغ نحو 3.7 تريليونات جنيه (206 مليارات دولار)، كما ارتفع الدين الخارجي بنسبة تقدر بنحو 17.2 بالمئة على أساس سنوي إلى نحو 92.6 مليار دولار، في الفترة ذاتها.

ومنذ بداية العام، تقلب سعر شراء الدولار مقابل الجنيه، بين الصعود والهبوط، حيث استهل العام عند 17.65 جنيها للشراء، وتراجع إلى 17.55 جنيها مطلع مارس، ثم واصل الصعود إلى 17.85 جنيها في مايو.

وبعد تذبذب طفيف بين الصعود والهبوط، استقر سعر صرف الدولار للشراء عند نحو 17.85 جنيها مع الاقتراب من الدخول إلى العام الجديد.

44.5 مليار دولار حجم احتياطات البلاد من العملة الصعبة في نوفمبر الماضي، مسجلا أعلى مستوى منذ 2010

وسجل الاقتصاد المصري معدل نمو 5.3 بالمئة في الربع الأول من العام المالي الجاري الذي بدأ في مطلع يوليو الماضي، وهي نفس النسبة التي حققها طيلة العام المالي السابق، مسجلا بذلك أعلى معدل نمو سنوي في 10 سنوات، وفق وزارة التخطيط.

وتهدف الحكومة من وراء خططها الإصلاحية الراهنة إلى تحقيق معدل نمو قدره 5.8 بالمئة في العام المالي الجاري، الذي ينتهي أواخر يونيو المقبل.

وسعت السلطات المصرية إلى تحقيق نوع من التوازن في المالية العامة، حيث انعكس ذلك على الاحتياطي الأجنبي، الذي اتسم بالصعود المتواصل منذ تحرير الجنيه في نوفمبر 2016، مدعوما بحزمة كبيرة من التمويلات الدولية.

ووصل حجم الاحتياطيات إلى 44.5 مليار دولار في نهاية الشهر الماضي، مسجلا مستوى أعلى من مستويات ما قبل 2011، إلا أن نسبة كبيرة من قيمة الاحتياطات، مصدرها قروض مالية حصلت عليها مصر من مؤسسات وبلدان، على رأسها صندوق النقد الدولي.

ويبدو أن تحويلات المغتربين كانت سببا لانتفاخ الاحتياطيات بعد أن ارتفعت بنسبة 8 بالمئة على أساس سنوي، خلال الأشهر العشرة الأولى من العام لتبلغ 21.4 مليار دولار، مقابل نحو 19.8 مليار دولار قبل عام.

وعلى مدار العام، خفّض البنك المركزي أسعار الفائدة مرتين، بمقدار واحد بالمئة منتصف فبراير وفي مارس الماضيين إلى 16.75 بالمئة للإيداع و17.75 بالمئة للإقراض.

ومنذ ذلك الحين، أبقى المركزي على أسعار الفائدة عند ذاك المستوى، خشية تسارع وتيرة تخارج استثمارات الأجانب في أدوات الدين، وفقا لخبراء.

وكان المركزي قد رفع العام الماضي أسعار الفائدة 4 بالمئة على مرتين، ليرتفع العائد إلى نحو 18.75 بالمئة للإيداع و19.75 بالمئة للإقراض.

مهاب مميش: إيرادات قناة السويس زادت هذا العام بواقع 10.3 بالمئة بمقارنة سنوية
مهاب مميش: إيرادات قناة السويس زادت هذا العام بواقع 10.3 بالمئة بمقارنة سنوية

ومع أن الحكومة حاولت كبح انفلات أسعار السلع الاستهلاكية، إلا أن تأثير تعويم الجنيه أدى إلى تسجيل تذبذب في معدل التضخم ليصل الشهر الماضي عند 15.6 بالمئة بعد أن كان عند 11 بالمئة في مايو.

ولتحصيل عوائد إضافية، اضطرت الحكومة لزيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق في العاصمة القاهرة، وأسعار مياه الشرب للاستخدام المنزلي، للمرة الثانية في غضون أقل من عام، بنسب تصل إلى 44.4 بالمئة.

وفي خضم ذلك، بدأ القطاع السياحي في الانتعاش، حيث ارتفعت العوائد بنسبة 40 بالمئة بمقارنة سنوية، في تسعة أشهر، وفقا لوزيرة السياحة المصرية رانيا المشاط.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد زوار البلاد بلغ 8.3 مليون سائح لحدود الشهر الماضي، مقابل 5.4 مليون سائح طيلة العام الماضي.

واستطاعت مصر الحصول على عوائد إضافية من قناة السويس، حيث أكد مهاب مميش رئيس هيئة القناة أن الإيرادات زادت بواقع 10.3 بالمئة بمقارنة سنوية، لتصل إلى 4.8 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من العام.

وحرصت هيئة قناة السويس على تقديم عروض وخصومات للسفن والناقلات العابرة في محاولة لتحسين العائدات، ولكن الأرقام المسجلة حتى الآن دون طموحات الحكومة التي افتتحت في 2015 تفريعة، بهدف تحصيل إيرادات أكبر.

وتعمل القاهرة مع صندوق النقد الدولي منذ عامين على تنفيذ حزمة من الإجراءات لدفع النمو إلى الأمام بهدف الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مراحل.

ومن المتوقع أن تحصل الحكومة المصرية على دفعة بقيمة ملياري دولار في الشهر المقبل، ليصل إجمالي ما ستتسلمه إلى 10 مليارات دولار.

11