الاقتصاد التركي يتجنب الركود رغم تباطؤ النمو

قدرة تركيا على تحقيق النمو تعد أمرا مهما للغاية مع دخول البلاد المرحلة النهائية قبل الانتخابات البلدية في مارس المقبل.
الجمعة 2023/12/01
معركة السيطرة على الأسعار

أنقرة – تجنب الاقتصاد التركي الركود خلال الربع الثالث من هذا العام رغم تباطؤ النمو في ظل تحرك البنك المركزي لتشديد السياسة النقدية، وهو تحول اقتصادي أسفر عن تعزيز ثقة المستثمرين لكن دون تحقيق أثر ملموس.

وتوسع الناتج المحلي الإجمالي في الفترة بين يوليو وسبتمبر بنسبة 0.3 في المئة مقارنة بالربع الثاني على أساس معدل موسمي ووفق أيام العمل، بانخفاض عن 3.3 في المئة المعدلة في الأشهر الثلاثة السابقة، فيما بلغ متوسط توقعات المحللين واحد في المئة.

وعلى أساس سنوي، استمر بعض النمو في البلاد، إذ بلغ 5.9 في المئة خلال الربع الثالث بمقارنة سنوية، ومقابل 3.9 في المئة المعدلة في الربع الثاني.

ويعزز هذا النمو التوقعات برفع سعر الفائدة بمقدار 250 نقطة أساس أخرى من قبل البنك المركزي في ديسمبر الجاري.

سيلفا ديميرالب: التشديد النقدي الحاد كان له تأثير فوري على الاقتصاد
سيلفا ديميرالب: التشديد النقدي الحاد كان له تأثير فوري على الاقتصاد

واعتبر وزير المالية محمد شيمشك في تصريحات لمحطة تي.آر.تي المحلية عقب إعلان النتائج الخميس أن نسبة النمو كانت أكثر من المتوقع، لكنه “سيتباطأ في الفترة المقبلة”.

وقال إن “النمو قوي وهذا مشجع، لكن المهم هنا هو زيادة جودته”، مؤكدا أن توجيه الموارد إلى المجالات الفعالة وزيادة الكفاءة سيكونان محركين رئيسيين للنمو.

وأوضح شيشمك أن تدفقات رأس المال الوافدة تتعزز، وتوقع أن تزيد اعتبارا من النصف الثاني من 2024 فصاعدا، وأن هناك اهتماما بالاستثمار من دول الخليج.

وتعد قدرة تركيا على تحقيق النمو أمرا مهما للغاية مع دخول البلاد المرحلة النهائية قبل الانتخابات البلدية في مارس المقبل، والتي يمكن أن تخفف من عزيمة صناع السياسات على التشديد بينما يتسارع التضخم متجاوزا نحو 60 في المئة.

وقبل نشر البيانات نقلت وكالة بلومبرغ عن سيلفا ديميرالب أستاذة الاقتصاد بجامعة كوتش في إسطنبول قولها إن “التحول الحاد عن السياسات التيسيرية كان له تأثير فوري على الاقتصاد”.

وأضافت أن “العامل الهام الآخر الذي أدى إلى تقويض النمو في الربع الثالث هو انخفاض الطلب على الصادرات التركية بسبب تباطؤ النشاط في أوروبا”.

وتفاخر المسؤولون الأتراك بأن بلادهم باتت أسرع الاقتصادات نموا بين دول مجموعة العشرين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال الربع الثالث.

وأوضح وزير التجارة عمر بولات في تغريدة على منصة إكس أن اقتصاد بلاده حافظ على أداء نموه المرتفع لمدة 13 ربعا متتاليا مع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة بين يوليو وسبتمبر.

وذكر أن الاقتصاد حقق نموا بنسبة 4.7 في المئة في الأشهر التسعة من العام الحالي.

وارتفعت الليرة بعد إعلان البيانات إلى 28.85 مقابل الدولار، في حين استقرت معظم أسهم الأسواق الناشئة قبل قراءة رئيسية للتضخم في الولايات المتحدة. ومع ذلك، توقع المحللون أن يبدأ الاقتصاد التركي في التباطؤ بعد التشديد النقدي القوي الذي يهدف إلى تهدئة الطلب والتضخم.

وقال ليام بيتش كبير خبراء الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس لرويترز “مع استعداد البنك المركزي لإبقاء الفائدة عند مستوى تقييدي خلال الأرباع المقبلة، يبدو أن النمو سيتباطأ أكثر في 2024”. وأضاف “سيساعد ذلك في تضييق عجز الحساب الجاري وتهدئة ضغوط التضخم”.

5.9

في المئة معدل النمو في الربع الثالث من 2023 مقارنة مع 3.9 في المئة في الربع الثاني

ومهدت إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان في مايو الماضي الطريق لتحول الأولويات الاقتصادية في البلاد من خلال تعيين فريق جديد من المسؤولين التكنوقراط وعلى رأسهم شيمشك ومحافظة البنك المركزي حفيظة غاية أركان.

ويعد تحقيق سيناريو الهبوط السلس في الاقتصاد البالغ حجمه تريليون دولار دليلا على نجاح سياسة أركان، التي قالت إن “استقرار الأسعار أمر بالغ الأهمية لتحقيق النمو المستدام”. وقبل تعيينها في يونيو الماضي، اعتمد أردوغان لسنوات على السياسات التي أدت إلى نمو اقتصادي على حساب ارتفاع التضخم وانزلاق قيمة الليرة.

وقالت أركان الأربعاء الماضي “في الوضع الذي يكون فيه التضخم والتقلبات مرتفعين، يمكن بدء عملية تباطؤ التضخم بأقل قدر من التنازلات الخاصة بالنمو حتى يعود التضخم إلى مستويات معينة”.

وأوضحت أنه في هذه المرحلة يجب أن يكون الهدف هو الحفاظ على استمرار تباطؤ التضخم بشكل مستدام.

وتسببت الزيادات الشهرية في أسعار المستهلكين منذ يونيو الماضي في مضاعفة سعر الفائدة الرئيسي إلى خمسة أمثاله تقريبا ليصل إلى 40 في المئة الشهر الماضي، مع تشديد السياسة النقدية بشكل تراكمي بنحو 15 نقطة مئوية خلال الربع الثالث فقط.

لكن رغم زيادات الفائدة الكبيرة، من المستبعد معاناة تركيا من الركود لفترة طويلة، نظرا إلى أن المركزي اتخذ في البداية نهجا تدريجيا في تشديد السياسة النقدية ومع استمرار وجود فارق إيجابي في نمو إنتاج البلاد. وأظهر النموذج الذي طورته ديميرالب مع زملائها الباحثين في جامعة كوتش أن احتمال ركود الاقتصاد التركي أقل من 20 في المئة.

11