الاستثمار الأخضر مفتاح الاقتصادات النامية لتحفيز النمو

واشنطن - أكد خبراء مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” أن الاقتصادات النامية بحاجة ماسّة إلى تسريع إيقاع استثمارات مرتبطة بالابتكار الأخضر حتى تتمكن من تدارك الاقتصادات المتقدمة، رغم بروز اهتمام من بعض الدول بتنمية هذا القطاع.
وتبدو حكومات تلك الدول أمام حتمية بذل المزيد من الجهود على كافة المستويات لزيادة إيقاع استثماراتها في التكنولوجيا، بهدف تحفيز نمو اقتصاداتها عبر تطوير قطاع الأعمال والخدمات المالية ومواجهة معضلة البطالة، وجعل الناس أكثر اقتناعا بجدوى استخدامها.
وبينما التقنيات الخضراء المستخدمة لإنتاج سلع وخدمات ذات آثار كربونية أصغر تنمو وتوفر فرصا اقتصادية متزايدة، لكن العديد من البلدان النامية قد يفوتها الركب ما لم تتخذ الحكومات والمجتمع الدولي إجراءات حاسمة لتقوية الاستثمارات.
ومن المتوقع أن تساهم الجهود المبذولة على المستويات الحكومية والخاصة، إن من حيث وضع أطر وقوانين محفزة أو إيجاد المزيد من الاستثمارات بالشركات الناشئة، في إيجاد نوعية جديدة من المستثمرين والمبادرين في مجال التكنولوجيا.
كما أن تنمية استثمارات القطاع ستعمل على تشكيل أحد العوامل التي ستردم الهوة بين بطالة الشباب والتفاوت في المستوى الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة العربية.
وأشار معدو تقرير حول التكنولوجيا والابتكار لعام 2023 إلى “حاجة البلدان النامية إلى اتخاذ إجراءات إستراتيجية طويلة الأجل لبناء الابتكار والقدرات التكنولوجية، لتحفيز النمو الاقتصادي المستدام وزيادة قدرتها على الصمود في مواجهة الأزمات المستقبلية”.
ولفتوا في تقرير “مؤشر الاستعداد التكنولوجي الرائد”، الذي نشرته المنظمة الأممية على منصتها الإلكترونية في وقت متأخر الخميس الماضي، إلى “أهمية التكنولوجيا الخضراء وما توفره من فرص اقتصادية متزايدة”.
وحذروا في الوقت ذاته من تفويت العديد من البلدان النامية لهذه الفرص، مشيرين إلى أن التقنيات الخضراء يمكن أن تنشئ سوقا تزيد قيمتها عن 9.5 تريليون دولار بحلول نهاية العقد الحالي.
وقالت شاميكا سيريمان، مديرة قسم التكنولوجيا واللوجستيات في أونكتاد إن “البلدان النامية بحاجة إلى الخروج باستجابات سياسية صحيحة”.
وذكر التقرير أن إجمالي صادرات التقنيات الخضراء من البلدان المتقدمة قفز من حوالي 60 مليار دولار في عام 2018 إلى أكثر من 156 مليار دولار في عام 2021. وفي الفترة نفسها، ارتفعت صادرات الدول النامية من 57 مليار دولار إلى 75 مليار دولار فقط.
واعتبر التقرير أن في غضون ثلاث سنوات، انخفضت حصة البلدان النامية من الصادرات العالمية من أكثر من 48 في المئة إلى أقل من 33 في المئة.
وطالب البلدان النامية بالسعي حثيثا للاستفادة من هذه الفرصة والانتقال إلى مسار إنمائي يؤدي إلى اقتصادات أكثر تنوعا وإنتاجية وقدرة على المنافسة.
وقالت الأمينة العامة للأونكتاد ريبيكا جرينسبان “نحن في بداية ثورة تكنولوجية قائمة على التقنيات الخضراء”.
وأضافت “هذه الموجة الجديدة من التغيير التكنولوجي سيكون لها تأثير هائل على الاقتصاد العالمي، ولذا يجب على البلدان النامية أن تستحوذ على المزيد من القيمة التي يتم إنشاؤها في هذه الثورة التكنولوجية لتنمية اقتصاداتها”.
وتابعت “غياب هذه الموجة التكنولوجية بسبب الاهتمام غير الكافي بالسياسات أو عدم وجود استثمار مستهدف في بناء القدرات، ستكون له آثار سلبية طويلة الأمد”.
وكشف التقرير أن عددا قليلا جدا من البلدان النامية تملك القدرات اللازمة للاستفادة من التكنولوجيات الرائدة مثل تقنية بلوكتشين والطائرات دون طيار وتحرير الجينات وتكنولوجيا النانو والطاقة الشمسية.
وتوقع أن تصل قيمة التقنيات الخضراء مثل السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر إلى 2.1 تريليون دولار في عام 2030، أي أربعة أضعاف قيمتها اليوم.
◙ 75 مليار دولار صادرات التقنيات المبتكرة للبلدان النامية في الفترة الفاصلة بين 2018 و2021
ويتوقع خبراء أونكتاد أن تتضاعف إيرادات السوق من السيارات الكهربائية خمس مرات لتصل إلى 824 مليار دولار بحلول عام 2030 من قيمة اليوم البالغة 163 مليار دولار.
وكشف التقرير عن إدخال عدد من اقتصاديات البلدان النامية في آسيا تغييرات هامة في سياساتها، ما مكنها من تحقيق أداء أفضل مما كان متوقعا في مجال التكنولوجيا الخضراء.
ولكنه أكد الحاجة إلى سياسات صناعية وابتكارية وسياسات طاقة استباقية تستهدف التكنولوجيات الخضراء في البلدان النامية، في سبيل الاستفادة من ثورة التكنولوجيا الخضراء.
والعام الماضي حدد تقرير مدعوم من الأمم المتحدة التكاليف التي يتطلبها تحول الدول النامية والناشئة، باستثناء الصين، إلى الاقتصاد النظيف في سياق الجهود العالمية لمكافحة التغيير المناخي.
وذكر معدو التقرير أن تلك الاقتصادات “تحتاج إلى استثمارات تتجاوز تريلويني دولار سنويا بحلول العام 2030، إذا أراد العالم لجم الاحترار المناخي والتكيف مع تداعياته”.
وبحسب التقرير الذي نشر خلال مؤتمر المناخ “كوب 26” بشرم الشيخ المصرية في نوفمبر الماضي، يفترض أن يأتي تريليون دولار من دول غنية ومستثمرين ومصارف تنمية متعددة الأطراف.