الاستثمارات القطرية في جولة للاستحواذ على شركات مصرية

بدأت الاستثمارات القطرية جولة للاستحواذ على الشركات المصرية بالتزامن مع ضخ الصندوق السيادي للدوحة وديعة بمليار دولار للاستفادة من عودة العلاقات بين البلدين وتحديث القاهرة الحوافز الضريبية والاستثمارية وتفعيل وثيقة تعطي القطاع الخاص دورا أكبر في التنمية.
القاهرة - يخوض صندوق قطر السيادي وبعض رجال الأعمال القطريين جولة للفوز بفرص استثمارية في مصر من خلال الاستحواذ على شركات مملوكة للدولة وأخرى لها حصص فيها بعد تجاوز صفحة الخلافات السياسية بين البلدين مؤخرا.
وتطال الاستثمارات الجديدة، التي سيضخها جهاز قطر للاستثمار الذي أعلن الأربعاء عن إيداع مليار دولار في البنك المركزي المصري، قطاعات الصحة والمستشفيات والتعليم والاتصالات واللوجستيات وإنتاج الهيدروجين.
وأعلن البلدان تشكيل لجنة مشتركة لتعزيز التعاون والتنسيق وتطوير العلاقات في مارس الماضي، واتفقا على مجموعة من الاستثمارات والشراكات بنحو 5 مليارات دولار، لكن التحرك العملي بدأ مؤخرا.
وتؤكد زيارة وفد من رابطة رجال الأعمال القطريين برئاسة الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني القاهرة مطلع نوفمبر الجاري وعقده اجتماعات مع مسؤولين كبار في مصر، أن الفترة المقبلة سوف تشهد تعاونا استثماريا كبيرا مع الحكومة وتحالفات بين رجال الأعمال في البلدين.
ونظمت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة اجتماعا موسعا للوفد القطري لمناقشة سبل جذب الاستثمارات لمصر، حيث التقى الرئيس التنفيذي للهيئة محمد عبدالوهاب بوفد الرابطة، مؤكدا تنظيم زيارات تفقدية للاطلاع على الفرص الاستثمارية.
وأعلن الجانب القطري اهتمامه بالاستثمار بقطاعات الصحة والتعليم، وإنشاء مجموعة من الفنادق الكبرى، خاصة في محافظات بعيدة عن القاهرة.
وعرض وزير الصحة والسكان خالد عبدالغفار عددا من الفرص الاستثمارية على وفد رابطة رجال الأعمال لدخولهم القطاع الصحي بمصر.
ويدرس جهاز قطر للاستثمار الدخول في مشروع جديد لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس باستثمارات تصل إلى مليار دولار.
ودخل الجهاز في محادثات متقدمة من أجل استثمار 2.5 مليار دولار بأصول مملوكة للحكومة.
وتُجرى محادثات حاليا لشراء ما يصل إلى 20 في المئة من حصة شركة المصرية للاتصالات (وي) المملوكة للدولة في فودافون مصر، وحصص أخرى مملوكة للدولة بشركات غير مدرجة في البورصة.
وزار ممثلون عن مها كابيتال، وهي الذراع الاستثمارية لجهاز قطر للاستثمار، ميناء دمياط على البحر المتوسط أواخر أكتوبر الماضي، لبحث سبل الاستثمار في الموانئ المصرية، وتجري القاهرة والدوحة دراسات جدوى لمشروعات مشتركة في الموانئ.
وقال محرم هلال رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين لـ”العرب” إن “الاستثمارات القطرية والخليجية تتركز حاليا في شراء حصص من شركات قائمة تعزز من تدفق الدولار إلى السوق المصرية”.
وطالب بضرورة حرص الحكومة على أن تكون الاستثمارات بشكل أكبر في تأسيس مشاريع جديدة، لأن السوق المصرية بها فرص واعدة وأرباح كبيرة.
ويعد الاستحواذ على شركات الدولة أو حصص الحكومة في الكيانات الكبرى من أسهل الاستثمارات وأرخصها مع الهبوط الكبير لسعر الجنيه المصري أمام الدولار، لكن ذلك لا يمثل إضافة للاقتصاد القومي إلا مع التوسعات ودخول تكنولوجيا جديدة.
وتسعى قطر لتدشين مشاريع للهيدروجين الأخضر في منطقة قناة السويس، بغرض التصدير، وهي من المشاريع الناجحة.
وسيتم نقل الهيدروجين الأخضر إلى المراكب والحاويات مباشرة ولن تواجه عوائق مع ما تمنحه مصر من تسهيلات واعدة لاقتحام هذا القطاع للشركات والمؤسسات الخليجية والأجنبية عامة للاستثمار فيه.
وأوضح محرم رئيس مجلس الأعمال المصري – القطري المجمد أنه خلال الفترة الراهنة لم نتلق تعليمات محددة (رسمية) بعودة نشاط المجلس، لكن مع التحسن المستمر وزيادة الود والتعاون بين البلدين، من المتوقع أن تعود الأوضاع إلى مسارها الطبيعي.
وشدد على أهمية وجود المجلس، لأنه أداة فاعلة تعزز الاستثمارات الجديدة في مصر، ويضم مجموعة من أكبر رجال الأعمال في البلدين، تلعب دورا حاسما في حل الكثير من المشكلات التي تواجه المستثمرين.
وتكمن أهمية مجلس الأعمال أيضا في أن أعضائه أو رئيسه على وجه التحديد على علاقة مباشرة مع السلطات وهذا يطمئن رجال الأعمال ويدفع لضخ الاستثمارات.
وقد تصبح الاستثمارات القطرية محفزا للاقتصاد المصري، حيث تضخ العملة الصعبة وتؤكد الثقة في الاقتصاد، خاصة أن المستثمر الخليجي يفضل المشاريع القائمة، حتى لا ينتظر الحصول على تراخيص أو موافقات العمل بالمشاريع الجديدة.
ويرى الخبراء أن الرخصة الذهبية التي فعّلتها الحكومة المصرية مؤخرا لإنهاء تراخيص المشاريع ستعمل على تذليل العقبات.
وأكد رئيس جمعية مستثمري المناطق الحرة فاروق بركات أن استثمارات قطر المرتقبة تحل أزمة نقص الدولار في البلاد بمعدلات كبيرة.
وقال لـ”العرب” إن القاهرة “يجب أن تجهز المشاريع التي ترغب في جذب المستثمرين إليها، مع وفرة الأرض وإنهاء التراخيص وإنشاء شركة باسم المشروع، لتعرضها على المستثمرين، وهذا يسهل جلب الاستثمارات المباشرة”.
وأضاف المسؤول السابق بالهيئة العامة للاستثمار المصرية أن الأمر المهم في استثمارات قطر بمصر أن تراعي قواعد الاحتكار.
وأوضح أنه يجب ألا تدخل أي شركة أو الصندوق السيادي للاستثمار في بعض القطاعات ثم يتضح أنها تحتكر معظم الخدمات المقدمة من خلاله وترفع الأسعار على المواطنين في مشاريع الرعاية الصحية وقطاع المستشفيات بشكل عام.
كما طالب بركات بضرورة التدقيق في هيكل ملكية الشركات والصناديق التي تستحوذ على الكيانات المصرية، وألا تكون بها مساهمات لشركات مشبوهة أو تثير حفيظة الشعب، في مقابل ذلك توفير الحماية والاطمئنان من جانب الحكومة.
ويمثل نجاح القطاع الخاص المحلي والأجنبي في مصر أفضل دعاية وترويج لمناخ الاستثمار ويوفر على الحكومة خطوة مهمة تتمثل في صعوبة جذب الاستثمارات المباشرة، لأن رجال الأعمال خير سفراء للاقتصاد.
وتأتي الاستثمارات القطرية في سياق اهتمام خليجي عام بالاستثمار في السوق المصرية من خلال الاستحواذ على شركات رابحة.
واستحوذ صندوق أبوظبي السيادي على حصص في خمس شركات مصرية في أبريل الماضي مقابل نحو 1.8 مليار دولار، ضمت البنك التجاري الدولي، وفوري، والإسكندرية لتداول الحاويات، وأبوقير للأسمدة، ومصر لإنتاج الأسمدة – موبكو.
كما استحوذ الصندوق السيادي السعودي على نسب الأقلية في أربع شركات مصرية أغسطس الماضي بقيمة 1.3 مليار دولار، هي أبوقير للأسمدة والصناعات الكيمياوية، مصر لإنتاج الأسمدة، الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، وإي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية.
وتأمل القاهرة في إفساح المجال أمام القطاع الخاص وتدفق الدولار، إذ تعاني البلاد من شح في العملة الأجنبية دفعها إلى اللجوء للاقتراض من صندوق النقد الدولي بشروط مجحفة هوت بقيمة الجنيه كثيرا، وتسببت في ارتفاع معدل التضخم بالأسواق.