الاقتصاد العماني يجني ثمار تسريع وتيرة سياسة التنويع

مسقط - تظهر أحدث المؤشرات أن الاقتصاد العُماني حقق خلال السنوات الخمس الأخيرة تعافيا ملحوظا بفضل جهود التنويع وتعزيز الإيرادات غير النفطية وتوسيع قاعدة الإنتاج، ما أسهم في نمو الناتج الإجمالي وجذب المزيد من الاستثمارات وتحفيز القطاع الخاص.
وبهدف إعادة التوازن المالي بين الإيرادات والمصروفات في المدى المتوسط لتقليص العجوزات المالية للميزانية العامة، أطلقت الحكومة خطة متوسطة المدى تمتد من 2020 و2024 تتضمن عددا من المبادرات والسياسات الإصلاحية. واستهدفت الخطة دعم النمو وتنشيط وتنويع مصادر الإيرادات وترشيد الإنفاق الحكومي مع تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية ورفع كفاءة المالية العامة. وتكللت الجهود بإرساء قواعد وأسس قوية لتحقيق الاستدامة المالية وضمان الاستقرار المالي على المدى الطويل.
وأوضح سعيد الصقري وزير الاقتصاد أن الإجراءات التي اتخذت في عام 2020 شكّلت نقطة انطلاق محورية لتحقيق رؤية عُمان 2040، حيث أسهمت في ترسيخ ركائز أساسية مكّنت سلطنة عُمان من تحقيق إنجازات بارزة على الصعد كافة.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى الصقري قوله إن “إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة ودمج الاستثمارات الحكومية تحت مظلة جهاز الاستثمار العُماني، أسهما في تعزيز كفاءة إدارة الموارد الوطنية.”
وأوضح أن ذلك أثمر عن قدرة البلاد على مواجهة التحديات الناتجة عن جائحة كوفيد – 19، سواء على الصعيد الصحي أو الاجتماعي أو الاقتصادي. وأضاف أن “الحكومة بادرت بتنفيذ خطة مالية متوسطة المدى تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي، وطرحت حزم دعم موجهة للقطاع الخاص ورواد الأعمال والفئات المتضررة من الجائحة، بما في ذلك التعامل مع تداعيات تراجع أسعار النفط.”
وأسهمت هذه الجهود في انتقال الاقتصاد العُماني من مرحلة التراجع في عام 2020 إلى مسار التعافي بدءا من عام 2021 وحتى العام الماضي، مع تحقيق نمو مستدام خلال السنوات الماضية من الخطة الخمسية العاشرة.
واستكمالا لهذه الجهود، يعمل البرنامج الوطني للاستدامة المالية وتطوير القطاع المالي 2023 – 2025 على إنشاء قطاع مالي حيوي وقوي ومبتكر يوفر حلولًا متنوعة للفئات المستهدفة لتمكين النمو وتحقيق تنمية متوازنة ومستدامة بقيادة القطاع الخاص.
ويُعدُّ القطاع الخاص الفاعل الأساس في جهود التنمية في مختلف القطاعات خاصة المعوّل عليها لتنويع مصادر الدخل، وشرع في تعزيز جهود نمو الاقتصاد من خلال استكشاف الفرص التي تحملها مبادرات التحفيز.
ومن بين تلك المبادرات البرنامج الوطني لتنمية القطاع الخاص والتجارة الخارجية (نزدهر) ومبادرات التحفيز والاستدامة المالية جنبًا إلى جنب مع تعزيز الشراكة مع القطاع الحكومي. وشهدت سلطنة عمان تنفيذ العديد من المشاريع الإستراتيجية في مختلف المحافظات لاسيما مصفاة الدّقم والصناعات البتروكيماوية بالمنطقة الاقتصادية الخاصّة بالدقم.
كما تم تنفيذ مشروع السوق المركزي للخضروات والفواكه “سلال” بمدينة خزائن الاقتصادية بولاية بركاء في محافظة جنوب الباطنة، ومجمع تعليب الأسماك والقيمة المضافة بالدقم بالإضافة إلى عدد من المشاريع في مجال الطاقة المتجددة.
وأكد الصقري أن الاقتصاد العُماني يواصل النمو والتوسع بفضل افتتاح مشاريع إستراتيجية جديدة وتطوير مستمر للتشريعات والقوانين الاقتصادية، إضافة إلى إطلاق برامج ومبادرات نوعية تسهم في تعزيز جاذبية الاستثمار وتسريع وتيرة التنويع الاقتصادي. ونوّه إلى أن هذه الجهود تأتي ضمن إطار خطة التنمية الخمسية العاشرة التي تمتد من 2021 ولغاية نهاية 2025، التي تعد المرحلة الأولى لتحقيق رؤية 2040، ما يعزز مكانة السلطنة على خارطة الاقتصاد العالمي.
وخلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2024، سجل الناتج المحلي الإجمالي نموا بنسبة 1.9 في المئة مقارنة سنوية، وجاء هذا الأداء نتيجة لنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.2 في المئة على الرغم من تراجع الأنشطة النفطية بنسبة 2.8 في المئة.
وتتوقع الحكومة أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.7 في المئة في عام 2025، في حين يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.1 في المئة. وبلغت القيمة التراكمية للاستثمارات الأجنبية المباشرة في عام 2024 حوالي 69.44 مليار دولار، أي بتدفقات بلغت حوالي 10.14 مليار دولار بمقارنة سنوية.
وفي ما يتعلق بملف الدين العام فقد شهد تطورات إيجابية نتيجة استمرار تنفيذ العديد من الإجراءات والمبادرات الحكومية التي أسهمت في ترشيد ورفع كفاءة الإنفاق، وزيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط.
وتشير الإحصائيات إلى أن رصيد الدين العام للبلد الخليجي انخفض ليبلغ نحو 37.45 مليار دولار أو ما نسبته 34 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام الماضي، مقارنة بنحو 67.9 في المئة مع نهاية عام 2020. ونتيجة لتحسن أسعار النفط وتنفيذ إجراءات ومبادرات ضبط الأداء المالي في إطار الخطة المالية متوسطة المدى وانخفاض مخاطر الدين العام وتحسن الأداء المالي والاقتصادي، فقد شهد التقييم الائتماني لسلطنة عُمان تحسنًا ملحوظا في السنوات الخمس الماضية.
ورفعت وكالة ستاندرد أند بورز تصنيفها للاقتصاد العماني من بي+ في عام 2020 إلى بي.بي.بي- مع نظرة مستقرة في عام 2024 مستعيدة بذلك الجدارة الاستثمارية. كما رفعت وكالة فيتش تصنيفها للبلاد من بي.بي- في عام 2020 إلى بي.بي+ مع نظرة إيجابية بنهاية العام الماضي، وكذلك رفعت وكالة موديز تصنيفها من بي.أي 3 في 2020 إلى بي.أي 1 في عام 2024.