الاحتجاجات الشعبية تدفع الصين إلى مراجعة قيود كورونا

بكين - قالت مصادر إنه من المقرر أن تعلن الصين في الأيام المقبلة تخفيفا لإجراءات الحجر الصحي لكوفيد - 19 وتقليصا للاختبارات الجماعية في تحول ملحوظ في السياسة بعد أن أثار غضب من أشد القيود في العالم احتجاجات واسعة النطاق في البلاد.
وما زالت حالات الإصابة في جميع أنحاء البلاد قريبة من مستويات قياسية، لكن التغييرات تأتي في وقت رفعت فيه بعض المدن عمليات الإغلاق في الأيام القليلة الماضية وبعد أن قالت مسؤولة كبيرة إن قدرة الفايروس على التسبب في المرض تضعف.
ولم تتطرق السلطات الصحية، التي أعلنت تخفيف الإجراءات في مناطقها، للاحتجاجات التي تعد أكبر مظهر للعصيان المدني في الصين منذ سنوات تراوح بين وقفات احتجاجية على ضوء الشموع في بكين إلى اشتباكات في الشوارع مع الشرطة في قوانغتشو.
وقالت المصادر لرويترز إن الإجراءات المقرر الكشف عنها تتضمن تقليص الاختبارات الجماعية واختبارات الحمض النووي المنتظمة وأيضا السماح للمصابين ومخالطيهم المقربين بالعزل في المنزل في ظل ظروف معينة.
الاضطرابات جاءت في الوقت الذي يوشك فيه الاقتصاد على دخول حقبة جديدة من النمو أبطأ بكثير مما حققه لعقود
وهذا تحوُّل كبير عن الإجراءات المتبعة السابقة التي أحبطت الجمهور والتي شهدت إغلاق تجمعات سكانية بأكملها لأسابيع أحيانا، لمجرد ظهور حالة إصابة واحدة.
وانفجر الإحباط الأسبوع الماضي في تجليات غير مسبوقة للرفض الشعبي في الصين القارية منذ أن تولى الرئيس شي جين بينغ السلطة عام 2012. وتأتي الاضطرابات في الوقت الذي يوشك فيه الاقتصاد على دخول حقبة جديدة من النمو أبطأ بكثير مما حققه لعقود.
وبعد أقل من 24 ساعة من الاحتجاجات العنيفة في قوانغتشو يوم الثلاثاء، قالت السلطات في سبع مناطق على الأقل من مركز التصنيع الشاسع، إنها ألغت الإغلاق المؤقت. وقالت إحدى المناطق إنها ستسمح بإعادة فتح المدارس والمطاعم والشركات ودور السينما.
وأعلنت مدن مثل تشونغتشينغ وتشنغتشو تخفيف القيود.
ويأتي هذا الزخم الرسمي نحو تحول تاريخي الخميس بعد أن قالت نائبة رئيس الوزراء سون تشونلان التي تشرف على جهود التصدي لكوفيد في اجتماع لخبراء مواجهة الفايروس في الخطوط الأمامية، إن قدرة متحور أوميكرون على التسبب في المرض تضعف مما يسمح للصين بتحسين جهود الوقاية.
وقالت سون في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) “بعد نحو ثلاث سنوات من التصدي للوباء، صمد نظام الرعاية الصحية والطبية في بلادنا أمام الاختبار”.
ومضت تقول “معدل الحصول على اللقاحات لجميع السكان يتجاوز 90 في المئة وقد تحسن الوعي الصحي العام وجودته كثيرا”.
ونقلت وسائل إعلام حكومية عن سون قولها في اليوم السابق إن الصين تواجه “وضعا جديدا” في مسعى لتصديها لفايروس كورونا، وحثت المسؤولة البارزة على المضي قدما في “الاستفادة الأمثل” من سياسات الاختبار والعلاج والحجر الصحي.
ويتناقض الحديث عن ضعف انتشار المرض مع الرسائل السابقة من سون التي اعتبرت من المتشددين عادة عند الحديث عن فتك الفايروس.
وقال محللون في شركة نومورا لإدارة المخاطر في مذكرة بحثية إن “خطاب سون، بالإضافة إلى التخفيف الملحوظ لإجراءات السيطرة على كوفيد في قوانغتشو الأربعاء، ينقل رسالة قوية أخرى مفادها أن سياسة صفر كوفيد ستنتهي في غضون الأشهر القليلة المقبلة”.
وأضاف المحللون “ربما يشير هذان الحدثان إلى بداية إنهاء (سياسة) صفر كوفيد”.
وفي العاصمة بكين، بدأت بعض الأحياء في الاستعداد للتغييرات.
وقال توم سيمبسون العضو المنتدب للصين في مجلس الأعمال الصيني - البريطاني “أرحب بالتأكيد بقرار مجتمعنا السكني بإجراء هذا التصويت بغض النظر عن النتيجة”.
ومضى يقول إن مصدر قلقه الرئيسي هو إجباره على دخول منشأة للحجر الصحي “قد تكون الظروف فيها بائسة كأقل وصف”.
وقال المعلق القومي البارز هو شيجين في تدوينة على وسائل التواصل الاجتماعي الأربعاء إن كثيرين من حاملي فايروس كورونا الذين لا تظهر عليهم أعراض في بكين يخضعون بالفعل للحجر الصحي في المنازل.
وتزايدت التوقعات في جميع أنحاء العالم بأن الصين التي ما زالت تحاول احتواء المرض قد تتطلع إلى إعادة فتح حدودها في وقت ما العام المقبل بمجرد بلوغها معدلات أفضل لحصول كبار السن المترددين على لقاحات.