الاقتصادات الناشئة تحتاج نموا أسرع لمواكبة ديونها

تصاعد الصراع في الشرق الأوسط يزيد من مخاوف تشديد السياسة النقدية وتأثر التجارة العالمية.
الجمعة 2024/02/23
البنك الدولي: ارتفاع تكاليف الاقتراض "يحدث طفرة" في حاجة الدول النامية إلى تحفيز اقتصاداتها

لندن - اعتبر البنك الدولي أن ارتفاع تكاليف الاقتراض “يحدث طفرة” في حاجة الدول النامية إلى تحفيز اقتصاداتها المتباطئة لكي تستطيع تجنب عواقب الصدمات الراهنة لفترة أطول.

يأتي هذا التقييم مع تسجيل مبيعات السندات الدولية من حكومات الأسواق الناشئة مستوى غير مسبوق عند 47 مليار دولار في يناير الماضي، وجاءت في الصدارة اقتصادات ناشئة ديونها من الأقل مخاطرة مثل السعودية والمكسيك ورومانيا.

لكن بعض مصدري الديون الأكثر مخاطرة بدأوا يلجأون إلى الأسواق بطرح عوائد أعلى. فقد طرحت كينيا مؤخرا سندات دولية جديدة بعائد يفوق العشرة في المئة، وهي النسبة التي غالبا ما يعد الخبراء تخطيها عند الاقتراض أمرا يصعب تحمله.

أيهان كوسى: حينما يتعلق الأمر بالاقتراض تحدث طفرة هناك
أيهان كوسى: حينما يتعلق الأمر بالاقتراض تحدث طفرة هناك

وأكد أيهان كوسى نائب رئيس الخبراء الاقتصاديين في البنك الدولي لرويترز خلال مقابلة في لندن الثلاثاء الماضي أنه حينما يتعلق الأمر بالاقتراض تحدث طفرة هناك، إذ توجد حاجة إلى النمو بوتيرة أسرع كثيرا.

ومع أنه أحجم عن التعليق على دول بعينها، لكنه ضرب مثالا بقوله “إذا كان علي قرض عقاري بفائدة عشرة في المئة، فسأكون قلقا”.

وأضاف كوسى أن “تحقيق وتيرة أسرع للنمو، وبخاصة معدل النمو الحقيقي، بأكثر من كلفة الاقتراض الحقيقية ربما تثبت صعوبته”.

ونوه البنك الدولي في تقريره حول الآفاق الاقتصادية العالمية المنشور في يناير الماضي إلى أن الاقتصاد العالمي من المنتظر أن يسجل خلال الفترة من 2020 إلى 2024 أضعف أداء لفترة خمس سنوات منذ 30 عاما، حتى في حالة تجنب الكساد.

وتوقع تباطؤ النمو العالمي للعام الثالث على التوالي إلى 2.4 في المئة قبل أن يرتفع إلى 2.7 في المئة في العام المقبل. وأشار التقرير إلى أن هذه المعدلات لا تزال أقل بكثير من متوسط 3.1 في المئة المسجل في العقد الماضي.

وتباطؤ النمو أكثر حدة في الاقتصادات الناشئة التي لم يشهد نحو ثلثها تعافيا منذ جائحة كورونا ودخل الفرد فيها أقل من المستويات المسجلة في 2019.

وقال كوسى إن “هذا يجعل الكثير من أهداف الإنفاق على التعليم والصحة والمناخ محل شك”. وأضاف “أعتقد أنه سيكون من الصعب تحقيق هذه الأهداف، إن لم يكن مستحيلا، بالنظر إلى نوع النمو الذي نشهده”.

ويشكل تصاعد الصراع في الشرق الأوسط خطرا آخر، إذ يزيد من المخاوف بشأن تشديد السياسة النقدية وتأثر التجارة العالمية.

وقال كوسى إن “التجارة محرك شديد الأهمية للحد من الفقر، وبالتأكيد مصدر إيرادات بالغ الأهمية بالنسبة إلى اقتصادات الأسواق الناشئة”.

وأشار إلى أن النمو إذا ظل منخفضا، فربما تضطر بعض الاقتصادات الناشئة إلى إعادة هيكلة الديون، وذلك من خلال تعديل الاستحقاقات أو الاتفاق على خفض قيم الديون مع الدائنين.

وأضاف “عاجلا أو آجلا، ستحتاج إلى إعادة هيكلة الدين ويجب أن يكون لديك إطار عمل… لم يحدث ذلك بالطريقة التي كان يأملها المجتمع الدولي”.

وأطلقت دول مجموعة العشرين ما سمّته “الإطار المشترك” في 2020 عندما عصفت الجائحة بالأوضاع المالية للدول.

ويهدف البرنامج إلى تسريع وتبسيط عملية إعادة البلدان المثقلة بالديون إلى الوقوف على أقدامها من جديد، لكن العملية تعثرت بسبب تأخيرات، وظلت دولة مثل زامبيا في حالة تخلف عن السداد لأكثر من ثلاث سنوات.

وقال كوسى “إذا ظل النمو ضعيفا وظلت ظروف التمويل صعبة، فلن ترى طريقا سهلا للخروج من هذه المشكلة. يبدو أن العلاج هو عصا سحرية ترفع النمو”.

البنك الدولي نوه إلى أن الاقتصاد العالمي من المنتظر أن يسجل خلال الفترة من 2020 إلى 2024 أضعف أداء لفترة خمس سنوات منذ 30 عاما

ويطفو العالم فوق بحر من الديون التي وصلت إلى 313 تريليون دولار، لتعادل نحو ثلاثة أضعاف قيمة الناتج المحلي الإجمالي العالمي البالغ نحو 104.4 تريليون دولار في العام الماضي.

وخلال 2023 ارتفع الدين العالمي بأكثر من 15 تريليون دولار، وشكلت الأسواق المتقدمة مدفوعة أساسا بالولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا 55 في المئة من تلك الزيادة.

وفي الأسواق الناشئة تركز تراكم الديون في الأغلب بالصين والهند والبرازيل، وفق معهد التمويل الدولي.

والدين العالمي هو اقتراض من جانب الحكومات والشركات المالية وغير المالية وحتى الأفراد، وكان قبل وباء كورونا عند 260 تريليون دولار، لكنه تفاقم بعد الجائحة.

ورغم زيادة الدين العالمي العام الماضي، فإن نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي انخفضت للعام الثالث على التوالي، مدفوعة إلى حد كبير بالأسواق المتقدمة.

ومع ذلك، تباطأ معدل انخفاض الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل حاد في عام 2023، مع ضعف النمو والتضخم.

11