الاتحاد الأوروبي يتوصل لميثاق نهائي للهجرة بعد 10 سنوات من الانقسامات

بروكسيل - أعلن الاتحاد الأوروبي الثلاثاء عن الميثاق النهائي للهجرة واللجوء، في إصلاح تاريخي لسياسته المتعلقة بالهجرة، وذلك بعد نحو عقد من الجدل وقبل شهر من الانتخابات الأوروبية التي يُتوقع أن تشهد صعودا لأحزاب اليمين المتطرف، في انتظار أن تدخل الإجراءات الجديدة حيز التنفيذ في العام 2026، بعد أن تحدد المفوضية الأوروبية كيفية تطبيقها.
و يأتي هذا الميثاق في ظل مجموعة من المخاوف وانتقادات من حقوقيين ومنظمات حقوقية أوروبية يقولون إنه سيسمح للدول باحتجاز المهاجرين على الحدود وأخذ بصمات الأطفال ويهدف إلى إبعاد اللاجئين وينتهك حقهم في طلب اللجوء، فيما قالت منظمة العفو الدولية إن هذه التشريعات "ستؤدي إلى مزيد من المعاناة الإنسانية".
من جانبه حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان له، من تسبُّب سياسات الاتحاد الأوروبي في التعامل مع ملف الهجرة غير النظامية في تفاقم معاناة الفئات المستهدفة وعدم استقرارهم وذلك عبر إبرام اتفاقات مع دول ثالثة، مؤكدا على أن "أزمة الهجرة واللجوء لا تُعالج بنظام هجرة أوروبي يستبدل المسؤولية الواجبة بالمال، بل بوجود ميثاق منسق ومستدام يكون محوره الإنسان ووجود إطار عمل مشترك وفقًا لما جاء في اتفاقية اللاجئين للعام 1951، وكما جاء في المادة 78 من معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي، بما يخص الحق الأساسي للمهاجرين في طلب الحماية."
وبموجب القوانين الجديدة، ستحتجز مراكز حدودية مستحدثة المهاجرين غير النظاميين أثناء درس طلبات لجوئهم، على أن تُسرّع كذلك عمليات ترحيل المرفوضين من دخول الاتحاد الأوروبي. كما تلزم الحزمة دول التكتل باستقبال آلاف طالبي اللجوء من دول "الخطوط الأمامية"، مثل إيطاليا واليونان، أو، في حال رفضها ذلك، بتقديم الأموال وموارد أخرى للدول التي تتعرض لضغوط جراء استقبال اللاجئين.
وفي تنفيذ الميثاق، أيضا يتعين على دول الاعضاء أن تضمن عدم ممارسة الاحتجاز بشكل منهجي، وأن يتم التعامل مع الأفراد دائمًا كأفراد،إضافة الى أنه من الضروري أن يستمر المهاجرون في الحصول على الدعم والمساعدات الإنسانية ، وهو ما أشار إليه مدير وحدة الهجرة والنزوح في الاتحاد الدولي في تصريح اعلامي سابق.
وصوت وزراء حكومات الدول الأعضاء بالاتحاد لصالح 10 تشريعات جديدة تضع قواعد للتعامل مع المهاجرين الذين يحاولون الدخول دون تصريح، بدءا من كيفية فحصهم لتحديد ما إذا كانوا مؤهلين للحصول على الحماية وحق اللجوء وحتى ترحيلهم إذا لم يُسمح لهم بالبقاء.
ووفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، تعتبر تشريعات الهجرة واللجوء هذه "ثمرة سنوات من المفاوضات الشاقّة"، بدأت بعد التدفق الهائل للمهاجرين غير النظاميين من سوريا وأفغانستان في العام 2015 إلى دول الاتحاد الأوروبي، إذ وصل نحو 4.5 ملايين مهاجر إلى أوروبا في عام 2023، من بينهم حوالي مليون شخص دخلوا التكتل بدون تأشيرات أو تصاريح.
وتزامنا مع توقيع الإصلاحات الجديدة، يكثف الاتحاد الأوروبي استخدام صفقاته مع دول العبور والمنشأ، التي تهدف إلى الحد من عدد الوافدين، حيث أبرم في الأشهر الأخيرة اتفاقات مع تونس وموريتانيا ومصر لكبح تدفق المهاجرين.
كما سبق أن تم توقيع اتفاق في عام 2016 مع تركيا، يقضي بأن تحتفظ البلاد باللاجئين السوريين على أراضيها، إضافة الى التزام الاتحاد الأوروبي، بشكل مثير للجدل، بتدريب وتجهيز خفر السواحل الليبيين وذلك على الرغم من المخاوف بشأن سوء معاملة المهاجرين في هذا البلد الغارق في الفوضى منذ سنوات.
وتم التوصل إلى اتفاق مع موريتانيا يقضي برصد 210 ملايين يورو وينص على زيادة التعاون مع وكالة حرس الحدود الأوروبية "فرونتكس".
وسبق أن أعلنت المفوضية الأوروبية في سبتمبر 2023 تخصيص مساعدات لتونس بقيمة 127 مليون يورو، تندرج ضمن بنود مذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين، جزء منها للحد من توافد المهاجرين غير النظاميين. ومنذ أيام أمنت المنظمة الدولية للهجرة بتونس العودة الطوعية لـ161 مهاجرا من تونس إلى غامبيا ضمن برنامج العودة الطوعية وإعادة الإدماج.
وسيستفيد جميع هؤلاء المهاجرين من المساعدة المخصصة لإعادة الإدماج بما في ذلك الدعم الطبي المستمر عند عودتهم إلى وطنهم لإعادة بناء حياتهم، وفق ما جاء في صفحة المنظمة على فيسبوك.
ويعد وسط البحر الأبيض المتوسط طريق الهجرة الأكثر خطورة، حيث قضى أو فقد ما يقرب من 2500 شخص في عام 2023.