الاقتصاد السعودي ينكمش مجددا مع تباطؤ النمو غير النفطي

الرياض - أظهرت تقديرات مبدئية للهيئة العامة للإحصاء بالسعودية الأربعاء أن الناتج الإجمالي الحقيقي للبلاد انخفض بنحو 1.8 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من 2024 مع استمرار تأثير تراجع الأنشطة النفطية سلبا على النمو.
وتراجع نمو الأنشطة غير النفطية أحد التدابير الحكومية الرئيسية للتنويع الاقتصادي إلى أبطأ وتيرة منذ العام 2020 في الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
ونما الاقتصاد غير النفطي بنسبة 2.8 في المئة بين يناير ومارس الماضيين مقارنة بالعام الماضي، بحسب البيانات الأولية التي نشرتها الهيئة مقارنة بنحو 4.2 في المئة خلال الربع السابق وهي أضعف قراءة منذ تراجع النشاط خلال الوباء العالمي.
ومع ذلك، تشير وتيرة النمو غير النفطي إلى توسع قوي في مجال الاقتصاد الذي تركز الحكومة بشكل أكبر على نموه. وتنفق الدولة مئات المليارات من الدولارات لتوسيع القطاع كجزء من أجندة التحول لرؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقالت مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري إن "نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي الفصلي كان أضعف ممّا كنا نتوقع، ولكن قد تكون هناك بعض المراجعات عند صدور البيانات النهائية".
وأوضحت في تصريحاتها نقلت وكالة بلومبيرغ أن "المحركات الأساسية لا تزال قوية من وجهة نظرنا، وخاصة زخم الاستثمار القوي".
وانكمش الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصاد عربي بـ3.7 في المئة في الربع الرابع من عام 2023 إذ أثر تخفيض إنتاج النفط وتراجع أسعار الخام على الاقتصاد.
وتضخ السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، نحو تسعة ملايين برميل يوميا، وهو ما يقل كثيرا عن طاقتها البالغة حوالي 12 مليون برميل يوميا، بعد أن خفضت الإنتاج في إطار اتفاق مع أوبك ومنتجي نفط آخرين.
وتحتاج الحكومة إلى مئات المليارات من الدولارات لتحقيق أهداف خطتها الرامية لتنويع مصادر الدخل ضمن برنامج التحول، الذي يهدف إلى تنمية القطاع الخاص وتعزيز الاقتصاد غير النفطي.
وفي ظل عجز متوقع في الميزانية يصل إلى 79 مليار ريال (21 مليار دولار)، أعلنت الحكومة تأجيل بعض مشاريعها الضخمة التي تتكلف المليارات من الدولارات.
وقال وزير المالية محمد الجدعان الأحد الماضي، خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض، “هناك تحديات… ليس لدينا غرور، سنغير المسار، سنتأقلم، سنوسع بعض المشاريع، وسنقلص حجم البعض الآخر، وسنسرّع وتيرة بعض المشاريع”.
كما قال وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم هذا الأسبوع إن الزخم “يتحرك بثبات شديد”، في إشارة إلى عدم وجود قلق كبير في الحكومة بشأن التعديلات على مشاريع رؤية 2030.
وتشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى بلوغ متوسط سعر خام برنت نحو 83.5 دولار منذ بداية هذا العام، بينما تحتاج السعودية إلى سعر 96.2 دولار لتحقيق التوازن بميزانيتها في 2024.
ولجأت السعودية بالفعل إلى أسواق الدين وحصلت على 12 مليار دولار منذ بداية العام للمساعدة في سد العجز المتوقع في ميزانية 2024، إذ تزيد الإنفاق لدعم الاقتصاد المحلي.
◙ 1.8 في المئة نسبة النمو خلال الربع الأول من 2024 مع انحسار نشاط القطاع الخاص
وجمع صندوق الثروة السيادي الذي يزيد حجمه عن 700 مليار دولار، خمسة مليارات دولار من خلال بيع سندات تقليدية على ثلاث شرائح في يناير و3.5 مليار دولار من صفقة صكوك في أكتوبر الماضي، ويخطط للمزيد من الاستفادة من أسواق الدين هذا العام.
كما أعلنت إدارة شركة النفط الحكومية العملاقة أرامكو خططا لإصدار سندات هذا العام من أجل مواجهة التقلبات.
وتتوقع السعودية حدوث عجز في الميزانية كل عام حتى 2026، حيث تعمل على زيادة الإنفاق على المشاريع والمبادرات الضخمة التي تهدف إلى جعل الاقتصاد غير النفطي مساهما أكبر في الناتج المحلي الإجمالي.
وقد يتم تأخير بعض هذا العمل أو تسريعه بينما تأخذ المملكة في الاعتبار مواردها المالية وتستجيب لاحتياجات السوق.
وعلى أساس ربعي، ارتفع النمو المعدل وفقا للعوامل الموسمية 1.3 في المئة عن الربع السابق، مدفوعا بزيادة 2.4 في المئة في الأنشطة النفطية ونمو 0.5 في المئة في الأنشطة غير النفطية لكن الأنشطة الحكومية انخفضت بواحد في المئة.
وتظهر البيانات أن الاقتصاد السعودي انكمش 0.9 في المئة خلال العام الماضي، بضغط من القطاع النفطي، بينما نمت الأنشطة غير النفطية 4.6 في المئة العام الماضي.
ويمثل هذا تناقضا حادا مع عام 2022، عندما سجلت السعودية أفضل أداء في مجموعة العشرين، مدعومة بمكاسب غير متوقعة في أسعار النفط مما سمح لها بتحقيق نمو 8.7 في المئة وتسجيل أول فائض مالي منذ ما يقرب من عقد.