الاتحاد العام التونسي للشغل يستبق أزمة داخلية بتصعيد شكلي ضد الحكومة

المنظمة الشغيلة تلوح بمعركة اجتماعية وسط شكوك في قدرته على حشد الشارع.
الجمعة 2022/12/02
تصعيد يثير تساؤلات عدة

تونس – يرجح محللون أن يكون خطاب التصعيد الذي ينتهجه اتحاد الشغل منذ أسابيع واشتد الأربعاء بعد تلويح أمينه العام نورالدين الطبوبي بمعركة اجتماعية، مجرد تصعيد شكلي الهدف منه احتواء قواعده الغاضبة من الاتفاق الذي وقعه مع الحكومة في سبتمبر الماضي.

وخلال كلمة في تجمع لمئات من عمال النقل بتونس العاصمة للمطالبة بحقوق معيشية واجتماعية، قال الطبوبي “إذا أردتموها معركة اجتماعية فليكن ذلك (…) المنظمة ستظل دائما في صف الشعب وستكون تجمعات وتحركات قطاعية ووطنية”.

ومنتصف سبتمبر الماضي وقّعت رئيسة الحكومة نجلاء بودن والطبوبي اتفاقا لزيادة الرواتب بنسبة 5 في المئة خلال السنوات الثلاث المقبلة كمعدل عام.

طارق الكحلاوي: إذا كان الاتحاد ينوي التصعيد لم يكن ليمضي اتفاق الرواتب
طارق الكحلاوي: إذا كان الاتحاد ينوي التصعيد لم يكن ليمضي اتفاق الرواتب

وأضاف الطبوبي “قمنا بمفاوضات اجتماعية وكنا نعرف أن الاتفاق لا يلبي طموحات الطبقة العاملة (…) لكن وضعنا فصلا (مادة في الاتفاق) بتقييم المفاوضات في ظل التضخم وزيادة سعر الفائدة (…) واليوم نقول إننا في حِل من كل الالتزامات”.

وفي الثالث والعشرين نوفمبر الماضي أقرت الحكومة زيادة في أسعار الوقود، هي الخامسة خلال العام الحالي، ضمن برنامج تعديل أسعار البترول.

وزاد الطبوبي “الحكومة تتحايل على شعبنا في رفع الدعم (…) رُفع بطرق ملتوية بالزيادات في الطاقة وغيرها”.

وكشف أن “الاتحاد سيعلن خطابا رسميا الثلاثاء المقبل يسمي فيه الأشياء بمسمياتها (…) الاتحاد لا يخشى السجون وسيكون قريبا في قلب المعركة الوطنية، ويرفض أن يتم تعليق فشل السلطة على تحركاته”.

وقلل المدير السابق للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية (تابع للرئاسة) طارق الكحلاوي من دلالات خطاب الطبوبي.

وأضاف الكحلاوي أنه “إذا كان الاتحاد ينوي التصعيد لم يكن ليمضي اتفاق زيادة الرواتب مع الحكومة وهو يعرف أن صندوق النقد الدولي كان يشترط ذلك للموافقة على القرض”.

ورأى أن “الاتحاد يريد أخذ مسافة من الحكومة لأنه يعتبر أنها قلمت أظافره في ظل وجود ضغط من الاتحادات الجهوية والقواعد والقيادة النقابية وهو يعرف أن الضغط إذا توسع يصعب احتواؤه”.

وخلص إلى أن “التصعيد موجه لاحتواء غضب القواعد لأنه متوقع أن يحدث غضب اجتماعي بعد الزيادات الأخيرة (في الأسعار)”.

واعتبر أنه “غير متوقع أن يكون الاتحاد قادرا على التعبئة في اتجاه الرفض لأنه في وضع صعب”.

ورأى الكحلاوي أن “الإضراب العام ليوم السادس عشر يونيو الماضي أظهر أن أقصى ما يمكن انتظاره هو عدم ذهاب العمال إلى العمل دون القدرة على النزول إلى الشارع للدفاع عن مطالب الاتحاد”.

وتابع “الاتحاد يمكنه التملص من وضع الخضوع للحكومة، لكن بشرط تغير موازين القوى في الشارع من خلال احتجاجات قوية ضد النظام”.

لكن الباحث في علم الاجتماع هشام الحاجي لا يوافق الكحلاوي الرأي ويرى “أهم خلفية، بجانب تردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي، هي أن هذا الخطاب يعد شكلا من أشكال رد الفعل على انفراد السلطة بالرأي والقرار”.

وأضاف “الثلاثاء، كان هناك اجتماع بين الاتحاد والحكومة وأُلغي لأن الحكومة ألغت في آخر وقت جدول الأعمال، كما أن رئيسة الحكومة غابت عنه (…) هناك استخفاف واستهتار باتحاد الشغل”.

واعتبر الحاجي أن “الحكومة توهمت أنها حيّدت الاتحاد اجتماعيا بعد أن عقدت معه الاتفاق حول الزيادة في الرواتب، وهذا دليل على أن الحكومة لا تعرف كيف يفكر النقابيون ولا تعرف جيدا تاريخ تونس”.

وتابع “الخطاب التصعيدي للاتحاد يأتي في إطار انتخابات تشريعية دون اهتمام الرأي العام والتشكيك في جدواها ووسط دعوات واسعة للمقاطعة”.

وهذه الانتخابات ضمن إجراءات سعيد الاستثنائية ومنها إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وتمرير دستور جديد من خلال استفتاء في الخامس والعشرين يوليو الماضي.

وحول ردود الفعل المتوقعة من الحكومة تجاه خطاب الطبوبي التصعيدي الأربعاء، قال الحاجي إن “الحكومة ستواصل الصمت واللامبالاة (…) وأتوقع أن تواصل المضي قدما في نهجها هذا وهو مكلف”.

الأمر نفسه ذهب إليه الكحلاوي بقوله “ستصمت الحكومة ولن تتفاعل مع خطاب الطبوبي (…) سياسة الحكومة هي أن تفعل وتتصرف وتتخذ القرارات وعلى الاتحاد أن يقبل”.

ويواجه الاقتصاد التونسي أسوأ أزمة منذ الاستقلال في خمسينات القرن الماضي بسبب عدم الاستقرار السياسي منذ ثورة 2011 وتداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية، وسط مطالبات للسلطات بالقيام بإصلاحات اقتصادية.

4