الارتفاع الحاد للأسعار يقوض التجارة العالمية للقهوة

هيوستن (الولايات المتحدة) - خفض تجار ومحامص القهوة العالميون مشترياتهم إلى أدنى مستوياتها في الوقت الذي تعاني فيه هذه الصناعة من ارتفاع حاد في الأسعار لم يقنع الموردين ومتاجر التجزئة بقبوله بعد.
وفي المؤتمر السنوي للجمعية الوطنية للقهوة الأميركية في هيوستن هذا الأسبوع، أجمع المشاركون على أنهم أصيبوا بالصدمة بسبب زيادة بنسبة 70 في المئة منذ نوفمبر الماضي في عقود القهوة الآجلة على بورصة آي.سي.إي، وهي المعيار لصفقات القهوة في جميع أنحاء العالم.
وقال رينان تشويري، المدير العام لشركة إلكافي سي.أي في الإكوادور، إن “هذا العام هو المرة الأولى التي لا تبيع فيها شركة صناعة القهوة الفورية كل إنتاجها السنوي المتوقع بحلول مارس.”
وأضاف “كنا عادة نبيع كل إنتاجنا بحلول الآن، ولكن حتى الآن بعنا أقل من 30 في المئة من الإنتاج.” وأكد أن “الزيادة الكبيرة في الأسعار تلتهم التدفق النقدي للزبائن، فهم لا يملكون كل الأموال لشراء ما يحتاجون إليه.”
وقد نتج ارتفاع أسعار القهوة عن انخفاض الإنتاج في مناطق زراعة القهوة المهمة، وخاصة في البرازيل، أكبر منتج للقهوة، مما أدى إلى تقليل توافر الحبوب.
ولا يزال النقص في البرازيل، أكبر منتج لقهوة أرابيكا، يثير قلق التجار بعد تراجع المعروض الآن مقارنة بالشحنات القياسية في وقت سابق من الموسم.
وكان مصدر في شركة كومكسيم البرازيلية قد ذكر الشهر الماضي لوكالة بلومبيرغ أن إنتاج البلاد من حبوب أرابيكا وحبوب روبوستا الأرخص ثمنا، من المتوفع ينخفض في موسم الحصاد 2025 – 2026.
وقال أحد سماسرة القهوة، الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية القضية، لوكالة رويترز الجمعة “لا أحد يريد أن يتعرض للخطر، ولا أحد يشتري من أجل التسليم في المستقبل، فالأمر كله يعتمد على اليد إلى الفم”.
وكان السمسار يشير بـ”اليد إلى الفم” إلى ممارسة شراء ما هو ضروري فقط في الوقت الحالي وتجنب التخزين. وأكد أن العديد من الصفقات الأخيرة في البرازيل أجريت بطريقة محافظة للغاية.
وأضاف “تبرم صفقة، ثم تكون لديك سبعة أيام للذهاب إلى المزرعة أو المستودع والحصول على قهوتك. وتتحقق من الجودة، وإذا كانت جيدة، تقوم بالدفع على الموقع وتذهب بالقهوة.”
وتوقع مسح أجرته رويترز مؤخرا أن أسعار قهوة أرابيكا قد تنخفض بنسبة 30 في المئة بحلول نهاية العام 2025، حيث تعمل الأسعار المرتفعة على كبح الطلب وتشير العلامات المبكرة إلى محصول برازيلي وفير في العام المقبل.
ولكن حتى تنخفض الأسعار بشكل كبير، فإن قطاعا كبيرا من صناعة القهوة قد يواجه عالما من الألم.
وأكد الرئيس التنفيذي لإحدى شركات تحميص القهوة الكبرى في الولايات المتحدة، أكبر سوق في العالم لاستهلاك القهوة، أن بعض زبائنه غير متأكدين من قدرتهم على الاستمرار في العمل.
وقال لرويترز، طالبا عدم الكشف عن هويته، “إنهم لا يعرفون ما إذا كانوا سيتمكنون من بيع منتجاتهم بالأسعار الجديدة. وبعض الناس يتجهون إلى الهبوط”.
وأوضح أن محلات السوبر ماركت ومحلات البقالة كانت تقاوم الأسعار المرتفعة التي يطلبها المحامص. وكانت المفاوضات تستغرق وقتا طويلا، وبدأت بعض منافذ البيع بالتجزئة تعاني من نقص في القهوة على الأرفف. وأضاف “لقد كان الأمر أشبه بالكابوس.”
ولفت أحد المسؤولين التنفيذيين في إحدى أكبر الشركات في قطاع التخزين إلى أن مستودعات القهوة القريبة من الموانئ في الولايات المتحدة، والتي تتلقى حبوب البن القادمة من أميركا الوسطى والجنوبية، لديها حاليا نصف أحجامها الطبيعية.
وقال لرويترز، لم تكشف عن اسمه، إن “بعض شركات التخزين تعيد الصوامع إلى أصحابها، وتلغي عقود الإيجار مبكرا”.
وقال مايكل فون لويرت، مالك شركة السمسرة أم.في.أل كوفي، إن “سوق القهوة، وخاصة على الجانب التجاري، قد تشهد توحيدا.”
وأضاف أن “الشركات ذات رأس المال الأكبر ستكون قادرة على زيادة أحجام التداول، في حين ستعاني شركات أخرى من انخفاض التمويل.”
وأشار لويس دريفوس، تاجر السلع الأساسية، في عرض تقديمي خلال المؤتمر، إلى أن مساحة زراعة القهوة كانت تتوسع ردا على ارتفاع الأسعار.
وحدث التوسع في دول مثل الهند وأوغندا وإثيوبيا والبرازيل. وتعتقد شركته أن البرازيل إذا تمكنت من الحصول على محصول كبير، فإن ذلك بالاقتران مع المساحات المزروعة الجديدة قد يؤدي إلى انهيار الأسعار.