الاقتصاد الأردني يواجه تحدي امتصاص انعكاسات حرب غزة

عمّان - حذر منتدى الإستراتيجيات الأردني من أن الحكومة ستواجه تحديات كبيرة لجعل الاقتصاد يمتص تأثيرات الحرب في غزة على الاقتصاد المحلي خلال العام الحالي والمقبل.
وسلط المنتدى في تحليل بعنوان "مخاطر الأردن بعد الحرب على غزة: هل تغيرت أو بقيت كما هي؟” الضوء على المخاطر المتوقعة على البلاد، ومقارنتها مع المخاطر التي رصدها المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) في تقريره “المخاطر العالمية لعام 2024”.
وأشار التحليل الذي أوردته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، إلى أنه وفق نتائج تقرير دافوس، فإن البطالة من بين أبرز المخاطر الخمسة المتوقع أن تكون الأكثر تأثيرا على الاقتصاد الأردني، تلاها الدين العام والتضخم والانكماش الاقتصادي والأمراض المعدية.
ويحدد التقرير أهم المخاطر التي قد تواجه دول العالم على المديين القصير والبعيد، وجاءت نتائجه بناء على مسح رأي خبراء وقادة رأي وأصحاب أعمال، ومؤسسات مجتمع مدني ودولي، أجري خلال الفترة من الرابع من سبتمبر وحتى التاسع من أكتوبر 2023.
ونظرا لكون مسح تقرير المخاطر العالمية أجري قبل حرب غزة، أجرى منتدى الإستراتيجيات استطلاع رأي لأعضائه وشركائه من قادة الأعمال والمؤسسات المحلية، لتحديد ما إذا كان هناك اختلاف طرأ على المخاطر المتوقع أن تؤثر على الاقتصاد الأردني.
وأظهرت نتائج استطلاع منتدى الإستراتيجيات توافقا كبيرا مع نتائج تقرير المخاطر العالمية من حيث تحديد المخاطر الأربعة الأولى، التي من المتوقع أن تواجه الاقتصاد الأردني خلال العامين المقبلين، مع اختلاف طفيف في الترتيب.
وعند المقارنة كانت أبرز المخاطر البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة جراء التضخم والدين العام والانكماش الاقتصادي على الترتيب.
وجاءت المخاطر الناتجة عن النزاعات المسلحة بين الدول في المرتبة الخامسة بدلا من الأمراض المعدية كما جاءت في تقرير دافوس، وهذا يعكس مدى تأثير الحرب على غزة على الاقتصاد الأردني، التي لم تشملها فترة تقرير المخاطر العالمية لعام 2024.
وفي ضوء هذه النتائج، بين منتدى الإستراتيجيات أن المخاطر الناجمة عن البطالة والدين العام والانكماش الاقتصادي ليست ظاهرة جديدة على الاقتصاد الأردني، بل يعاني منها منذ أكثر من 10 سنوات.
لكن الأحداث الأخيرة وانعكاساتها قد تزيد من حدة تأثير المخاطر على المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، وأبرزها التجارة الخارجية والأمن الغذائي وسلاسل التوريد.
ويواجه الأردن، وهو إحدى الدول العربية الأكثر اعتمادا على المساعدات الخارجية، فعليا تحدي قلة الأراضي المستخدمة للزراعة.
وتشير التقديرات إلى أن الأردنيين يزرعون 25 في المئة فقط من الأراضي الصالحة للزراعة، وسط شح المياه، الذي يفرض استخدام تقنيات بيئية وهندسة وراثية تزيد الإنتاجية.
ووفقا لتقرير نشرته مؤسسة كارنيغي في أبريل من العام 2021، فإن نحو 53 في المئة من الأردنيين عرضة لنقص الأمن الغذائي. لكن بعض مراكز الأبحاث تعتقد أن النسبة ارتفعت منذ العام 2020 بفعل أزمات الجائحة والتغير المناخي والتوترات الجيوسياسية.
وأكد منتدى الإستراتيجيات ضرورة مضاعفة الجهود لاتخاذ تدابير احترازية ووضع خطط بديلة للتحوط اقتصاديا وإجراء تقييم دوري للوضع في ضوء التغيرات الأخيرة.
وإضافة إلى ذلك، شدد على أهمية قياس مستوى التقدم ومدى فعالية تنفيذ الخطط الحكومية في التخفيف من تأثير الاضطرابات الإقليمية والعالمية على الاقتصاد الأردني.
وتوقع وزير المالية محمد العسعس أن يبلغ النمو هذا العام 2.6 في المئة، وهو المستوى نفسه المتوقع للعام الماضي، ما دامت الحرب بين إسرائيل وحماس لم تؤد إلى نشوب صراع أوسع نطاقا.
◙ البنك المركزي الأردني يدافع عن سياسة مواصلة ربط العملة المحلية بالدولار باعتبارها إحدى الأدوات التي تحمي الاقتصاد من الصدمات المفاجئة
وسيكون ذلك مقرونا بمدى التحكم في التوازنات المالية مع تنفيذ برنامج الإصلاح بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتحصيل إيرادات من قطاعات إستراتيجية في مقدمتها السياحة وأيضا قوة الدينار.
ويدافع البنك المركزي الأردني عن سياسة مواصلة ربط العملة المحلية بالدولار باعتبارها إحدى الأدوات الأساسية التي تحمي الاقتصاد من الصدمات المفاجئة مثلما يحصل في الوقت الراهن.
ولئن كان البلد يعاني من مشاكل كثيرة لعل من أبرزها قلة الموارد واعتماده الشديد على المساعدات الدولية، إلا أن القيمة القوية للدينار تشكل جدار حماية للشركات والأفراد بوجه الظروف المتغيرة وخاصة خلال ارتفاع الأسعار.
والدينار الأردني من بين أقوى ثلاث عملات عربية أمام العملة الأميركية، إلى جانب كل من الدينار الكويتي والريال العماني، ويبلغ سعر صرفه نحو 1.4 دولار.
وسبق أن قال محافظ البنك المركزي عادل شركس إن “سياسة تثبيت سعر صرف الدينار مقابل الدولار التي انتهجها البنك منذ عام 1995 هي السياسة الأمثل والأنسب للاقتصاد الأردني”.
وأوضح أن الربط يشكل دعامة أساسية للاستقرار النقدي والمصرفي وبيئة الاقتصاد بشكل عام، حيث يقوم بدور فاعل في تعزيز الثقة بالدينار وزيادة تنافسية الصادرات، فضلا عن تعزيز جاذبة بيئة الأعمال.