الاقتصاد الأفريقي في تقاطع نيران واشنطن وبكين

لندن - قال محللون إن النزاع التجاري المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين يتجه لإجبار الدول الأفريقية على الاختيار بين الصين، أكبر شريك تجاري للقارة، والولايات المتحدة.
ولجأت شركة هواوي، التي أصبحت العنوان الأبرز في التوترات الأميركية الصينية، إلى تعزيز مواقعها في أفريقيا الأسبوع الماضي بتوقيع اتفاقية مع الاتحاد الأفريقي، لتعزيز التعاون التكنولوجي وخاصة في نشر شبكات الجيل الخامس للاتصالات.
ويرى روبين نيزارد، الخبير الاقتصادي في شؤون أفريقيا جنوب الصحراء لدى شركة “كوفاس” الفرنسية للخدمات المالية أن “هواوي تسعى لتركيز مواقعها كلاعب أساسي في قطاع الاتصالات الأفريقي، الذي يعد غاية في الأهمية”.
ورسّخت هواوي حضورها في أنحاء أفريقيا منذ دخولها إلى كينيا في عام 1998 وهي تعمل حاليا في 40 بلدا وتوفر شبكات الجيل الرابع لأكثر من نصف القارّة.
ومن المقرر أن تعرض خدمات الجيل الخامس (جي 5) القادرة على نقل البيانات بسرعة فائقة خلال بطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، التي ستنطلق في مصر في 21 يونيو الجاري.
ويرى المحلل الاقتصادي الكيني علي خان ساتشو أن الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم تضع أفريقيا “أمام خيار مزدوج. سيكون من الصعب للغاية على الدول الأفريقية أن تتجاهل الأمر”.
وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أن “هواوي غزت السوق الأفريقية بفضل استراتيجيتها الجريئة للغاية المبنية على التمويل الرخيص وسرعة التنفيذ” وقال إن “كون هواوي جهّزت الاتحاد الأفريقي يختزل كل شيء”. ويمتد حضور هواوي في أفريقيا أبعد بكثير من مسألة بيع الهواتف الذكية وتأسيس شبكات هواتف محمولة.
فقد نظمت هذا العام في جنوب أفريقيا دورات تدريبية في كبرى جامعات البلاد مثل دورة متخصصة بشبكات الجيل الخامس، التي أطلقتها هناك. ووقعت مع الحكومة الكينية في أبريل الماضي اتفاقا لتأسيس مركز معلومات وخدمات “المدينة الذكية”.
كما تقدم هواوي في كينيا برنامج مراقبة أطلق عليه “المدينة الآمنة” والذي تقول الشركة الصينية إنه يمكن أن “يمنع الجرائم التي تستهدف المواطنين العاديين والسائحين والطلبة وكبار السن وغيرهم قبل وقوعها”.
كما تم تنفيذ البرنامج في موريشيوس وتضمن نشر 4000 كاميرا “ذكية” للمراقبة في ألفي موقع في أنحاء الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي، لكن وسائل إعلام محلية نددت بنظام المراقبة ووصفته بـ”الدكتاتورية الرقمية” من “الرقيب بكين”.
وينفذ فرع الشركة المختص بالكابلات تحت الماء “هواوي مارين” مشروعا لربط قارتي أفريقيا وآسيا بنظام كابلات يمتد لمسافة 12 ألف كيلومتر.
ويحذر مراقبون من خطورة أن تتحول أفريقيا إلى ضحية عرضية للنزاع الأميركي الصيني. ويقول نيزارد إن “أفريقيا عالقة وسط حرب تجارية عليها عدم الانخراط فيها لأنها لن تكسب شيئا”.