الاتحاد سحب يده من مشروع الرئيس، فهل يسحب قيس سعيد يده من الاتحاد

الطبوبي من المطلبية إلى الدور السياسي: الانتخابات بلا لون ولا طعم.
الأحد 2022/12/04
الطبوبي في منتهى التشنج

تونس- أظهر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي في خطاب له الأربعاء أن المنظمة النقابية قد سحبت يدها من مشروع التغيير الذي يقوده الرئيس قيس سعيد، والذي يرتكز على استعادة الدولة لقوتها في مواجهة اللوبيات، وفتح حرب على الفساد والفوضى السياسية التي أضعفت البلاد، وأنها قد اختارت القطيعة بلا عودة مع الرئيس.

ويقود خطاب القطيعة الذي ألقاه الطبوبي إلى التساؤل إن كان قيس سعيد سيسحب بدوره يده من الاتحاد بعد أن تعامل معه في الفترة الأخيرة على أساس أنه قوة تغيير وشريك في الانتقال الشامل في مواجهة منظومة الأحزاب التي ارتبطت بالفساد.

وعبّر الطبوبي السبت عن رفضه للانتخابات النيابية المقررة هذا الشهر، معتبرا أنها دون “طعم ولا لون”، في موقف وصفته أوساط سياسية تونسية بأنه خروج واضح عن الدور الاجتماعي للاتحاد القائم على المطلبية والحوار مع السلطة، وتعبير واضح عن رغبة الاتحاد في لعب دور سياسي في المرحلة المقبلة ليس كمنظمة نقابية، ولكن كحزب سياسي.

◘ الاتحاد بات يغيّر مكان الهدف وأبعاد الملعب للهروب من أيّ التزام يمكن محاسبته عليه، فمرة الرواتب ومرة أسعار المواد الأساسية، ومرة الانتخابات التشريعية

واستغربت الأوساط السياسية التونسية التوتر في خطاب الاتحاد، خاصة أنه ليس ثمة داع لكل هذا التصعيد، مستبعدة أن يكون الأمر مرتبطا بموضوع الانتخابات التشريعية الذي بات قضية جانبية قياسا بالحسابات الأخرى للاتحاد بعد أن شعر أن الأمور بدأت تتحسن مع التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد وشهادة منظمة فيتش التي رفعت من تصنيف تونس وأرسلت إشارات إيجابية للمستثمرين والمانحين.

وترى هذه الأوساط أن الاتحاد منزعج من أن الأمور تسير دونه، وأن صندوق النقد الدولي لم يعد يشترط أن تكون موافقة المنظمة النقابية ضرورية للتوصل إلى الاتفاق بعد أن لمس عدم الجدية في مقاربة الإصلاحات والرغبة في الهروب إلى الأمام، في الوقت الذي يحرص فيه الصندوق على مواعيد واضحة وملزمة لبدء خطوات الإصلاح.

وقال الطبوبي في خطاب في العاصمة تونس أمام الآلاف من أنصار النقابة “نحن مقدمون على انتخابات بلا لون ولا طعم، جاءت وليدة دستور لم يكن تشاركيا ولا محلّ إجماع وموافقة الأغلبية وصيغ على قانون مُسقط احتوى ثغرات وخللا”.

وفي ظل إنكار الاتحاد لمواقفه الداعمة لمسار قيس سعيد الذي بدأه في 25 يوليو 2021 بعد أن سانده واعتبره خطوة ضرورية لإنقاذ البلاد، بات السؤال الآن: هل سيستمر الرئيس سعيد في تنفيذ برنامجه متعدد الأوجه بما في ذلك الإصلاحات الاقتصادية والتحكم في المالية العمومية ومنع التلاعب بالمال العام، أم أنه سيقبل بأن يفرض الاتحاد عليه ما يريد ويدفعه إلى التراجع خوفا من التلويح بالإضرابات.

ويقول مراقبون إن الاتحاد ليست له رؤية واضحة وثابتة، فهو مع قيس سعيد في وقت ومع المعارضة في وقت آخر، وتحركه ضغوط سياسية داخله بين مجموعات بأجندات متعارضة كل واحدة تريد أن تثبت أنها الأقوى من خلال الدفع إلى التصعيد.

وأشار المراقبون إلى أن مواقف الطبوبي متقلبة، وأنه بعد أن وقّع اتفاقا مع حكومة نجلاء بودن بشأن زيادة الرواتب وأخذ معها الصور وأشاد بالاتفاق، خرج بعد أيام ليقول إن هذا الاتفاق معزول في نقطة جزئية، وإن لديه مطالب أخرى وشروطا يجب أن تتحقق أو أنه سيحول البلاد إلى ساحة حرب كما قال الطبوبي منذ يومين “إذا أردتموها معركة اجتماعية فيلكن ذلك”.

بات الاتحاد يغيّر مكان الهدف وأبعاد الملعب للهروب من أيّ التزام يمكن محاسبته عليه، فمرة الرواتب ومرة أسعار المواد الأساسية، ومرة الانتخابات التشريعية، وفي كل مرة تجاوب فيها الرئيس سعيد كان الاتحاد يغير مواقفه ومطالبه بما فيها تأييده لقرارات الرئيس في البداية ثم الانقلاب في موقفه ورفضها.

وطالب الطبوبي في خطابه الحكومة بالكشف عن برنامج الإصلاحات الاقتصادية الذي اتفقت عليه مع صندوق النقد الدولي.

وتعاني تونس صعوبات اقتصادية منذ ثورة 2011، تفاقمت بسبب جائحة كوفيد مع تباطؤ النمو وارتفاع معدلات البطالة.

◘ الاتحاد منزعج من أن الأمور تسير دونه، وأن صندوق النقد لم يعد يشترط أن تكون موافقته ضرورية للتوصل إلى الاتفاق

وتوصلت تونس التي تتجاوز ديونها 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي منتصف أكتوبر الماضي للحصول على قرض جديد بنحو ملياري دولار يتم صرفه على أقساط تبدأ في نهاية الشهر الحالي.

في المقابل، التزمت حكومة بودن بإنجاز إصلاحات تشمل الرفع التدريجي للدعم الحكومي عن منتجات أساسية غذائية وفي مجال الطاقة، وإعادة هيكلة شركات عامة تحتكر العديد من القطاعات وتعيش حالة من الفوضى وهيمنة للبيروقراطية والفساد.

ومثّل تمسك الحكومة بالاتفاق والاستعداد لتنفيذه بالتنسيق مع الصندوق العنصر الذي زاد من توتر خطابات الطبوبي، وآخرها هجومه على الانتخابات.

وأقرّ الرئيس سعيّد انتخابات نيابية في الـ17 من ديسمبر الجاري بعد أن حلّ البرلمان السابق. كما أصدر في سبتمبر الماضي قانونا انتخابيا يقلّص بشكل كبير من دور الأحزاب السياسية.

ويعتمد القانون الانتخابي الجديد النظام الأكثري الفردي على دورتين بدلا من الانتخاب على أساس القوائم الذي كان معمولا به.

وسيتألف البرلمان الجديد من 161 نائبا، وستكون صلاحياته محدودة للغاية بموجب الدستور الجديد الذي أقر في استفتاء نظّمه سعيّد في يوليو شهد مقاطعة كبيرة.

وتقدم 1058 مرشحا لهذه الانتخابات التي تواجه انتقادات وبالأخص مع غياب تام لمرشحين في دوائر بالخارج واقتصار دوائر أخرى على مرشح واحد.

 

• اقرأ أيضا:

          أزمة عمال الحضائر: اتفاقيات حكومية سابقة تضغط على حكومة بودن

1