الاقتصادات النامية تواجه معضلة تضخم الديون

52 بلدا من بينها إثيوبيا وغانا وباكستان وسريلانكا وتونس وزامبيا، مثقلة بالديون وتواجه خطر التخلف عن السداد.
الخميس 2023/06/22
أزمة متصاعدة

تتزايد التحذيرات الممزوجة بالقلق مع انعقاد اجتماعات نادي باريس من أن تصاعد ديون البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط قد يضر بفرصها في التنمية المستدامة، خاصة مع انهيار عملاتها وجعل الناس يفقدون الثقة في برامج الحكومات لمواجهة المشكلة.

باريس - يسعى دائنو نادي باريس خلال اجتماعهم في العاصمة الفرنسية الأربعاء عشية قمة “ميثاق مالي عالمي جديد”، إلى النظر في إمكانية إيجاد حلول للاقتصادات النامية التي تشهد معضلة تضخم ديونها بشكل مقلق، في ظل انعكاس الأزمات العالمية عليها.

وتغيرت تركيبة دائني البلدان النامية بشكل كبير، فقد كانت الديون حتى فترة قصيرة وبشكل كبير بأيدي الدول الأعضاء في نادي باريس، والتي تضم عشرين دولة منها مجموعة السبع وروسيا.

أما الآن فباتت هذه الديون بشكل أساسي بأيدي القطاع الخاص، وتشمل بنوكا وصناديق استثمار وغيرها، بما يصل إلى نحو 61 في المئة.

وشهدت الكثير من الدول غير الأعضاء في النادي وعلى رأسها الصين والهند والكثير من دول الخليج، زيادة في حصتها، بحيث تمثل الصين وحدها في بعض الأحيان نصف القروض من دولة أخرى.

ربيكيا غرينسبان: معظم الديون التي تتحملها الدول الناشئة بالعملة الأجنبية
ربيكيا غرينسبان: معظم الديون التي تتحملها الدول الناشئة بالعملة الأجنبية

ويؤدي تعدد الجهات إلى زيادة تكاليف الاقتراض للبلدان المعنية ويزيد من صعوبات إعادة هيكلة ديونها قبل أن تخرج عن السيطرة، كما كان الحال مؤخرا في سريلانكا مع عواقب وخيمة في الكثير من الأحيان على الدول المعنية.

وأظهرت دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في فبراير الماضي، أن 52 بلدا من بينها إثيوبيا وغانا وباكستان وسريلانكا وتونس وزامبيا، مثقلة بالديون وتواجه خطر التخلف عن السداد. وتنفق نصفها 20 في المئة من ميزانيتها لسداد الفائدة على ديونها.

ومن بين البلدان النامية أو الناشئة التي كان لديها أعلى ديون في العام 2021 بالنسبة إلى ناتجها المحلي الإجمالي، فنزويلا بواقع 240.5 في المئة والسودان بنحو 181.9 في المئة وإريتريا بنحو 176.2 في المئة ولبنان بنحو 150.6 في المئة.

وضمت القائمة أيضا الرأس الأخضر بحوالي 142.3 في المئة وسورينام بنحو 125.7 في المئة وجزر المالديف بواقع 124.8 في المئة، وفقا لأرقام صندوق النقد الدولي المذكورة في هذا التقرير.

وخلال العقد الماضي، ازدادت مديونية البلدان النامية بأكثر من الضعف، لتصل إلى تسعة آلاف مليار دولار في العام 2021، وهي ازدادت بلا شك في 2022، وفقا للتقرير السنوي للبنك الدولي عن الديون الدولية الذي نُشر في ديسمبر الماضي.

والأسباب متعددة، ومن بينها انخفاض قيمة عملاتها مقابل الدولار، في حين أن ديونها غالبا ما تكون مسعّرة بالدولار، وارتفاع معدلات وأسعار الطاقة والأغذية والأسمدة، وكل ذلك يؤدي إلى تجفيف احتياطاتها من العملات الأجنبية.

كليمانس لاندرز: صعوبة تحمل كلفة ديونها يعرقل التنمية في هذه البلدان
كليمانس لاندرز: صعوبة تحمل كلفة ديونها يعرقل التنمية في هذه البلدان

وقالت الأمينة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) ربيكيا غرينسبان نهاية العام الماضي إن “ما بين 70 و85 في المئة من الديون التي تتحملها البلدان الناشئة وذات الدخل المنخفض هي بعملة أجنبية”.

وأكدت أن ذلك جعل البلدان عرضة بشكل كبير للهزات في العملات الكبيرة التي ضربت الإنفاق العام على وجه التحديد، في وقت يحتاج فيه السكان إلى الدعم المالي من حكوماتهم.

ومن حيث القيمة المطلقة، فإن البلدان النامية أو الناشئة التي كانت لديها أعلى ديون في العام 2021، هي الأرجنتين بنحو 114.8 مليار دولار وباكستان بنحو 94.7 مليار دولار.

وتضم القائمة التي ساقها البنك الدولي أنغولا بحوالي 46.7 مليار دولار وأوكرانيا بنحو 44.6 مليار دولار والإكوادور بنحو 38.7 مليار دولار.

وقالت كليمانس لاندرز، من مركز سنتر فور غلوبل ديفلوبمنت، لوكالة فرانس برس إن هذه البلدان “تواجه صعوبة في تحمل كلفة ديونها وإيجاد الموارد اللازمة لمشاريع البنى التحتية أو المشاريع المتعلقة بتغير المناخ، في آن واحد”.

ويقدر فريق الخبراء رفيع المستوى المعني بالتمويل المستدام حاجات الاستثمار اللازمة لمكافحة تغير المناخ بشكل فعال للبلدان النامية، بما يتراوح بين 2 و2.8 تريليون دولار سنويا بحلول العام 2030 باستثناء الصين.

ويعد نادي باريس، وهو مجموعة غير رسمية أسست في العام 1956، مسؤولا عن إيجاد حلول لصعوبات سداد الديون التي تواجهها الدول الضعيفة. وهو يجمع 22 بلدا، بما فيها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبرازيل.

ومن بين الدائنين “التاريخيين” أيضا مؤسستان ماليتان دوليتان رئيسيتان أنشئتا في العام 1944 هما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

Thumbnail

لكن البنك الدولي أشار في ديسمبر الماضي إلى أن ديون الدول الأكثر فقرا أصبحت الآن في أيدي القطاع الخاص.

ونادي لندن الذي أنشئ منتصف السبعينات، هو مجموعة غير رسمية من الدائنين من القطاع الخاص (بنوك وصناديق استثمار).

وفي السنوات الأخيرة، اكتسب دائنون جدد أهمية متزايدة، خصوصا الصين والهند ودول الخليج، وبالتالي، أصبحت الصين المقرض الرئيسي للعديد من البلدان الأفريقية.

وعندما لا تعود دولة ما قادرة على سداد ديونها، فإنها تواجه خطر قطع المؤسسات المالية الدولية أو المستثمرين من القطاع الخاص وصولها إلى الائتمان.

ولكي تتمكن من الاقتراض مجددا، يجب على هذه الدولة أن تتوصل إلى اتفاق مع دائنيها لإعادة هيكلة ديونها، غالبا على حساب التزام الحد من نفقاتها.

وخلال جائحة كوفيد – 19، عرض نادي باريس مع مجموعة العشرين، على البلدان الفقيرة إرجاء سداد ديونها.

وفي الوقت نفسه، اتفقا على “إطار مشترك” يهدف إلى إعادة هيكلة أو حتى إلغاء ديون البلدان التي تطلب ذلك. لكن الصين خصوصا أعاقت تنفيذه.

ويأمل نادي باريس في اقتراح إعادة هيكلة ديون زامبيا هذا الأسبوع، وفقا لمصدر داخلي.

11