الاستثمارات "الأسطورية" لا توفر سيولة تساعد القطريين وقت الأزمة

الدوحة أمام خيار بيع العقارات الاستثمارية بخسائر كبيرة أو إلغاء مشاريع كبرى.
السبت 2020/04/11
دولة ثرية لا تمتلك قوت يومها بيدها

لندن - تواجه الاستثمارات القطرية الخارجية والأصول العقارية الضخمة في مختلف دول العالم معضلة تحويلها إلى أموال سائلة بعد ازدياد النفقات إثر انتشار فايروس كورونا وتراجع أسعار النفط والغاز بشكل غير مسبوق.

وتزداد نفقات قطر بينما الدخل القومي بات في تناقُص حاد، فيما لا تجد الدوحة وسيلة عملية لتحويل الأصول العقارية والاستثمارات الأخرى إلى أموال سائلة تسدّ بها النفقات.

وتلقت قطر ضربة موجعة لاحتياطياتها النقدية التي يتم استثمارها بأساليب متنوعة تشكل في غالبيتها أصولا عقارية في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا مع استمرار الركود الذي يعم العالم.

ويتوقع الاقتصاديون أن تعجز قطر عن تحويل تلك الاستثمارات إلى سيولة مالية عند الاحتياج إليها، الأمر الذي يشبّهه أحد الاقتصاديين بمفارقة أن تكون شخصا ثريا جدا لكنك لا تمتلك قوت يومك بيدك.

فرانسوا سيزنيك: قطر لن تجني أرباحا من زيادة إنتاج الغاز في ظل تراجع كبير للأسعار
فرانسوا سيزنيك: قطر لن تجني أرباحا من زيادة إنتاج الغاز في ظل تراجع كبير للأسعار

وعلاوة على أن تلك الخسائر المحتملة في الاستثمارات العقارية لا يمكن تعويضها بسهولة باستخدام عائدات الغاز بالنظر إلى حال الأسعار في الوقت الراهن، فإن عواقب اقتصادية شديدة ستظهر حال استمرت حالة الركود العالمي على المدى الطويل.

ويرى جان فرانسوا سيزنيك، أستاذ الدراسات الدولية المتطورة في كلية جونز هوبكنز بواشنطن، أن قطر كما الكويت تعانيان موقفا صعبا، فهما تحتاجان إلى تحويل تلك الأصول إلى أموال سائلة، وسيكون من الصعب على كل منهما بيع العقارات والأسهم دون تحمل خسائر ضخمة للغاية.

وبات على قطر أن تختار إما الاستمرار في تلك المشروعات عبر بيع كمية هائلة من تلك الأرصدة في سوق تتسم بالتعقيد الشديد، وإما تقليل تلك الخسائر بصورة سريعة بإلغاء بعض المشروعات، وأيا كان الاختيار فسيكون له تأثير اقتصادي شديد الأثر على مستقبل البلاد.

وتزداد علامات الاستفهام حول المشروعات “الأسطورية” القطرية، كما أن جهود الدوحة عالية التكلفة من أجل تنظيم كأس العالم 2022 ستكون مهمة شاقة للغاية في الظروف الحالية، خاصة مع التهديد المرتقب المتمثل في قلة حضور السياح في حال استمرت حالة الركود الناجمة عن تفشي فايروس كورونا. والأشد وطأة من ذلك ماذا ستفعل قطر بالمنشآت الرياضية عالية التكلفة بعد انتهاء المونديال؟

ويتوقع الخبراء أن يتكرر سيناريو الأزمة الاقتصادية الحادة والديون، التي تراكمت على اليونان بعد تنظيم أولمبياد أثينا 2004 وتحول الملاعب إلى هياكل ضخمة مهجورة، مع قطر بعد مونديال 2022.

ويقول سيزنيك، وهو أيضا أحد كبار الزملاء بالمجلس الأطلسي وأستاذ بمعهد الشرق الأوسط، في مقال له بموقع “سنديكيشن بيورو” للرأي، إن قطر قامت بزيادة إنتاج الغاز الطبيعي من 77 إلى 126 مليون طن سنويا، في مهمة شاقة لن تأمل من خلالها في جني الأرباح خاصة في ظل سعر الغاز الطبيعي حاليا الذي وصل إلى 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية (بي تي يو)، وهو سعر تصدير الغاز لكل من الصين واليابان وكوريا الجنوبية.

في مهمة شاقة لزيادة الإنتاج
في مهمة شاقة

ويجادل اقتصاديون بأن المصاعب لا تقتصر على قطر وحدها مع تراجع أسعار النفط، فالمملكة العربية السعودية التي تمتلك أكبر اقتصاد في المنطقة حاليا، والإمارات العربية المتحدة والكويت، ستكون عليها إعادة التفكير في خطط التنمية الضخمة.

إلا أن سيزنيك يرى أن وضع السعودية يُعتبر متوازنا إلى حد ما، فهي تملك احتياطيا من النقد الأجنبي يتجاوز 500 مليار دولار، غالبيته تُستثمر في أذونات خزانة وسندات قصيرة الأجل أميركية وأوروبية ويابانية، لذا فإن هذا الاحتياطي لم يتأثر كثيرا بالصدمة التي أصابت أسواق الأسهم العالمية.

أما الإمارات التي تحتل مركزا متقدما في قائمة دول الخليج فتمتلك احتياطيات أكثر من أية دولة خليجية أخرى تبلُغ تريليون دولار تقريبا. فقد استمرت في إنجاز المشروعات التي أُعلِن عنها مسبقا، الأمر الذي يؤكد أن الميزانية التي تم تخصيصها لم تتأثر.

ويرجح خبراء أن تكون أبوظبي قد اتخذت قرارا بالتضحية بجزء من السندات، مع تأجيل القرارات على المدى الطويل إلى وقت تتعافى فيه أسعار الأصول والسندات.

1