الاختباء سبيل الأفغانيات لتفادي قمع طالبان

كابول – اختارت ناشطات أفغانيات الاختباء، وفق ما قلن الخميس، خشية من حملة قمع تشنها حركة طالبان ضدهنّ بعد أيام من تفريقها لتظاهرة نسائية تطالب باحترام حقوق المرأة.
وقالت الناشطات لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبات عدم الكشف عن أسمائهنّ، إن حركة طالبان اعتقلت امرأة واحدة على الأقل في حملة مداهمات شنتها مساء الأربعاء، ما أثار خوفهنّ بأن دورهن سيأتي.
وأوضحت إحداهن “لا يسعنا البقاء في منازلنا حتى خلال الليل” بعدما انتشر ليلا على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو التقطته إحدى الناشطات لنفسها، ويظهرها في حالة انزعاج شديد، وتدعي فيه أن مقاتلين من طالبان يقفون عند باب منزلها مطالبين بالدخول.
منع طالبان للتظاهرات المناهضة لها لم يحل دون خروج النساء إلى الشارع ليرفعن شعار الحرية والعدالة والتعليم
ومنذ عودتها إلى الحكم في منتصف أغسطس، فرضت حركة طالبان تدريجيا قيودا على النساء أعادت إلى الأذهان الفترة الأولى من حكمها في التسعينات.
وتشعر النساء والفتيات خصوصا بعبء عودة الحركة إلى الحكم، خصوصا أنه يجري تهميشهن شيئا فشيئا.
وقالت أربع ناشطات إنه جرى اعتقال صديقة لهن، وأوضحت إحداهنّ أنها أوقفت الأربعاء خلال تواجدها في ساحة عامة في كابول.
ولا يعرف مكانها حتى الآن، ولم تعلق حركة طالبان على الأمر حين جرى التواصل معها. وقالت ناشطة أخرى إن مقاتلين من طالبان أتوا إلى منزلها بحثا عنها، لكنها لم تكن موجودة.
إلا أن الفيديو الذي انتشر للناشطة الثالثة، ومكانها أيضا غير معروف، كان كافيا لبث الذعر في صفوف الناشطات.
وقالت ناشطات ممن يستخدمن تطبيق واتساب ووسائل التواصل الاجتماعي للتواصل إنهنّ اخترن الاختباء، غيّرن منازلهنّ وبينهنّ من غيّرت مكانها أكثر من مرة، كما غيرنّ أرقام هواتفهنّ.
وقالت إحداهنّ “أثار الفيديو ضجة كبيرة والكثير من الذعر في صفوف الفتيات”.
واستخدم مقاتلون من طالبان الأحد رذاذ الفلفل لتفريق نحو 20 امرأة خرجنَ للتظاهر ضد الحركة وطالبنَ باحترام حقوقهنَّ.
وقالت إحداهنّ “أصابتهم التظاهرة الأخيرة في الصميم، وجعلتهم يطلقون حملة القمع الأخيرة”.
وأدانت هيومن رايتس ووتش ما وصفته بأنه “قمع عنيف” للتظاهرة. وقالت المنظمة في بيان إن ما حصل “يعد تصعيدا مقلقا وغير قانوني في جهود إخضاع تظاهرات سلمية وحرية التعبير في أفغانستان”.
ومنذ عودتها إلى الحكم، منعت طالبان التظاهرات المناهضة لها وفرضت الحصول على إذن مسبق، وغالبا ما يفرق مقاتلوها المتظاهرين، وخصوصا النساء. لكن ذلك لم يحل دون خروجهنّ إلى الشارع مرارا وإن بأعداد محدودة مع رفعهن شعار “الحرية والعدالة والتعليم والعمل”.
وتأتي حملة القمع الأخيرة بعد أيام على اعتقال حركة طالبان لأستاذ جامعي ينتقدها في العلن، قبل أن تطلق سراحه لاحقا على وقع حملة إدانة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
في إطار سعيها للحصول على اعتراف دولي، تعهدت طالبان بأن تحكم بطريقة أقل قسوة مما كانت عليه خلال فترة حكمها الأولى (1996-2001). لكن النساء ما زلن مستبعدات إلى حدّ كبير من الخدمة العامة ومحرومات من التعليم الثانوي.
وأصدرت طالبان توصيات تطالب السائقين بعدم السماح للنساء بركوب سيارتهم لمسافات طويلة إذا لم يكنّ برفقة ذكر من أقربائهنّ.
واحترام حقوق المرأة هو أحد الشروط التي وضعها المانحون لاستئناف المساعدات الدولية لأفغانستان التي تعتبر واحدة من أفقر دول العالم، وباتت على حافة انهيار اقتصادي.
وقد حذرت الأمم المتحدة من “طوفان جوع” قادم، مشيرة إلى أن 22 مليون أفغاني من أصل أربعين مليونا معرضون لخطر المعاناة من نقص “حاد” في الغذاء.