الاستجوابات النيابية تهدّد الحكومة الكويتية قبل تشكيلها

الكويت- شرع نواب البرلمان الكويتي المنتخب حديثا في التلويح باستجواب أعضاء حكومة الشيخ أحمد العبدالله الصباح قبل تشكيلها في ظاهرة وصفها البعض بالخارجة عن المألوف، وطعن خبراء قانونيون في دستوريتها، بينما اعتبرتها مصادر سياسية محاولة نيابية للضغط على رئيس الحكومة المكلّف بهدف التأثير على اختياره لأعضاء حكومته الجديدة.
وقالت المصادر إنّه بغض النظر عن مدى جدية عدد من النواب في مسعاهم لاستجواب وزير الداخلية في حكومة تصريف العاجل من الأمور الشيخ فهد اليوسف، في حال أعيد إلى ذات المنصب في التشكيل الحكومي المرتقب، فإنّ رواج الأخبار عن ذلك المسعى يحمل بحدّ ذاته مؤشرات سلبية مسبقة عن علاقة الحكومة القادمة بمجلس النواب، ودلائل أولية عن عدم خروج تلك العلاقات عن سياق التوتّرات والتجاذبات التي باتت مألوفة وتسببت في انقطاعات متكرّرة في عمل السلطتين من خلال إبطال البرلمانات المتعاقبة وإقالة الحكومات بما أثر سلبا على عملها وأخّر مسار الإصلاح المطلوب بشدّة في الكويت.
وكانت وسائل إعلام محلية قد تحدّثت عن مساع واتصالات قام بها عدد من نواب مجلس الأمّة لعقد اجتماع تتم خلاله مناقشة مسودة استجواب للشيخ فهد في حال عاد وزيرا للداخلية في حكومة الشيخ أحمد العبدالله.
وتمّ الخميس بالفعل عقد اجتماع ضمّ تسعة نواب ونوقشت خلاله “ضرورة أن تكون الحكومة متفقة مع إرادة الشارع واتجاهات مجلس الأمّة الجديد”، كما طرحت خلاله المواصفات المطلوب مراعاتها في أعضاء الحكومة الجديدة حتى يتم تجنّب تأزيم علاقتها مع البرلمان.
ويعني ذلك مطالبة مسبقة لرئيس الحكومة بالالتزام بالأجندة التشريعية للنواب وهي أجندة مطلبية في الأساس تتضمن الكثير من المطالب الاجتماعية التي لا تخلو من تناقض مع الإصلاحات التي يراد إطلاقها وتقوم في بعض جوانبها على تقليص الدعم المقدّم من قبل الدولة للمواطنين وفرض عدد من الضرائب.
وأعلن النائب عبدالهادي العجمي في كلمة مصورة بثها عبر منصّة إكس إنّ النواب التسعة عقدوا اجتماعا تنسيقيا “لبحث استحقاقات المرحلة الحالية في ما يتعلق بالتشكيل الحكومي”.
وأشار إلى “أهمية أن يكون العمل السياسي مراعيا لكل الأفكار والقضايا والتوجيهات الدستورية الواضحة في ما يتعلق بتشكيل الحكومة القادمة”.
وأضاف قوله “تأتي الانتخابات ليقدم الشعب الكويتي رأيه عبر اختياراته لنوابه.. وفي الانتخابات الأخيرة طرحت قضايا وصوّت الشارع الكويتي على أساسها، واليوم هناك استحقاقات لمرحلة ما بعد الانتخابات”.
ولمّح النائب إلى رفض إعادة شخصيات من الحكومة السابقة إلى الحكومة القادمة، مشدّدا على ضرورة أن تكون الحكومة المرتقبة جديدة.
وقال إنّ “الدستور يشير بوضوح إلى أنه يجب أن تتشكل حكومة جديدة بعد كل انتخابات، والمذكرة التفسيرية تشرح لماذا لا بد أن تتشكل حكومة جديدة، ولماذا لا تستمر الحكومة القديمة”.
وتابع “تجديد الانتخابات معناه التعرف على الجديد من رأي الأمة، وهذا الجديد لا يصل إلى الحكومة إلا بإعادة تشكيل الوزارة وفق الاتجاهات وعناصر المجلس الجديد”.
وأوضح العجمي أنّ “اجتماع النواب جاء ليشير إلى أهمية هذا المنطلق الدستوري وأن هذه الفكرة الأصيلة يجب ألا تغيب عن رئيس الوزراء المكلف في تشكيل حكومته، ويجب أن يراعي وأن يدرك أن الدستور هو القاعدة الأساسية التي يجب أن تقود سلوكه في اختيار الوزراء، وكذلك تجب مراعاة رسالة الشعب لأن عناصر المجلس الجديد هم فكرة قدمها الشارع الكويتي”.
ولم تخل كلمة النائب من تلويح لرئيس الحكومة المكلّف باستخدام الأدوات الدستورية ضدّه بما في ذلك “سلاح” الاستجواب البرلماني حين قال “إذا لم يتم الالتزام بهذا الأصل الدستوري وأدركنا أن رئيس الوزراء أصرّ على مخالفة هذا التوجه وهذه الأفكار وعناصر المجلس الجديد وإرادة الشارع، فإن النواب المجتمعين ملتزمون باتخاذ كافة الصلاحيات الدستورية، وأيضا ملتزمون أمام الشارع الكويتي بأننا سندافع عن المنطلقات الدستورية، وسنحمي المرحلة القادمة، وسنعمل باستخدام كل أدواتنا الدستورية لتحقيق هذه الفكرة”.
ودعا العجمي الشيخ أحمد العبدالله إلى أن يستبعد من حكومته الشخصيات غير المرغوب فيها من قبل النواب، قائلا “الشعب الكويتي عانى كثيرا ولديه آمال ولديه أفكار، وأول مهام رئيس الوزراء أن يقرأ هذه الأفكار بوضوح، وأن يعمل على إبعاد أيّ عنصر غير مرغوب فيه من الشارع الكويتي، وأن يحقق المعادلة الصعبة بشخصيات جادة تستطيع أن تتعاون مع البرلمان الكويتي ومع إرادة الكويتيين بطريقة جادة ومحترمة.”
وتعليقا على مساعي استجواب وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال في حال احتفاظه بالمنصب في الحكومة القادمة، قال الخبير الدستوري الكويتي إبراهيم الحمود إنّ “التلويح باستجواب الشيخ فهد اليوسف إن عُيّن وزيرا للداخلية مخالف للدستور”، وأضاف في تعليق عبر منصة إكس أنّ “الاستجواب وفقا للمادة مئة من الدستور، ووفقا للائحة الداخلية لمجلس الأمة وقرارات المحكمة الدستورية يكون عن الأعمال بعد التوزير وليس قبله”.