الاتحاد الأوروبي يستعد لتشديد العقوبات على بيلاروسيا بسبب أزمة الهجرة

يتجه الاتحاد الأوروبي لتشديد عقوباته على بيلاروسيا في ظل أزمة الهجرة التي يُتهم نظام الرئيس ألكسندر لوكاشينكو باستغلالها لتخفيف العقوبات السابقة، وبالرغم من تعهده الاثنين بإعادة المهاجرين إلى بلدانهم بعد أن احتشدوا على الحدود مع بولندا إلا أن حظوظ رئيس بيلاروسيا في إقناع الأوروبيين بالعدول عن تشديد العقوبات ضئيلة.
بروكسل- يستعد الاتحاد الأوروبي لتشديد عقوباته ضد بيلاروسيا بسبب أزمة الهجرة الأخيرة، ما يهدد بتصاعد الأزمة التي تُتهم مينسك باستغلالها من أجل التخفيف من حدة العقوبات السابقة المفروضة من قبل التكتل الأوروبي.
وقبيل بدء اجتماع في بروكسل للاتحاد قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن الاتحاد سيشدد العقوبات كرد فعل على استغلال المهاجرين.
وقال ماس لدى وصوله لحضور اجتماع وزراء خارجية الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إن الرئيس البيلاروسي ألكسندر “لوكاشينكو يطالب برفع جميع العقوبات. سنرد اليوم: سنزيد من تشديد العقوبات”.
وأشار بشكل خاص إلى “المزيد من التشدد” بحق المتورطين في تهريب المهاجرين، معتبرا أيضا أنه “لا مفر من العقوبات الاقتصادية المشددة”. وأضاف “سنواصل نهج التشدد هذا لأنه لا يوجد بديل معقول”.
والاثنين قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي التقى الأحد وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكي، في أول اتصال رفيع المستوى بين الاتحاد الأوروبي ومينسك منذ بداية هذه الأزمة، “في ما يتعلق بتدفق اللاجئين، أصبحت الأمور تحت السيطرة”.

ألكسندر لوكاشينكو: بيلاروسيا لا تريد أن تتحول الأزمة إلى صراع
وأضاف “سنقر اليوم (الاثنين) حزمة جديدة من العقوبات ضد البيلاروسيين المسؤولين عما يحدث. وسنوسع نطاق هذه العقوبات لتشمل أشخاصا آخرين وشركات طيران ومكاتب سفر وجميع المتورطين في نقل المهاجرين غير القانونيين إلى حدودنا”.
وتتهم الحكومات الغربية نظام لوكاشينكو باستدراج المهاجرين إلى بلاده وإرسالهم إلى الحدود للعبور إلى الاتحاد الأوروبي. وينفي لوكاشينكو الذي يتولى السلطة منذ نحو ثلاثة عقود هذه الاتهامات ويلقي باللوم على الغرب.
وفي محاولة منه لاستباق فرض عقوبات جديدة على بلاده قال لوكاشينكو الاثنين إن “بيلاروسيا تعمل على إعادة المهاجرين -ومعظمهم من الشرق الأوسط- الذين تجمّعوا عند حدودها مع بولندا إلى بلدانهم”.
ومنذ أشهر يحاول آلاف المهاجرين من الشرق الأوسط العبور من بيلاروسيا إلى بولندا العضو في الاتحاد الأوروبي، وقد تصاعدت التوترات الأسبوع الماضي بالتزامن مع رفض حرس الحدود البولندي الجهود المنسقة لعبور هؤلاء الحدود.
وقال لوكاشينكو إن بلاده لا تريد أن تتطور الأزمة إلى صراع، وإنها تعمل على إعادة الآلاف من المهاجرين العالقين عند حدودها مع بولندا إلى بلدانهم.
ونقلت وكالة “بيلتا” الرسمية عنه قوله إن “العمل جار بشكل نشط في هذه المنطقة لإقناع الناس (بضرورة العودة، راجين منهم ذلك بقولنا) أرجوكم عودوا إلى دياركم. لكن لا أحد يرغب في العودة”.
وذكر أنه بإمكان بيلاروسيا نقل المهاجرين في ناقلتها الوطنية “بيلافيا” إلى ألمانيا ما لم توفر بولندا “ممرا إنسانيا”. وقال “سنرسلهم إلى ميونخ على متن طائراتنا إذا لزم الأمر”. لكن محاولات لوكاشينكو لتدارك الموقف لا تلقى قبولا لدى الأوروبيين.
وخلال اجتماع الاتحاد الأوروبي الاثنين قال وزير الخارجية الليتواني غابرييليوس لاندسبيرغيس إنه لا يوجد سبب يدفعه إلى تصديق لوكاشينكو. وأضاف “دعونا نأمل فقط في هذه المرحلة أن يقول أمرا حقيقيا”.
وواجهت بيلاروسيا سلسلة من العقوبات الأوروبية ردا على حملة قمع المعارضة بعد الانتخابات الرئاسية العام الماضي وقرار لوكاشينكو تغيير مسار رحلة لطائرة “راين إير” في وقت سابق من العام الحالي لاحتجاز ناشط.

غابرييليوس لاندسبيرغيس قال إنه لا يوجد سبب يدفعه إلى تصديق لوكاشينكو
وينفي لوكاشينكو الاتهامات بأنه ينظم تدفق المهاجرين على الحدود قائلا إن الأمر مكلف جدا بالنسبة إلى بلاده. وقال “لم نقم بهذا الأمر مطلقا ولا نعتزم القيام به”. وكرر تحذيراته من أن بيلاروسيا ستدافع عن نفسها إذا فُرضت عليها عقوبات جديدة.
وتمكنت بيلاروسيا من تخطي العزلة المتزايدة بمساعدة ودعم من موسكو، الداعمة السياسية والمالية الرئيسية.
وفي نهاية الأسبوع نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الادعاءات التي تفيد بأن موسكو تساعد على تنظيم الأزمة وألقى باللوم على السياسات الغربية في الشرق الأوسط.
وقال الكرملين الاثنين إنه من الخطأ تحميل الرئيس البيلاروسي المسؤولية الكاملة عن أزمة الهجرة عند الحدود مع بولندا. وأضاف الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف “لوكاشينكو ليس المتسبب في الوضع الحاصل عند الحدود… من الخطأ تماما تحميل لوكاشينكو كامل المسؤولية”.
وتقول بيلاروسيا إن هناك قرابة ألفي شخص في مخيم المهاجرين، من بينهم نساء حوامل وأطفال، فيما تقول بولندا إن هناك ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف مهاجر على الحدود.
وقدّمت السلطات البيلاروسية مساعدات تشمل خياما ومدافئ، وهي خطوة قد تجعل وجود المخيم شبه دائم على الحدود. ورفضت بولندا السماح للمهاجرين بالدخول واتهمت بيلاروسيا بمنعهم من المغادرة.
وتقول وكالات إغاثة إن عشرة مهاجرين على الأقل لقوا حتفهم حتى الآن، مضيفة أن أزمة إنسانية تحدث بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، وحضّت على وقف التصعيد لمساعدة المهاجرين.
وأفادت الشرطة المحلية في منطقة بودلاسي في بولندا الاثنين بأن أربعة أوروبيين أوقفوا خلال عمليات تفتيش على الطرق بتهمة “المساعدة على عبور الحدود بشكل غير قانوني”.
والاثنين تجمّعت حشود المهاجرين عند معبر حدودي مغلق بين بولندا وبيلاروسيا، وفق ما أظهرته مقاطع فيديو نشرها حرس الحدود وجنود بولنديون.
قبيل بدء اجتماع في بروكسل للاتحاد قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن الاتحاد سيشدد العقوبات كرد فعل على استغلال المهاجرين
وقالت وزارة الدفاع على تويتر “ترسل القوات البيلاروسية أعدادا متزايدة من المهاجرين إلى معبر كوزنيكا الحدودي”، مرفقة تغريدتها بمقاطع فيديو تظهر المئات من المهاجرين أمام عناصر من الشرطة والجنود البولنديين.
ومن جانبها أعلنت الناقلة الوطنية البيلاروسية “بيلافيا” منع المسافرين السوريين والعراقيين واليمنيين والأفغان من الصعود على متن رحلاتها القادمة من الإمارات بطلب من الأخيرة.
وفي بيان موجّه إلى مواطني الدول الأربع نشرته “بيلافيا” على موقعها قالت إنه لن يُسمح لهم بالصعود على متن الرحلات المتجهة من دبي إلى بيلاروسيا “تماشيا مع قرار السلطات المعنية في الإمارات العربية المتحدة”.