الاحتياطي النقدي يواصل منحى الهبوط في تونس

تونس - واصل الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي التونسي منحاه الهبوطي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر منذ عامين جراء التكاليف الباهظة للواردات، بينما تترقب الحكومة الحصول على خط ائتمان طال انتظاره من صندوق النقد الدولي.
وبحسب بيانات البنك المركزي التي نشرها الأربعاء على منصته الإلكترونية، بلغ احتياطي النقد الأجنبي 22.6 مليار دينار (6.8 مليار دولار).
ويسمح هذه الرصيد بتغطية 103 أيام من عمليات التوريد مقابل 130 يوما في نفس الفترة قبل عام. وهذه أدنى مدة من عمليات التوريد منذ فبراير 2020.
وبلغ حجم العملة الصعبة لدى المركزي في الأسبوع الأول من هذا الشهر قرابة 23.2 مليار دينار (7.1 مليار دولار)، فيما كان الاحتياطي في أول ثمانية أشهر من هذا العام عند نحو 7.7 مليار دولار.
ويأتي هذا التراجع بينما تعاني تونس من أزمة حادة للمالية العمومية، ونقص كبير في عدد من المواد الأساسية الاستهلاكية والأدوية، واضطرابات في تزويد محطات الوقود.
6.8
مليار دولار رصيد العملة الصعبة بعدما كان عند 7.1 مليار دولار مطلع أكتوبر الحالي
ويقول خبراء إن هذا التراجع يعود أساسا إلى تفاقم ميزان العجز التجاري إلى مستوى 5.2 مليار دولار في أول ثمانية أشهر من هذا العام مقابل 3.2 مليار دولار قبل عام، أي بزيادة تفوق 60 في المئة.
وتتزايد المخاوف بشأن اتساع العجز التجاري جراء الارتفاع السريع لفاتورة استيراد الطاقة والغذاء، وسط محاولات حكومية لتسريع مواجهة تفاقم اختلال التوازنات المالية، التي تتطلب علاجات عاجلة.
وكان بلحسن شيبوب مدير انتقال الطاقة بوزارة الطاقة قد قال لوكالة رويترز في مايو الماضي إن “فاتورة شراء الغاز قد تصل هذا العام إلى نحو 2.6 مليار دولار مقارنة مع 1.5 مليار دولار العام الماضي”.
وتنتظر تونس التوصل إلى اتفاق فعلي بشأن قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي في اجتماع أعضاء مجلسه التنفيذي في ديسمبر المقبل بعد التوصل إلى اتفاق مبدئي على مستوى الخبراء.
والاثنين الماضي، أكدت رئيسة الحكومة نجلاء بودن أن اقتصاد بلادها في طريقه نحو التعافي، وجددت الدعوة إلى ضرورة ابتكار نموذج تنموي جديد يأخذ بعين الاعتبار التحولات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن بودن قولها خلال ندوة حول “إعادة التفكير في هيكلة عالم العمل في تونس من أجل إنجاح التعافي بعد جائحة كوفيد – 19” إن تونس “قادرة على مجابهة الأوضاع الراهنة وعلى تجاوز مختلف التحديات واسترجاع التوازنات المالية”.
ورأت أن “نموذج التنمية المعتمد منذ عقود أصبح غير قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وأثبت بوضوح تام عدم استجابته للإصلاحات الكبرى ولمتطلبات التنمية المستدامة والشاملة والمندمجة التي نتطلع إليها”.
التراجع يعود إلى تفاقم ميزان العجز التجاري إلى مستوى 5.2 مليار دولار في أول ثمانية أشهر من هذا العام مقابل 3.2 مليار دولار قبل عام
وأكدت أن ذلك النموذج أفرز إشكاليات هيكلية عديدة فاقمت مؤشرات التفاوت الجهوي والاجتماعي والشعور بالإقصاء والتهميش لدى شرائح هامة من المجتمع.
ووفق أرقام معهد الإحصاء التونسي، نما اقتصاد البلد بنسبة 2.8 في المئة خلال الربع الثاني من هذا العام على أساس سنوي، وسط جهود حكومية لتنشيط قطاعات الاقتصاد المحلي المتضرر من الوباء، وتبعات الحرب في أوكرانيا.
وكان الناتج المحلي الإجمالي لتونس نما بواقع 2.4 في المئة في الربع الأول 2022 بمقارنة سنوية، ما يظهر أن الرقم أبدى تسارعا في الربع الثاني.
وقال المعهد خلال نشر البيانات مطلع هذا الأسبوع إن “النمو يرجع بالأساس إلى ارتفاع نسق نمو القيمة المضافة في قطاع الخدمات البالغ 5.2 في المئة على أساس سنوي”.
ويتوقع صندوق النقد الدولي تباطؤ نمو الاقتصاد التونسي بنهاية العام الجاري ليبلغ نحو 2.2 في المئة مقارنة مع 3.1 في المئة تم تسجيلها العام الماضي.
وتحتاج البلاد إلى قروض خارجية بمقدار أربعة مليارات دولار لتمويل عجز الميزانية الحالية، مقارنة مع 3.8 مليار دولار في الميزانية التكميلية لعام 2021.
وفي وقت سابق هذا العام قال خبراء وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في أحدث تقاريرهم إن “تونس ما زالت تحظى بالدعم الدولي بعد التصويت بالموافقة على مشروع الدستور”.