الاشتراطات الأميركية تدفع الإمارات إلى التلويح بإلغاء صفقة أف – 35

واشنطن – بدأ صبر الإماراتيين ينفد بسبب الغموض الذي يرافق موقف الولايات المتحدة من تسليم صفقة مقاتلات أف – 35 التي تم الاتفاق عليها خلال حكم الرئيس السابق دونالد ترامب وسط تقارير تفيد بأن أبوظبي هددت بإلغاء الصفقة التي تبلغ حوالي 23 مليار دولار لشراء المقاتلات الأميركية المتطورة وكذلك طائرات مسيرة من طراز “ريبر”.
وقال مسؤولون أميركيون إن الحكومة الإماراتية أرسلت خطابا للإدارة الأميركية يفيد بأنها تعتزم إنهاء الصفقة، لأن المتطلبات الأمنية الأميركية التي اشترطتها واشنطن لحماية أسلحتها من التجسس الصيني “مرهقة للغاية”.
وتشير تقارير صحافية إلى أن سبب تعطل إتمام الصفقة يعود إلى القلق الأميركي من أن تحصل الصين على تقنيات حساسة من خلال حليف لأميركا وهو الأمر الذي ترفضه الإمارات.
وبحسب صحيفة “وول ستريت” توترت العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة عندما علمت وكالة المخابرات الأميركية أن الصين تبني سرا ما اشتبهت في أنه منشأة عسكرية في ميناء بالقرب من العاصمة الإماراتية أبوظبي، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر، وقال كبار المسؤولين الإماراتيين إنهم لا يعتقدون أن الموقع الذي يشيده الصينيون كان منشأة عسكرية. لكن الأشخاص المطلعين قالوا إنه أغلق بعد عدة جولات من الاجتماعات والزيارات التي أداها مسؤولون أميركيون.
أبوظبي أرادت بتوقيع صفقة رافال توجيه رسالة إلى واشنطن بأن لديها خيارات إذا استمرت في تجميد صفقة أف – 35
ويقول متابعون للجدل حول تأخير الصفقة إن الإمارات باتت تنظر إلى الأمر على أنه تعطيل متعمد من واشنطن لتسليم الصفقة دون إبداء مبررات حقيقية، لافتين إلى أن الضغط الإماراتي سيكشف عن مدى جدية الأميركيين في الاستمرار بالصفقة من عدمه. لكنهم استبعدوا أن تكون أبوظبي راغبة فعليا في إلغاء الصفقة.
وكانت الولايات المتحدة تتبنى سياسة تقديم أسلحة بمواصفات أقل لحلفائها في المنطقة، لكي تضمن التفوق الإسرائيلي، لكن التغيرات الجيوسياسية المتسارعة وتحولات التحالفات جعلت من العامل الإسرائيلي غير ذي أهمية.
ويقول مراقبون إن الأوضاع الإقليمية تغيرت بالكامل، والإمارات مثل غيرها من دول الخليج باتت أحرص على تنويع الشراكات الدفاعية والاقتصادية، ولم تعد تقبل بالارتهان لشراكة واحدة مع الأميركيين مثلما هو الأمر في عقود سابقة، لافتين إلى أن دول الخليج التي وثقت بالأميركيين وجدت نفسها في مناسبات سابقة في أوضاع صعبة لأن حسابات الإدارات الأميركية لم تكن تضع كأولوية لها المصالح الخليجية، وكان آخرها قرار واشنطن بالانسحاب من الخليج والشرق الأوسط.
وتبحث الإمارات، كما بقية الخليج، عن أن تكون الشراكة مع واشنطن التزاما بأمن المنطقة وبالمصالح المشتركة ذات البعد الاستراتيجي، لكن لا يبدو أن الأميركيين، خاصة مع إدارة الرئيس جو بايدن، يضعون هذا الالتزام كأولوية لهم على عكس دول أخرى مثل فرنسا.
واعتبرت صحيفة “وول ستريت” الأميركية أن ما أسمته بالتهديد الإماراتي بإلغاء صفقة أف – 35 قد يكون “هزة كبيرة بين حليفين قديمين تتزايد الخلافات بينهما بسبب الدور الذي تلعبه الصين في الخليج”.
لكنها أكدت أنه لم يتضح ما إذا كان التهديد الإماراتي “خطوة تفاوضية عشية زيارة من المقرر أن يقوم بها الأربعاء وفد إماراتي رفيع المستوى إلى البنتاغون ومن المزمع أن تستمر يومين”، وأن الأمر قد يكون “تكتيكا تفاوضيا” قبل الاجتماع.
وقال مسؤولون آخرون إنه في حين أن لدى الولايات المتحدة مخاوف أمنية مشروعة، “هناك اندفاع نحو إنقاذ صفقة مخصصة لحليف خليجي”.

وفيما يظهر هؤلاء المسؤولون رغبة في الالتزام بالصفقة، فإن هناك مخاوف في واشنطن من أن “التهديد” الإماراتي يمكن أن يكون جديا، وأن أبوظبي لم تعد في حاجة إلى الصفقة بعد توقيع عقد ضخم لشراء مقاتلات رافال الفرنسية، وأن هذا قد يكشف تبدلا جديا في استراتيجيات دول الخليج، في الاعتماد على شركاء جدد غير واشنطن.
ووقّعت الإمارات مع فرنسا اتفاقية قياسية لشراء 80 طائرة مقاتلة من طراز رافال و12 طائرة مروحية من طراز كاراكال بقيمة تبلغ 17 مليار يورو (19.20 مليار دولار)، لكنها لم تشر من قريب أو بعيد إلى أنها ستكتفي بهذه الصفقة أو أنها لم تعد تتحمس لصفقة طائرات أف – 35 المتطورة.
وستكون الإمارات أول دولة تشغل نسخة حديثة من طائرات رافال خارج فرنسا، والتي تضم أجهزة استشعار رادار محدثة، وإلكترونيات متطورة قادرة على حمل صواريخ يصل وزنها إلى ألف كلغ.
ويشير تحليل نشره موقع “بريكينغ ديفنس” إلى أنه “من الصعب النظر إلى الصفقة على أنها اتفاق مفاجئ على عدد كبير من الطائرات، أو اعتبارها مصادفة”.
ويوضح أن أبوظبي تريد توجيه رسالة إلى واشنطن مفادها أن “الإمارات لديها خيارات إذا استمرت إدارة بايدن في تجميد صفقة شراء طائرات أف – 35”.
وكانت الإمارات قد أبرمت صفقة مقاتلات أف – 35 في آخر أيام الرئيس السابق دونالد ترامب، وتتضمن الحزمة التي تبلغ قيمتها 23.37 مليار دولار منتجات من جنرال أتوميكس ولوكهيد مارتن ورايثيون تكنولوجيز، بما في ذلك 50 طائرة من طراز أف – 35 لايتنينج 2، وما يصل إلى 18 طائرة مسيّرة من طراز أم.كيو – 9 بي وحزمة من ذخيرة جو – جو وجو – أرض.