الاستثمارات الإماراتية تخوض جولة جديدة لشراء الأصول المصرية

الاستحواذات أداة لمساندة القاهرة بدلا من المساعدات المباشرة.
السبت 2022/07/16
إليكم أحد نماذج النجاح

يملك مناخ الأعمال في مصر مقومات كبيرة لجذب رؤوس الأموال الجديدة في ظل حزمة السياسات والقرارات التي اتخذتها الحكومة، على رأسها وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تفسح المجال أمام القطاع الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار بلا قيود.

القاهرة- تخوض بعض الشركات الإماراتية جولة جديدة للفوز بفرص استثمارية في مصر من خلال الاستحواذ على شركات تابعة للحكومة وأخرى في القطاع الخاص.

ويبرهن هذا الاتجاه على أن البلاد تحولت إلى ملاذ آمن للكثير من رؤوس الأموال الباحثة عن النمو والربح في آن واحد وسط تغيرات جيوسياسية يشهدها العالم تؤثر بقوة على الاقتصاد.

وتسعى شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك)، والعاملة في القطاع السكني عبر ملاكها الجدد، شركة الدار العقارية وشركة الاستثمار الحكومية القابضة (أي.دي.كيو) التابعة لصندوق أبوظبي السيادي، للاستحواذ على شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير.

ويتطلع المساهمون الإماراتيون من خلال هذه العملية إلى توسيع وجودهم في السوق المحلية.

وقدمت “سوديك” عرضا للاستحواذ على نحو 100 في المئة من الشركة العقارية المملوكة للحكومة المصرية بنحو 22 في المئة في صفقة نقدية بالكامل من شأنها الوصول بقيمة شركة مدينة نصر للإسكان إلى نحو 338 مليون دولار.

محمد جنيدي: هذه الموجة تستهدف التوسع وتعزز توفير فرص العمل

وتستهدف “سوديك” من وراء هذه الصفقة التوسع في سوق العقارات بمصر ومواصلة تعظيم محفظتها من المشروعات في هذا القطاع.

وتسهم الصفقة المتوقعة في دعم خططها التوسعية المستقبلية خاصة في سوق شرق القاهرة وزيادة قاعدة عملائها وتحقيق الاستفادة العظمى من نقاط القوة للطرفين، وتعظيم قيمة محفظة الأراضي المجمعة غير المطورة والتي تقدر مساحتها بنحو 11 مليون متر مربع.

وأعلنت الدار الإماراتية أن شركة مدينة نصر للإسكان تعد واحدة من أبرز شركات التطوير العقاري في مصر، كما تمتلك مساحات واسعة من الأراضي التي توفر فرصا متميزة للتوسع، إلى جانب مشروعيها الرائدين “تاج سيتي” و”سراي”.

وتقدمت شركة شيميرا الإماراتية بعرض رسمي للاستحواذ على شركة بلتون المالية القابضة المملوكة بنحو 70 في المئة لشركة أوراسكوم للاستثمار.

وأعلنت هيئة الرقابة المالية عن إيداع عرض شراء إجباري من شركة شيميرا للاستثمار للاستحواذ على 90 في المئة من أسهم شركة بلتون في صفقة تصل بالقيمة الإجمالية لبلتون إلى حوالي 36 مليون دولار.

وتدرج الشركات المستهدفة بالاستحواذ في البورصة المصرية، وتعزز تلك الأنباء من تنشيط سوق المال التي تعاني من شح السيولة وضعف التداولات.

كما يمثل ذلك حافزا لصناديق الاستثمار والأفراد لدخول السوق وشراء الأسهم، لاسيما مع دخول أعضاء جدد بمجالس الإدارات تستهدف التوسعات المستقبلية وتحقيق الأرباح.

وبات سيناريو الاستحواذ على الشركات المصرية هو الأداة الاستثمارية الجديدة التي تنتهجها الشركات الإماراتية لدعم الاقتصاد المصري ومساندته، ما يحل مكان المساعدات الاقتصادية المباشرة.

وإلى جانب ذلك فإنه يعزز السيناريو الجديد لنمو الاقتصاد المصري، ويحقق فوائد عديدة للشركات الأجنبية المستثمرة فيه.

وتسلك الصناديق السيادية والشركات الكبرى في الإمارات والسعودية وقطر طريق الاستثمار في مصر حاليا، ولا تمانع القاهرة في ذلك، فلا توجد خيارات أخرى أمامها.

وتزيد الاستثمارات الخليجية من فرص مصر لدعم الاحتياطي النقدي بالعملة الأجنبية في البنك المركزي المصري وضبط سوق الصرف، ما ينعكس في النهاية على رفاهية المجتمع وخفض معدلات التضخم وتحسين جودة الحياة.

وتعد الاستحواذات استثمارا مباشرا، حيث تنقل الخبرات والمهارات الإدارية ورؤوس الأموال الجديدة في القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها سوق العقارات، مع الاشتراطات الجديدة المحددة لتأسيس المشروعات العقارية في مصر.

أيمن رضا: تفعيل لجان تسوية النزاعات وجذب المستثمرين الجدد

وبدأ هذا السيناريو الخليجي بالبلاد عندما استحوذت “أي.دي.كيو” أحد الصناديق السيادية لحكومة أبوظبي، على حصص في 5 شركات مصرية في صفقة بلغت قيمتها نحو 1.9 مليار دولار في أبريل الماضي.

وتم تنفيذ تلك الصفقات على البنك التجاري الدولي وفوري للتكنولوجيا وشركة مصر لإنتاج الأسمدة موبكو وأبوقير للأسمدة والإسكندرية لتداول الحاويات، حيث باعت الحكومة حصصها في الأولى والثانية وجزءا من ملكيتها في الشركات الأخرى.

وتعزز وثيقة “سياسة ملكية الدولة” التي تصدر الحكومة تفاصيلها قريبًا، مشاركة القطاع الخاص في الاستثمارات العامة من 30 إلى 65 في المئة خلال السنوات الثلاث المقبلة، مع الحفاظ على نمو بنسبة 7 في المئة أو أكثر للاقتصاد المصري في مواجهة التحديات العالمية.

ورحب محمد جنيدي نقيب المستثمرين الصناعيين في مصر بالاستثمارات الإماراتية والخليجية بشكل كبير، لأنها تعزز من توفير فرص العمل للشباب، وتستهدف الشروع في توسعات جديدة ومن ثم زيادة الناتج المحلي الإجمالي.

وتخطط الحكومة المصرية خلال ثلاث سنوات أيضا للتخارج من 79 قطاعا، وتقليل استثماراتها في 45 قطاعا أخرى، على نحو يُسهم في إفساح المجال بشكل أكبر للقطاع الخاص، وجذب نحو 40 مليار دولار من الاستثمارات المباشرة.

وأضاف جنيدي في تصريح خاص لـ”العرب” أن استمرار القضاء على البيروقراطية ووجود تشريعات مشجعة من العوامل الرئيسية التي تعزز من فرص تدفق الاستثمارات الخليجية إلى مصر، خاصة في القطاعات الاستهلاكية والعقارات والسياحة والزراعة، فضلا عن تمويل مشروعات البنية التحتية في مصر.

وتعكس التدفقات الاستثمارية الخليجية نحو القاهرة نجاح سياسات وخطط الحكومة في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يستهدف رفع معدلات النمو وتنفيذ كافة الإصلاحات التشريعية والإجرائية وتطوير البنية التحتية لتوفير مناخ جاذب للاستثمارات الخارجية.

وقال أيمن رضا الأمين العام لجمعية مستثمري العاشر من رمضان، في شرق القاهرة، إن “هناك عزيمة لدى مصر وأشقائها من الدول الخليجية للوصول بمستويات التعاون الاقتصادي والتجاري المشترك إلى مستويات غير مسبوقة الفترة المقبلة”. وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “هذا ما يتضح من تعزيز الاستثمارات السعودية والإماراتية والقطرية في البلاد”.

الصفقة تسهم في دعم خططها التوسعية المستقبلية خاصة في سوق شرق القاهرة وزيادة قاعدة عملائها وتحقيق الاستفادة العظمى من نقاط القوة للطرفين

وطالب رضا بضرورة تفعيل اللجان المشتركة المعنية بتسوية النزاعات والمشكلات التي تواجه الاستثمارات الخليجية الموجودة داخل السوق المصرية، ما يدعم تدفق المستثمرين الجدد من القطاع الخاص وليس الصناديق السيادية فقط.

وتكمن أهمية توسعات المستثمرين الخليجيين في مصر في أنها تمثل قاعدة لجذب استثمارات أجنبية أخرى، وترسم صورة إيجابية عن بيئة الاستثمار ومناخه في البلاد، فالشركات التي تتنافس لدخول مصر مؤسسات ذات ملاءة مالية ضخمة تبحث عن تحقيق الأرباح.

ومن المفضل أن تتجه الاستثمارات الخليجية لقطاعات إنتاجية مثل الزراعة والصناعة لزيادة الإنتاج المحلي المصري، بما يسهم في زيادة الصادرات وإحلال المنتج المحلي بدلا من المستورد، ما ينعكس على سوق العمل وزيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي في البنك المركزي.

11