الاقتراض الاستهلاكي يجذب البنوك العالمية إلى أسواق الخليج

أسواق الشرق الأوسط لم تشهد سوى عدد قليل من صفقات وصناديق الديون الخاصة.
الخميس 2024/12/19
هناك الكثير، ما يستحق المغامرة

بدأت البنوك العالمية تلتفت إلى قطاع القروض الاستهلاكية في أسواق الخليج العربي، وسط سعي حكومات المنطقة إلى استقطاب الاستثمارات، في الوقت الذي تواصل فيه صناديق الثروة السيادية استثمار مبالغ ضخمة في الخارج رغم التحديات القائمة.

الرياض - ترى صناديق الائتمان الخاصة العالمية والبنوك فرصا في منطقة الخليج التي تشتهر بمراكز التسوق الضخمة والسلع الفاخرة من أجل تقديم ديون للشركات الناشئة المتخصصة في المدفوعات والإقراض الاستهلاكي والمتعطشة إلى الاقتراض.

وحصلت كوانتيكس تكنولوجي بروجيكتس التي تُشغل منصة الإقراض الاستهلاكي كاش ناو الأسبوع الماضي، على تمويل بقيمة 500 مليون دولار من بنك سيتي غروب بالاعتماد على توريق مدعوم بالأصول.

ويشكل هذا المعطى أحدث مثال على دخول بنك أجنبي إلى سوق التمويل الاستهلاكي في الشرق الأوسط، التي تبدو مليئة بالفرص غير المستغلة، خاصة مع تواصل النمو الديمغرافي في الدول الخليجية الست.

وبرزت شركات التكنولوجيا المالية المتخصصة في الإقراض الاستهلاكي وخدمات “اشتر الآن وادفع لاحقاً” خلال السنوات الأخيرة لتقديم قروض إلى المستهلكين، لتقوم لاحقاً بتجميع تلك القروض، وتحصل على تمويل مدعوم بمحافظها.

وكان قطاع التجارة الإلكترونية في دول الخليج قبل 5 أعوام منصة صغيرة، حيث شكل 0.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة، أي ما يعادل خمسة مليارات دولار.

سليم ناثو: بنوك المنطقة ليست مهيأة للابتكار في تمويل الاستهلاك
سليم ناثو: بنوك المنطقة ليست مهيأة للابتكار في تمويل الاستهلاك

ولكن شركة الاستشارات العالمية كونيل تتوقع أن يصل حجم التسوق الرقمي في المنطقة إلى حوالي 29 مليار دولار بنهاية العام الحالي ليبلغ قرابة خمسين مليار دولار في نهاية عام 2025.

ويقول سليم ناثو، المحامي والشريك في مؤسسة أي آند أو شيرمان، لوكالة بلومبيرغ إن اقتصادات المنطقة مدفوعة بالطلب الاستهلاكي إلى حد كبير، لكن البنوك ليست مهيأة للابتكار في هذا السياق، حيث تتبع نهجاً محافظاً لا يسمح لها بإقراض منصات التكنولوجيا المالية.

ومع ذلك، تُعتبر هذه الشركات الناشئة خياراً مناسباً لصناديق الائتمان الخاصة العالمية وبعض البنوك التي تشجع المؤسسات الواعدة، حيث تسعى إلى تنويع أنشطتها بعيدا عن إقراض الشركات التقليدية، واستثمار أموالها في منتجات مضمونة بالأصول.

وعلى سبيل المثال تعمل شركة بلاكستون الأميركية حاليا على جمع رأس مال للاستثمار في سوق التمويل العالمي المدعوم بالأصول، والتي يتراوح حجمها بين 5 و10 تريليونات دولار.

والتقى ماتياس دوكس، الشريك المؤسس لشركة أفلينيا كابيتال التي تركز على الإقراض بضمان الأصول، بعدد من شركات التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط.

ومن بين الشركات التي التقاها بيهايف، وهي منصة متخصصة في الإقراض من نظير إلى نظير، وإيراد، وهي شركة رأس مال للنمو تستهدف الشركات الناشئة.

وأغلق تطبيق تابي المالي المحلي صفقة تمويل ديون بقيمة 700 مليون دولار مع بنك جي.بي مورغان تشيس آند كو في ديسمبر الماضي، بينما حصلت تمارا على تسهيلات تمويلية قصيرة الأجل بقيمة 400 مليون دولار في الشهر السابق.

وقال دوكس “نرى فرصاً واعدة في الشرق الأوسط، حيث توجد فجوة تمويلية لم تسعَ البنوك إلى سدها بعد، سواء في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة أو التمويل الاستهلاكي، وهو ما تسعى شركات التكنولوجيا المالية إلى الاستفادة منه حاليا.”

ماتياس دوكس: نرى فرصا واعدة، حيث توجد فجوة تمويلية في القطاع
ماتياس دوكس: نرى فرصا واعدة، حيث توجد فجوة تمويلية في القطاع

ولسنوات أقبلت الصناديق العالمية، مثل بلاك روك وبلاكستون، على الشرق الأوسط لجمع رؤوس الأموال، مستهدفة المستثمرين المدعومين من الدولة والمكاتب العائلية الضخمة.

ولكن حتى الآن لم تقدم الشركات الدولية استثمارات محلية كبيرة، رغم الجهود التي تبذلها حكومات المنطقة في هذا الجانب من أجل تغذية نشاط التجارة الإلكترونية.

ولم تشهد أسواق الشرق الأوسط سوى عدد قليل من صفقات وصناديق الديون الخاصة، إذ تبلغ قيمة الأدوات الأخيرة مئات الملايين من الدولارات.

ومنذ عام 2020 حين تفشى وباء كورونا في العالم، تم جمع أقل من 500 مليون دولار لصناديق الائتمان الخاصة المخصصة لمنطقة الشرق الأوسط، وفقا للجمعية العالمية لرأس المال الخاص.

ويرى ناثو من شركة ألين آند أوفري أن قلة نشاط المستثمرين الدوليين بهذا المجال في الشرق الأوسط ترجع على الأرجح إلى عاملين.

وأوضح في تصريح لبلومبيرغ أن العامل الأول يتعلق بهيمنة البنوك المحلية، التي أدت إلى مزاحمة المستثمرين الآخرين، والثاني هو عدم وضوح الرؤية حيال القواعد المرتبطة بالقطاع.

ولكن مع عدم اهتمام البنوك المحلية عموما بالتمويل الاستهلاكي، فإن اللاعبين العالميين لديهم فرصة للدخول، ويبدو أن هذا النوع من التوريق يمثل نقطة جاذبة وسط ندرة الفرص.

ويشهد الإقبال على الاستثمار في المنطقة تغيراً أيضاً، خاصة وأن المستثمرين يرون المزيد من الوضوح حيال القوانين، لاسيما في السعودية، وفق ناثو.

وتفتتح بعض الشركات مكاتب لها في المنطقة، في حين تحقق شركات أخرى، بما في ذلك بروكفيلد أسيت مانجمنت، إنجازات في جمع الأموال المخصصة لمنطقة الشرق الأوسط.

كما كثف مستثمرون دوليون تمويل ديون المشاريع. وفي مايو الماضي قدمت شركة فرانسيسكو بارتنرز مانجمنت تمويل ديون بقيمة 90 مليون دولار لشركة بروبرتي فايندر الواقع مقرها في دبي للمساعدة في تمويل عملية إعادة شراء حصة مستثمر مؤسسي.

ومع ذلك لم يتغير الوضع في جميع مجالات الاستثمار، إذ لا يزال اللاعبون المحليون يقودون معظم النشاط، وفق جيف شلابينسكي، المدير الإداري للأبحاث في الجمعية العالمية لرأس المال الخاص.

11