الاتحاد العام التونسي للشغل يتهم حركة النهضة بالعمل على خصخصة المؤسسات العمومية

إقالة ألفة الحامدي المديرة التنفيذية لشركة الخطوط التونسية بعد خلافات مع اتحاد الشغل.
الاثنين 2021/02/22
احتجاج على أزمة لا توجد بوادر لحلها

تونس - اتهم الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي حركة النهضة، بأنها تتحمل المسؤولية عن الأزمة المتعلقة بشركة الخطوط التونسية "تونيسار".

وأعلنت الحكومة التونسية الاثنين، إعفاء ألفة الحامدي من مهامها كرئيسة مديرة عامة للخطوط التونسية "تونيسار".

وقال الطبوبي في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن قرار إقالة الرئيسة المديرة العامة للتونيسار ألفة الحامدي من منصبها، كان منتظرا نظرا "للشطحات" التي صدرت عنها، معتبرا أنها "لا تعبر عن النساء التونسيات اللواتي يتحملن مسؤوليات في الإدارة التونسية وبرهنّ على قدراتهن".

وشدّد الطبوبي، الذي نفى أن يكون للاتحاد دور في إقالة الحامدي، على أن حركة النهضة تدعم ألفة الحامدي بغية السيطرة على المؤسسات الوطنية، والعمل على التفريط فيها لجهات أجنبية.

وقال إن أنور معروف وزير النقل سابقا، وأحد رجال حركة النهضة، هو من قدّم الحامدي لتعيينها على رأس الخطوط التونسية، متابعا "إنهم منفتحون على الإصلاح ودراساتنا جاهزة لكنهم لا يريدون ذلك، هم يريدون احتلال تونس من خلال المطارات".

وكان أنور معروف أعلن خلال توليه وزارة النقل عن مشروع ارتباط بين الخطوط التونسية والخطوط القطرية، وهو ما رفضه المدير العام  لتونيسار آنذاك إلياس المنكبي، محذرا من مخططات للتفريط تدريجيا في المؤسسة الوطنية.

وشدّد أمين عام الاتحاد على أن المنظمة الشغيلة لن تفرّط في المؤسسات التونسية و"لن نسلم تونس للذين يتعاملون معها كغنيمة"، مشيرا إلى أن "ألفة الحامدي قابلت سفير أميركا في منزله، وسفير تركيا بفعل فاعل، وقرار العقلة مخطط لتشويه الناقلة الوطنية".

وتأتي إقالة الحامدي بعد خلافات حادة مع اتحاد الشغل، النقابة العمالية ذات النفوذ القوي، وانتقادات حادة وجهت إليها، بأنها ليست مؤهلة لإصلاح الشركة التي تعاني صعوبات مالية كبيرة، وبأن ترؤسها للناقلة الوطنية يهدف فقط إلى بيعها.

وأوضح وزير النقل واللوجستيك معز شقشوق الاثنين، أن إعفاء الحامدي كان على خلفية خرقها لواجب التحفّظ، وذلك بعد نشرها لوثائق إدارية سرّية (بين تونيسار واتحاد الشغل) يُمنع نشرها للعموم، وهو ما يعتبر ''خرقا لنواميس الدولة''.

وشدّد على أنّ الحامدي لم تلتزم بقرارات الوزارة ونواميسها، "وكانت منشغلة بأشياء أخرى مثل الفيسبوك بنشرها وثائق خاصة عليه، وهذا ليس من أسلوب عملنا.. ولم نعُد نستطيع العمل بهذه الطريقة''.

واشتعلت في الأيام القليلة الماضية حرب التصريحات وتبادل الاتهامات بين الحامدي والأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي، فبعد أن اتهم الطبوبي الحامدي بأنها ليست الشخص المناسب في المكان المناسب، توجهت إليه الأخيرة الأحد، برسالة استهلتها بالقول ''الرجل غير المناسب، في المكان المناسب''.

وكشفت الحامدي في نص الرسالة، أنها تلقت بعد توليها رئاسة مجلس إدارة الخطوط التونسية بأيام، رسالة من أمين عام اتحاد الشغل يطالب فيها بتسبقة عن معلوم انخراط أعوان المؤسسة، وتكلفة هذه التسبقة تُقدّر بالمليارات.

وأضافت أن الطبوبي استند في ذلك على منشور رئيس الحكومة رقم واحد لسنة 2021.

وقالت الحامدي إنها قامت بالبحث عن هذا المنشور ولم تجده في الموقع الرسمي لرئاسة الحكومة، مضيفة أنه نظرا للوضعية الصعبة للخطوط التونسية، فقد رفضت إسناد هذه التسبقة، وعوّلت في ذلك على تفهم اتحاد الشغل للوضعية الصعبة للشركة.

وتساءلت كيف يدّعي السيد الطبوبي نيته إنقاذ الغزالة (صفة الشركة) وهو أول من يطلب الأموال من مؤسسة مريضة وفي وضعية حرجة؟

وتابعت ''هل تحامل السيد نورالدين الطبوبي تجاهي مرتبط بهذا القرار الذي اتخذته؟".

وردّ الناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري، في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، موضحا أنّ "طلب تسبقة عن الانخراط أمر معتاد ويتم مع جميع المؤسسات، وهي أموال المنخرطين وليست أموال المؤسسات".

وقال الطاهري إنّ منشور رئيس الحكومة الذي استند إليه أمين عام الاتحاد في رسالته إلى شركة الخطوط التونسية "متوفّر في كلّ مكان، والادّعاء بالبحث عنه وعدم العثور عليه ادّعاء سخيف في دولة ومؤسّسات ومراسلات رسمية".

واعتبر الناطق الرسمي للاتحاد أن "طريقة نشر مراسلة بين مؤسّسات لا يعكس قدرة على التسيير وعلى الإدارة وعلى التعاطي مع ملف مؤسّسة عريقة كالخطوط التونسية" مشيرا إلى أنّ "الحامدي لم تراسل الاتحاد لا بالرفض ولا بالقبول".

وأوضح الطاهري أن الانخراط الشهري في الاتحاد يقدّر بـ3 دنانير (1.11 دولار)، أي حوالي 36 دينارا (13.30 دولار) في العام.

وتابع "عدد أعوان الخطوط التونسية 8 آلاف..على فرض انخراط جميع الأعوان فالقيمة لا تتجاوز 288 ألف دينار (106.390 ألف دولار)..التسبقة لا يمكن في هذه الحالة أن تصل إلى المليارات".

وطالب الناطق الرسمي للاتحاد "بفتح تحقيق في صحّة شهادات وتجربة الحامدي على رأس الخطوط التونسية".

وتواجه شركة الخطوط الجوية التونسية أزمة تفاقمت خلال السنوات الماضية، إذ زاد مستوى تردي خدماتها، وهو ما طرح تساؤلات متواترة حول ما يحدث في هذه الشركة، وما إذا كانت أزمتها حقيقيّة أم مفتعلة بغية تسهيل مهمة التفريط فيها للقطاع الخاص.

وتفيد تقارير بأنّ الشركة خسرت حتى منتصف مارس 2020 نحو 36 مليون دينار (13.36 مليون دولار) بسبب تعليق الرحلات، لكن مشكلات الخطوط التونسية ليست جديدة، فقد بدأت منذ العام 2011 وتفاقمت بعد تدهور قطاع السياحة وتراجع عائداته بسبب الهجمات الإرهابية.

والأسبوع الماضي، عمدت شركة تاف التركية إلى الحجز على كافة الحسابات المصرفية للخطوط الجوية التونسية، لمطالبتها بتسديد ديون بقيمة 28 مليون دينار (10.181 مليون دولار).

ورأى أمين عام الاتحاد نورالدين الطبوبي أثناء مشاركته في تحرك احتجاجي السبت، أن خطوة الشركة التركية تعتبر إعادة للدولة العثمانية في تونس، مستشهدا بإغراق الأسواق بالسلع التركية ثم الشركات التي لم تحترم حتى حقوق العمال، مُشددا على أن معركة القطاع العام هي معركة جوهرية متعلقة بالسيادة الوطنية ومكانة تونس.

وكان المئات من موظفي الشركة احتجوا الجمعة، وهددوا بإضراب عام بسبب غياب برنامج فوري للإصلاح وتجميد حسابات الشركة المصرفية من جانب شركة تاف التركية. وتم رفع تجميد الحساب في وقت لاحق.

وتتفق الحكومة التونسية والنقابة والمقرضون الأجانب على ضرورة تنفيذ إصلاحات عاجلة للخطوط التونسية المملوكة للدولة.

وتضم الشركة، التي لا يتجاوز أسطولها 28 طائرة من بينها 15 قيد التشغيل حاليا، حوالي ثمانية آلاف موظف. ونسبة العاملين مقارنة بعدد الطائرات لدى الشركة هي الأعلى بين شركات الطيران في العالم.

ويعارض الاتحاد العام التونسي للشغل أي خطة إصلاحات تتضمن خصخصة الشركة، ويقول إنه يرغب في إصلاحات تدعم ربحيتها.