الاقتصاد العراقي سيدفع ضريبة خروج القوات الأميركية

بغداد - دفع العراق الضريبة الأغلى على الإطلاق جراء تداعيات التصعيد العسكري بين واشنطن وطهران بفعل مصادقة البرلمان على قرار فوري بخروج القوات الأميركية من البلاد، وتلويح واشنطن بتقويض اقتصاد البلاد الذي يشهد أصلا أزمات لا حصر لها.
وأفادت صحيفة وول ستريت الأميركية، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب، تتجه لتقويض اقتصاد العراق، حال مضى في تنفيذ قرار برلمانه المطالب بإخراج القوات الأميركية من البلاد، على خلفية اغتيال الجنرال الإيراني، قاسم سليماني.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عراقيين لم تحدد هوياتهم، أن وزارة الخارجية الأميركية، حذّرت من أن الولايات المتحدة ربما تعلّق حساب المصرف المركزي العراقي، لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، في نيويورك، في خطوة يمكن أن تقوّض الاقتصاد العراقي الهش فعلا.
وسبق وأكدت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن اقتصاد العراق سيتأثر بالتوترات الإقليمية، وسيكون عرضة للاهتزازات أكثر من أي دولة أخرى في منطقة الشرق الأوسط.
وأشار خبراء الوكالة إلى أن المخاطر الجيوسياسية الكبيرة تلعب دورا مهما في التصنيفات السيادية للمنطقة التي من المرجّح أن تكون أقرب إلى التأثر.
وكشفت الصحيفة، أن إغلاق حساب العراق لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك يمكن أن يضرّ بنظامه المالي، حيث تجني البلاد إيراداتها من مبيعات النفط هناك، وتخرج هذه الأموال لدفع الرواتب والعقود الحكومية.
وأشارت إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي، احتفظ بنحو 3 مليارات دولار من الودائع في نهاية عام 2018، وفقا لأحدث بيان مالي من البنك المركزي العراقي.
ويرى محللون أن العراق هو المتضرر الأكبر اقتصاديا من التطورات الأخيرة بالمنطقة وهو يدفع تبعات سياسة طهران على أرضه بما يزيد من متاعب البلاد الاجتماعية.

وهدد الرئيس ترامب، بفرض عقوبات اقتصادية على العراق بعد تصويت البرلمان على مطالبة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بإخراج نحو خمسة آلاف وثلاثمئة جندي أميركي.
وقال ترامب، في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأميركية، السبت إن، “على الحكومة العراقية دفع الأموال، لدافعي الضرائب الأميركيين إذا أرادت سحب القوات الأميركية من هناك”.
وأوضح ترامب الطريقة التي يمكن من خلالها جمع الأموال من العراقيين، بالقول “لدينا الكثير من أموالهم هناك 35 مليار دولار في حساب”.
وكان البرلمان العراقي قد صوّت الأسبوع الماضي على قرار، يطالب بموجبه الحكومة بإنهاء التواجد العسكري الأجنبي في البلاد، خلال جلسة شهدت مقاطعة النواب الأكراد، وغالبية النواب السنة احتجاجا على القرار.
وطلب عبدالمهدي، الجمعة، من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إرسال وفد لبحث آلية انسحاب القوات الأميركية من العراق، لكن الخارجية الأميركية رفضت ذلك. وقالت إن أيّ وفد أميركي لن يناقش الانسحاب من العراق.
وتسعى الحكومة العراقية لإخراج القوات الأجنبية من البلاد، على خلفية مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، والقيادي في “الحشد الشعبي”، أبومهدي المهندس، في ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد، في الثالث من يناير.
وردت إيران، الأربعاء، بإطلاق صواريخ باليستية على قاعدتين عسكريتين تستضيفان جنودا أميركيين في أربيل والأنبار شمالي وغربي العراق.
إدارة ترامب تتجه إلى تقويض الاقتصاد العراقي ثمنا لخروج القوات الأميركية من أراضيه بعد التصعيد العسكري
وأثارت المواجهة العسكرية الأميركية الإيرانية غضبا شعبيا وحكوميا واسعا في العراق، وسط مخاوف من تحوّل البلد إلى ساحة نزاع مفتوحة بين الولايات المتحدة وإيران.
وحذرت وكالة فيتش في تقريرها من أن تصاعد التوتر الأميركي الإيراني يشكّل صداعا جيوسياسيا للعراق، الذي تؤثر عليه المخاطر السياسية الداخلية مما جعل تصنيفه في مستوى سلبي.
وكانت قد توقعت أن القرار العراق بإنهاء الوجود الأميركي، سيؤدي إلى مخاطر تشمل فرض عقوبات اقتصادية كبيرة على بغداد.
وأشارت فيتش إلى أن تجنّب الولايات المتحدة وإيران المواجهة العسكرية الواسعة النطاق، سيجعل المخاطر الهبوطية على أسعار النفط محدودة نظرا إلى كون السوق يتمتع بوفرة جيدة في المعروض.
ورغم ذلك، أشارت الوكالة إلى أن مخاطر عدم الاستقرار في المنطقة، أخذت منحى متصاعداً خلال الفترة الأخيرة، وأن نتائج هذا التصعيد قد يشمل نزاعا كبيرا أو تعطلا في إمدادات الغاز والنفط، بما فيها تلك التي تعبر في مضيق هرمز.