"الاستيطان الرعوي" خطة إسرائيلية لضم الضفة الغربية دون سلاح

الهدف من البؤر الاستيطانية هو التضييق على الفلسطينيين والسيطرة على أكبر مساحة من الأراضي.
الخميس 2023/07/27
تضييق حتى التهجير

رام الله - لم يعد بإمكان الفلسطيني سلمان الزواهرة (54 عاما) رعي قطيع أغنامه حيثما شاء، بعد أن كانت ماشيته تجوب جبالا وأودية تقع في منطقة شفا غورية المطلة على غور الأردن. فمنذ أربع سنوات وضع مستوطنون بؤرة استيطانية رعوية حرمت الفلسطينيين في المنطقة الواقعة إلى الشرق من بلدة المغيّر بمحافظة رام الله وسط الضفة الغربية من رعي مواشيهم.

ويمتلك المستوطنون قطعانا من الأغنام والأبقار وحدود رعيهم حيثما وصلت ماشيتهم. ويقول السكان إن الهدف من تلك البؤرة والعشرات المماثلة المنتشرة في الضفة هو التضييق على الفلسطينيين والسيطرة على أكبر مساحة من الأراضي. ويقولون أيضا إن "إسرائيل تعمل على ضم الضفة الغربية من خلال الاستيطان الرعوي".

ويسكن الزواهرة في تجمع أم الرشراش البدوي الواقع على أراضي بلدة المغيّر، ومعه 85 آخرون من أشقائه وأقاربه. ويقول بينما يجلس في خيمة أعدت لاستقبال الضيوف، إن "مجموعة من المستوطنين ومعهم قطيع من الأغنام والأبقار سيطروا على جل الأراضي، ومنعوا الفلسطينيين من الرعي".

◙ الحكومة الإسرائيلية تسعى لضم منطقة الأغوار بالضفة من خلال المستوطنين والبؤر الرعوية التي تعمل على التضييق على السكان

ومنذ 4 سنوات والزواهرة وسكان التجمع يعانون من مضايقات واعتداءات المستوطنين. ويقول إن "استمرار الحال في ظل المضايقات يعني إجبار السكان على الرحيل". وهجّرت عائلة الزواهرة من النقب في نكبة الفلسطينيين باحتلال إسرائيل لأراضيهم عام 1948، وتسكن بادية الضفة الغربية منذ ذلك الحين.

ويضيف الزواهرة "لا أحد يرغب بالرحيل، نصر على البقاء ولكن إلى متى يمكن احتمال المضايقات؟". ويعتمد السكان في التجمع البدوي على تربية الماشية ويعيشون من منتجاتها. ويشير الزواهرة إلى أن "منعه من المراعي يعني موت الماشية، أو تغذيتها عبر الأعلاف الأمر المكلف للغاية". وقال "هناك انخفاض في أعداد القطيع نتيجة انحسار المراعي يصل إلى 50 في المئة". ويملك الزواهرة وحده نحو 500 رأس من الماعز.

وسيطر المستوطنون على نبع مياه كان يغذي السكان ومواشيهم بمياه الشرب، الأمر الذي زاد من معاناتهم. وللوصول إلى التجمع يجب المرور من طريق يوصل إلى البؤرة الاستيطانية الرعوية، قبل الانعطاف في طريق ترابي صعب للغاية.

ويفتقد التجمع إلى أدنى مقومات الحياة، حيث لا تتوفر فيه شبكات المياه والكهرباء. ويسكن الفلسطينيون بالتجمع في بيوت من الصفيح والخيام، وعادة ما تهدمها السلطات الإسرائيلية بذريعة البناء في مناطق مصنفة "ج" (الخاضعة للسيطرة الإدارية والأمنية الإسرائيلية وفق اتفاق أوسلو 2 للسلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1995).

ومن وسط التجمع يمكن أن ترى السفوح الغربية لجبال المملكة الأردنية وغور الأردن. ويقول مرزوق نعيم الناشط في مقاومة الاستيطان وعضو المجلس القروي بالمغيّر إن “المستوطنين سيطروا على نحو 30 ألف دونم (الدونم يعادل 1000 متر مربع) من أراضي بلدته تحت حماية الجيش الإسرائيلي”. وأضاف "الحكومة الإسرائيلية تسعى لضم منطقة الأغوار بالضفة من خلال المستوطنين والبؤر الرعوية التي تعمل على التضييق على السكان وخاصة التجمعات البدوية لدفعهم إلى الرحيل”.

◙ مشهد الاستيطان الرعوي يتكرر في الضفة الغربية بحسب نشطاء قالوا إن إسرائيل توفر الحماية الأمنية لمن يقومون به من المستوطنين

وأشار نعيم إلى البؤرة الرعوية، قائلا “خلال أيام وفرت الجهات الإسرائيلية الداعمة للاستيطان الماء والكهرباء والبنية التحتية والحماية لمجموعة من المستوطنين الرعويين”. وأضاف “في ظاهر الأمر هم مزارعون لكنهم يعملون ضمن مؤسسات وجمعيات استيطانية للسيطرة على كل شيء”. ومشهد الاستيطان الرعوي يتكرر في العديد من المواقع في الضفة الغربية المحتلة، بحسب نشطاء فلسطينيين قالوا إن إسرائيل عادة ما توفر الحماية الأمنية لمن يقومون به من المستوطنين.

وتعد الحكومة الإسرائيلية الحالية الأكثر تطرفا ودعما للاستيطان بكل أشكاله في الضفة الغربية. وحسب آخر الإحصائيات لحركة “السلام الآن” (يسارية غير حكومية)، يعيش نحو 700 ألف مستوطن في 146 مستوطنة و146 بؤرة استيطانية عشوائية مقامة على أراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة. وتعتبر الأمم المتحدة الاستيطان الإسرائيلي أنشطة غير قانونية وتطالب بوقفها، محذرةً من أن ذلك يهدد مبدأ حل الدولتين.

 

• اقرأ أيضا:

            التعديلات القضائية في إسرائيل تنطوي على مخاطر اقتصادية وسياسية

2