الاعتقالات تشكك في مسار التحديث السياسي بالأردن

الخارجية الأميركية: 200 شخص تم اعتقالهم وسجنهم لأسباب سياسية.
الأربعاء 2023/03/22
تشويش أمني على الإصلاح السياسي

لا تزال الاعتقالات السياسية للمعارضين ومخالفي الرأي متواصلة في الأردن رغم انطلاق مسار التحديث السياسي الصيف الماضي، وهو ما يثير الشكوك في جدية السلطات الأردنية.

عمان - تكشف مواصلة السلطات الأردنية اعتقال المعارضين السياسيين وسجن أصحاب الرأي المخالف عن أزمة الحكم في المملكة، في وقت يستعد فيه الأردن لمرحلة سياسية تشاركية باعتماد نظام الحكومات البرلمانية، وهو ما يمثل أحد أهم مطالب الأردنيين منذ عقود.

ويرى مراقبون أن مواصلة الاعتقالات السياسية على الرغم من انطلاق “قطار التغيير السياسي” من خلال اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، تشير إلى الشكوك الموجودة أصلا بشأن الغاية من التغيير، وهل أنها فعلية أم شكلية لتهدئة الرأي العام.

وللأردنيين تجارب مريرة مع لجان الإصلاح السياسي والاجتماعي في البلاد، إذ إن جميع مقررات الإصلاح السابقة بقيت إلى حد الآن على الرفوف.

وفي الفترة الأخيرة شنّت الأجهزة الأمنية الأردنية حملة اعتقالات سياسية شملت بعض الناشطين. أما السبب فهو إما مشاركتهم في مسيرات واعتصامات، وإما انتقادهم للنظام السياسي ومطالبتهم بالإصلاح. وهو ما يحرج السلطات الأردنية التي تروج لحياة سياسية تعددية وضمانات لتفعيل المشاركة الحزبية. وانتقدت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها حول حالة حقوق الإنسان في الأردن لعام 2022 واقع الحريات في المملكة.

وقال التقرير إن “ما لا يقل عن 200 شخص تم اعتقالهم وسجنهم من قبل الحكومة لأسباب سياسية”، بما في ذلك انتقاد الحكومة وسياستها الخارجية والمسؤولين الحكوميين والهيئات الرسمية، أو الدول الأجنبية، وترديد شعارات أو كتابة منشورات على الإنترنت ضد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.

◙ ممارسات الحكومة الأردنية ترقى إلى مستوى حملة ممنهجة لقمع المعارضة وإسكات الأصوات المنتقدة

وبين التقرير المطول “بالإضافة إلى هذه التهم، تشمل التهم الأخرى التي توجه عادة إلى الأشخاص الذين ينتقدون الحكومة إهانة الملك، وتقويض النظام السياسي أو انتهاك قانون الجرائم الإلكترونية، وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون منع الجرائم، وأحكام أخرى بموجب قانون العقوبات مثل التحريض أو القذف”.

وقال التقرير إن مثل هذه الممارسات ترقى إلى مستوى حملة ممنهجة لقمع المعارضة السلمية وإسكات الأصوات المنتقدة.

وينشغل الأردن منذ الصيف الماضي بتوسيع المشاركة السياسية بما فيها من تعديلات دستورية وقانونية تحيطها مؤسسة الحكم بهالة من التفاؤل والانفتاح والضمانات، لكنها لا تتحمل تدوينات وتعليقات النشطاء على ما يجري في البلد.

ومنذ أن أقر مجلس النواب الأردني قانون الأحزاب الجديد، تنفس الناشطون السياسيون الصعداء على اعتبار أن القانون سيمثل انفراجا للعمل الحزبي في البلاد، بعد أعوام من التضييق والملاحقات الأمنية ومحاولات التدخل الرسمي في عمل الأحزاب وتوجهاتها.

لكن الاعتقالات الحزبية المتواصلة مثلت خيبة أمل لدى الناشطين الذين يرددون مقولة العاهل الأردني عام 2018 للشباب “إذا أردتم الإصلاح فارفعوا صوتكم ولا تصمتوا”.

وتلوم الأحزاب الأردنية المعارضة السلطات الأردنيةَ على ترهيب الشباب والتضييق عليهم بسبب الانتماء إلى الأحزاب، لكن تلام هي الأخرى على تغييبها الشباب من مراكز القيادة فيها، أو من مشاريع إصلاحية تطلقها.

وتقول المحللة السياسية لميس أندوني “هناك إحباط عام من العمل السياسي، وغياب للأمل والأفق، وأيضا اليوم في الأردن يتم تأسيس أحزاب جديدة بدعم كامل من أجنحة الدولة، وهذا خطير لقتل الأحزاب القديمة التي يجب أن تغير خطابها، وأن يشعر الشباب لديها بأن لهم دورا ومشاركة فعلية”.

ورغم سن البرلمان الأردني لقانون أحزاب جديد الصيف الماضي ودعم حكومي مالي للأحزاب، فإن الحياة السياسية التعددية في الأردن ضعيفة، بما لا يسمح ببناء حياة حزبية تنافسية.

◙ الترسانة القانونية الجديدة استعدادا للحياة الحزبية البرلمانية، على أهميتها، لن تقدم الإضافة في ظل بيئة معرقلة للتعددية

وعدّلت السلطات الأردنية قانون الأحزاب، ووضعت نصوصا تجرّم من يضيق على الحزبيين بسبب انتمائهم الحزبي، ومن مخرجات القانون الذي يعد من نتاج اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية أن “لا تقل نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة عن 20 في المئة من عدد المؤسسين للحزب”.

ويرى المراقبون أن الترسانة القانونية الجديدة استعدادا للحياة الحزبية البرلمانية، على أهميتها، لن تقدم الإضافة المرجوة في ظل بيئة معرقلة للتعددية. ولا تزال الأجهزة الأمنية الأردنية تعاقب إلى الآن، حتى بعد إقرار القوانين الجديدة، كل منتم إلى العمل الحزبي المعارض.

ويتم تصوير كل حزبي معارض على أنه خصم للدولة لا معارض للحكومة، ويتم فرض طوق شامل من المضايقات الرسمية على الحزبي ومعظم ذويه من الدرجة الثانية والثالثة. وتتمثل تلك المضايقات في الحرمان من الوظائف الرسمية له ولذويه ومضايقات السفر.

وحذرت أكثر من 100 شخصية أردنية في بيان مفتوح في وقت سابق من استمرار الاعتقال السياسي، مطالبة السلطات بالعمل على إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين والحراكيين ومعتقلي الرأي.

ودعت الشخصيات، وأغلبها من المعارضين والحراكيين، السلطات الأردنية إلى “وقف التغول على الحياة العامة، والاعتقال السياسي، والعمل بقانون الجرائم الإلكترونية، ومصادرة الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير، ووقف تحويل النشطاء السياسيين والحزبيين والحراكيين إلى محكمة أمن الدولة”.

2